إسرائيل قوة أمر واقع لا يمكن تجاوزها في أي اتفاق نووي بين إيران والغرب

إسرائيل قوة أمر واقع لا يمكن تجاوزها في أي اتفاق نووي بين إيران والغرب

طهران – كشف اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده، وما سبقه من عمليات تخريبية لمنشآت إيرانية، عن حجم الاختراق الكبير لإسرائيل في إيران، وقدرة تل أبيب على تسديد ضربات أكثر من موجعة في العمق الإيراني.

وشكل اغتيال فخري زاده ضربة قاصمة لمشروع إيران النووي، وسبقت اغتياله عمليات مشابهة استهدفت علماء آخرين، ومهاجمة منشآت نووية تحت الأرض بأفراد أو بهجمات معلوماتية وسرقة ملفات حساسة.

وتقول مصادر استخباراتية دولية إن عملية الاغتيال الأخيرة تكشف نجاح الموساد الإسرائيلي في تطوير سجل معلوماتي دقيق عن المواقع النووية الإيرانية والكادر الذي يقف وراء تطويرها.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للعالم في عام 2018 نجاح عناصر المخابرات الإسرائيلية في سرقة كميات كبيرة من وثائق ومخططات خاصة ببرنامج إيران لتطوير أسلحة نووية، وحث مشاهديه على تذكر اسم فخري زاده، كاشفا عن مذكرة سرية من العالم الإيراني الراحل تصف الأنشطة النووية السرية لطهران.

وقال جون برينان، الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الأميركية، إن سعي إيران للحصول على أسلحة نووية يمثل خطرا وجوديا بالنسبة لإسرائيل ودول الخليج.

وتابع برينان “الأمر لا يتعلق بشن إيران هجوما استباقيا على أي من هذه الدول، ولكن بأنه سيكون من الصعب ردع تصرفات إيران المثيرة للاضطرابات وعدم الاستقرار، ودعمها الإرهابيين وتسليح الجماعات المتمردة وتكوين ترسانة صواريخ بعيدة المدى، إذا ما امتلكت سلاحا نوويا”.

وأكدت إسرائيل أنها تمتلك وجودا مخابراتيا قويا للغاية داخل إيران، لكن فرصة اصطياد هدف ثمين مثل فخري زاده لا تأتي كثيرا والمرجح هو أن الفرصة سنحت أمام إسرائيل، وقد اقتنصتها.

وشغل فخري زاده منصب رئيس منظمة الأبحاث والإبداع في وزارة الدفاع الإيرانية، وعبر مراقبون عن دهشتهم من دقة تنفيذ العملية الإسرائيلية، خصوصا أنها وقعت داخل الأراضي الإيرانية.

وعكست الانفجارات التي وقعت في عدة مواقع نووية إيرانية خلال الصيف الماضي قدرة إسرائيل على إنجاز جزء كبير من مهمة تدمير البرنامج النووي الإيراني عبر عمليات استخباراتية.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن في 22 ديسمبر جلسته نصف السنوية التي يستعرض خلالها الالتزام بقرار يعزز الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران والذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 2018.

في المقابل قايضت إيران الأطراف الدولية بتصويت برلمانها الثلاثاء لصالح إنهاء عمليات التفتيش الدولية لمواقعها النووية الشهر المقبل على أقرب تقدير، إذا لم ترفع الولايات المتحدة العقوبات الرئيسية التي فرضتها عليها.

ويدعو مشروع القانون الذي يتطلب خطوات عدة ليصبح قانونا نهائيا، الحكومة ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى “وقف” زيارات مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، و”إنتاج وتخزين 120 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة سنويا” لصالح “الحاجات السلمية للصناعة الوطنية”.

وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني الأربعاء معارضته للخطوة وقال إنه قد يضر بجهود إعادة إحياء الاتفاق النووي. ويشكل التصويت الإيراني عائقا في طريق جهود الإدارة القادمة للرئيس المنتخب جو بايدن لإنقاذ الاتفاق النووي المحاصر بالمشكلات.

وتعهد بايدن خلال حملته الانتخابية التي أوصلته إلى البيت بالعودة إلى الاتفاق، الذي انسحب منه ترامب عام 2018 وعاود فرض العقوبات، وذلك إذا عادت طهران إلى الالتزام به وبالتخلص مما وصفه بـ”الفشل الخطير” لسياسة الضغوط القصوى التي يتبعها خصمه ترامب مع إيران.

ويرى مراقبون أن أي اتفاق مستقبلي بين الغرب وإيران يجب أن يراعي احتياجات إسرائيل، وهذا لم يحدث في الاتفاق السابق الذي تم توقيعه في فيينا قبل خمس سنوات مع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وكانت التوترات بشأن الاتفاق النووي قد وصلت إلى درجة من الإثارة، دفعت نتنياهو في عام 2015 إلى أن يعلن أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي معارضته للاتفاق النووي الذي كان الرئيس أوباما يتفاوض بشأنه.

وبدا نتنياهو على استعداد للمخاطرة بأهم تحالف لإسرائيل من أجل رفض صفقة يعتقد أنها تعرض مستقبل بلاده للخطر.

ويشير خبراء إلى أنه ليس من المرجح أن تكون إسرائيل مستعدة لإنهاء أنشطتها في إيران حاليا لكي تتمكن الولايات المتحدة من العودة إلى نفس الاتفاق النووي المرفوض بشدة من قبل إسرائيل.

ويرجح هؤلاء أن إسرائيل قد توافق على عدم تنفيذ أي ضربات جديدة ضد إيران لفترة من الوقت، ربما الأشهر الأولى من حكم الرئيس جو بايدن، لكنها لن تتخلى عن قدرتها على شن ضربات داخل إيران إلا إذا وافقت الأخيرة على التخلي عن الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي.

العرب