هل يعود الفلسطينيون والإسرائيليون إلى طاولة المفاوضات؟

هل يعود الفلسطينيون والإسرائيليون إلى طاولة المفاوضات؟

بإعلان وسائل إعلام أمريكية (في 7 نوفمبر/تشرين ثاني الماضي) فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، وخسارة المرشح الجمهوري الرئيس الحالي دونالد ترامب، تنفّس الفلسطينيون الصعداء.

ومع غياب واضح للحديث عن المفاوضات، في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، فإن مسؤولين فلسطينيين أبدوا استعدادهم للعودة إلى المفاوضات وإن كان بشروط يتوقع محللون أن يتراجعوا عنها.

ففي العاشر من نوفمبر، أبدى الرئيس محمود عباس، استعداده “لفتح صفحة جديدة من أجل السلام والأمن والاستقرار للجميع في منطقتنا والعالم”.

وفي 18 من ذات الشهر، أعرب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، عن أمله في أن تدعم الإدارة الأمريكية الجديدة حل الدولتين.

وقال إن “المطلوب من إسرائيل الموافقة على عقد مؤتمر سلام برعاية دولية، أو استئناف المفاوضات من حيث توقفت، أو احترام الاتفاقيات الموقعة والالتزام بها”.

وفي 17 نوفمبر، أعلنت السلطة الفلسطينية استئناف التنسيق “الأمني والمدني” مع إسرائيل بعد وقفه بقرار من الرئيس عباس في 19 مايو/ أيار الماضي، احتجاجا على مخطط إسرائيلي يستهدف ضم نحو ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة.

وأشادت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بالخطوة الفلسطينية، وأبدت استعداد بلادها لعقد اجتماع لمجموعة ميونخ (ألمانيا وفرنسا ومصر والأردن) تشارك فيه فلسطين وإسرائيل.

ورجّح محللون فلسطينيون، عودة مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، بعد نحو ست سنوات على توقفها.

وتوقفت مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ أبريل/ نيسان 2014؛ لعدة أسباب بينها رفض إسرائيل إطلاق سراح معتقلين قدامى، ووقف الاستيطان.

خطوات تمهيدية

يقول المحلل السياسي الدكتور نعمان عمرو، إن “ضغوطات على السلطة والقيادة الفلسطينية، ووعود أمريكية بإنهاء الحصار المالي على السلطة، قد تعيد السلطة للمفاوضات”.

ويشير إلى وجود “رسائل متبادلة ووعود بفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن وإعادة المساعدات الأمريكية، ورفع الحصار العربي عن السلطة”.

ومؤخرا، أكد أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، أن مسؤولين من الحزب الديمقراطي الأمريكي، تواصلوا مع القيادة الفلسطينية قبيل الانتخابات، وأكد لهم الجانب الفلسطيني أن “قرارات الشرعية الدولية هي أساس أي علاقة مستقبلية مع الإدارة الأمريكية”.

وعمل ترامب منذ توليه رئاسة البيت الأبيض مطلع 2017، على قطع تدريجي للمساعدات المالية عن الفلسطينيين، وأغلق مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وحساباتها المصرفية.

وأعلنت السلطة الفلسطينية قطع اتصالاتها مع إدارة ترامب منذ إعلانه في 6 ديسمبر/ كانون أول 2017 القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.

ويتوقع عمرو، استئناف الولايات المتحدة مساعيها لإعادة المفاوضات “بعد المئة يوم الأولى من ولاية بايدن، أي خلال مارس/ آذار القادم، وربما دعوة الرئيس الفلسطيني إلى البيت الأبيض”.

ويتسلم بايدن السلطة حال إعلان فوزه رسميا السلطة في يناير/ كانون ثاني 2021، غير أن ترامب لا يزال يرفض الاعتراف بهزيمته في الانتخابات.

مفاوضات بلا نتائج

من جهته، يتوقع أستاذ العلوم السياسية، بالجامعة العربية الأمريكية أيمن يوسف “عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بعد ستة شهور من تدشين إدارة بايدن”.

ويدعّم يوسف رأيه بمجموعة أسباب، بينها تغيّر الإدارة الأمريكية “الأمر الذي سيشعر معه الجانب الفلسطيني بتغير حقيقي في سياسيات الإدارة الجديدة”.

ويرجّح الأكاديمي الفلسطيني أن تحاول إدارة بايدن إقناع الجانب الفلسطيني بالمفاوضات عبر خطوات بينها: “إعادة المساعدات الأمريكية وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن”.

وفي تصريحات سابقة، قال بايدن إنه سيعيد المساعدات للفلسطينيين، ويسعى إلى تعزيز حل الدولتين، حال فوزه.

ويشير يوسف إلى أن التطبيع العربي، كعامل ضغط، قد يدفع القيادة الفلسطينية إلى “الهرولة نحو مفاوضات بلا نتائج أو قيمة أو أهمية”.

ووقعت الإمارات والبحرين مع إسرائيل، منتصف سبتمبر/ أيلول الماضي، اتفاقيتين لتطبيع العلاقات، بالبيت الأبيض، فيما أعلن السودان موافقة مبدئية على المضي في خطوة مماثلة مع تل أبيب.

من جهته، يقول أستاذ الإعلام بجامعة القدس، محمود فطافطة، إن غياب الحديث عن المفاوضات في الجانب الإسرائيلي يعكس عدم إيمان تل أبيب بها.

ويضيف: “إسرائيل تستخدم المفاوضات كأداة لتمرير قضم مساحات واسعة من الأرض، وتمرير قرارات وإجراءات”.

ويرى أن “الضعيف هو الذي يسعى للمفاوضات”، لكنه لم يستبعد “بعض الميزات البسيطة وغير الاستراتيجية التي ستقدم للسلطة حتى تعود للمفاوضات”.

تلاشي مطلب المظلة الدولية

ويتوقف يوسف عند المطلب الفلسطيني بتدويل الرعاية لعملية السلام، وأن تجري تحت مظلة دولية.

وفي 25 سبتمبر الماضي، طالب عباس الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، البدء بخطوات عملية لعقد مؤتمر دولي للسلام، مطلع 2021، لإنجاز حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية.

ويرجّح يوسف أن يتمسك الجانب الفلسطيني بالإطار الدولي الجامع للمفاوضات، لكن في النهاية “سنجد أنفسنا أمام إطار ثلاثي: فلسطيني- أمريكي- إسرائيلي، وربما تتدخل بعض الدول العربية المطبعة، إضافة لمصر والأردن”.

من جهته يستبعد عمرو إنهاء الرعاية الأمريكية الاحتكارية لعملية السلام “فالديمقراطيون والجمهوريون لا يقبلون شركاء معهم في رعايتهم للمفاوضات”.

ويرى عمرو، أن “الرباعية الدولية مستسلمة للنفوذ الأمريكي، في حين لا تجد روسيا كقوة دولية، مصلحة في أن تقاتل من أجل الفلسطينيين”.

وتشكّلت اللجنة الرباعية الدولية عام 2002، وتضم الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وروسيا، ومهمتها تسهيل العقبات التي تعترض عملية السلام.

(الأناضول)