اتسعت دائرة الاحتجاجات في السليمانية، في إقليم كردستان العراق، أمس الثلاثاء، لتشمل إحراق مبانٍ حكومية بالإضافة إلى مقار حزبية، وسقوط قتلى وعشرات الجرحى جراء قمّع قوات الأمن الكردية لجموع المحتجين على تأخر صرف مرتباتهم، وتدهور الأوضاع المعيشية في المحافظة التي يسيطر عليها حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني».
وسقط في الاحتجاجات ستة قتلى وعشرات الجرحى، وفق ما أفادت مصادر طبية ورسمية. فعقب مقتل متظاهر بالرصاص في بلدة جمجمال بعد ظهر الإثنين، قتل متظاهران آخران ليلا في منطقتين أخريين، وفق مسؤول محلي و«الهيئة العليا لحقوق الإنسان» في بغداد.
الرئيس العراقي يؤكد أن العنف ليس حلاً وأربيل تحذر من الساعين لـ«التخريب والفوضى»
وأكد مسؤولون محليون وطبيون والهيئة، مقتل ثلاثة محتجين آخرين على الأقل بعد ظهر الثلاثاء في بلدتين.
وأعلنت مستشفى طوارئ قضاء دربندخان في محافظة السليمانية في إقليم كردستان، تسجيل 10 إصابات في التظاهرات التي تشهدها المدينة.
وجاء في بيان مقتضب للطوارئ أن «10 أشخاص أصيبوا على الأقل، فيما تم نقل أحدهم إلى السليمانية لشدة خطورة حالته «.
مصادر إعلامية حكومية أفادت بـ«حرق دائرتي كهرباء ومرور قضاء دربندخان» لافتة إلى أن «التظاهرات لا تزال مستمرة في عدد من الأقضية في المحافظة»
يترافق ذلك مع قطع خدمة الإنترنت عن عموم المحافظة لمدة تجاوزت الـ8 ساعات، قبل أن تعود الخدمة من جديد بشكلٍ متقطع، حسب مصادر.
ومع تصاعد حدّة التوتر في السليمانية، طالب المحافظ، هفال أبو بكر، القوات الأمنية بالابتعاد عن المواجهات والاحتكاك، فيما عبر عن رفضه إعاقة العمل الإعلامي خارج القانون.
وذكر في بيان «ندعم مطالب شعب كردستان وحرية التعبير والتجمع السلمي، ونقف ضد مضايقة حياة الناس».
وتأتي الاحتجاجات على وقع تأخر صرف مرتبات الموظفين الأكراد، بسبب الخلافات النفطية والمالية والسياسية بين بغداد وأربيل، لكن حكومة كردستان العراق نأت بنفسها عن هذا الصراع، معتبرة أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الإقليم خارجة عن إرادة ورغبة حكومته، محذرة في الوقت عينه من محاولات «البعض» استخدام قوت الناس لمصالحه الشخصية.
وقال رئيس حكومة كردستان، مسرور بارزاني، في بيان صحافي إن «حكومة كردستان تبذل جميع مساعيها وإمكانياتها لاجتياز الأوضاع المالية الصعبة التي يمر بها الإقليم والعراق والعالم» مشيرا إلى أنها «تواصل المفاوضات مع الحكومة الاتحادية للحصول على الحقوق والمستحقات المالية الخاصة بالإقليم التي لم ترسلها لحد الآن للأسف، على الرغم من أن حكومة الإقليم أبدت المرونة الكاملة من أجل الوصول لاتفاق في إطار الدستور».
وأعرب عن «أسفه من أن البعض يريدون أن يوظفوا قوت الناس لمصالحهم الشخصية، وبحجة الدفاع عن حقوق ومطالب شعب كردستان، ويحاولون التخريب والإحراق وخلق الفوضى».
وفي بغداد، حثّ رئيس الجمهورية، برهم صالح «السلطات المعنية»على الاستجابة للمطالب «المشروعة» لسكّان الإقليم، محذّراً قوات الأمن من مغبّة استخدام العنّف تجاه المتظاهرين.
وقال في بيان صحافي أمس «التظاهر السلمي حق دستوري مكفول يجب احترامه وعدم التجاوز عليه، ومن حق المواطنين التظاهر سلمياً للمطالبة بحقوقهم المشروعة، خصوصا تلك المرتبطة بتأمين العيش الكريم لهم ولعائلاتهم من الرواتب وتحسين الأوضاع والخدمات العامة».
كذلك أكد «ائتلاف النصر» بزعامة حيدر العبادي، مساندته للمطالب المشروعة للمتظاهرين في مدينة السليمانية، معربا عن رفضه لـ«القمع» الممارس ضدهم.
كما رفضت «مفوضية حقوق الإنسان» (خاضعة لرقابة البرلمان) ما وصفتها بـ«سياسة تكميم الأفواه» و«القوة المفرطة» المُنتهجة في السليمانية.
مشرق عباس
القدس العربي