شددت أوساط إيرانية على أن الاعتراف الرسمي بالتقصير في حماية العلماء يحتم إعادة النظر في الخطط الأمنية، وإجراء تحديثات في قواعد الاشتباك مع “العدو” الذي صعد خلال السنوات الماضية من عملياته ضد البرنامج النووي.
وبعد اغتيال عالمها النووي البارز محسن فخري زاده، وجهت إيران أصابع الاتهام للكيان الإسرائيلي وتوعدت برد “حاسم” و”محسوب” مما حدا بالخارجية الإسرائيلية إلى رفع درجة التأهب الأمني في كل سفاراتها وممثلياتها وتحذير الإسرائيليين من السفر إلى الإمارات والبحرين خشية أن يكونوا هدفا لانتقام إيراني هناك.
كما أقرت إيران في الوقت ذاته بالتقصير في حماية علمائها، إذ قالت إنه كان بالإمكان إحباط العملية بقليل من العناية والالتزام بالبروتوكولات الأمنية.
في غضون ذلك، سلط مستشار الرئاسة حسام الدين آشنا الضوء على 5 مبادئ أساسية تحتل حيزا كبيرا في قواعد الاشتباك ومستقبل الصراع مع “العدو” الإسرائيلي خلال الفترة المقبلة، مطالبا بتحديث الأساليب والتقنيات المستخدمة في مواجهة العملاء الجدد.
وفي تغريدة له على تويتر، لخص آشنا المبدأ الثاني في تعزيز قدرة النفوذ والتسلل إلى جبهة “العدو” الصهيوني، وفي الوقت ذاته يرى أنه من الضروري التركيز أكثر فأكثر على شبكات “العدو” العاملة على النفوذ والتسلل إلى العمق الإيراني.
ومع اعتراف طهران بالتقصير في حماية فخري زاده، وجه المسؤول الإيراني المبدأين الأخيرين إلى الجبهة الداخلية حاثا الجهات المعنية على توحيد قيادة الأجهزة الاستخبارية والأمنية.
وختم مستشار الرئاسة المبادئ الأساسية، في قواعد الاشتباك، بالتأكيد على ضرورة تكاتف الطاقات الوطنية بدلا من التنافس غير المثمر.
تغييرات تكتيكية
من جانبه، يرى الدبلوماسي السابق هادي أفقهي أن تغيير قواعد الاشتباك مع الكيان الإسرائيلي سيقتصر على الصعيد التكتيكي دون الإستراتيجي، مضيفا أن قيادة الثورة كانت قد رسمت قواعد الاشتباك بناء على أن “العدو” محتل لأولى القبلتين وأراض إسلامية أخرى، ولا بد من إزالته من الوجود.
وشدد، في حديثه للجزيرة نت، على أن بلاده دفعت ثمنا باهظا حتى الآن في سبيل القضية الفلسطينية، وأنها لن تتراجع قيد أنملة عن مبادئها حتى تحرير القدس الشريف الذي يشكل البوصلة لسياسات طهران.
وأشار إلى أن القيادة أكدت بأن ردها على اغتيال فخري زاده سيكون “ذكيا ومؤلما” موضحا أن مصطلح “الرد الذكي” يعني إجراء الكثير من التحديثات على مستوى التكتيكات في قواعد الاشتباك مع “العدو” الصهيوني.
وأضاف أفقهي أن المرحلة المقبلة قد تقتضي عمليات سرية دون التبني، أو التلاعب بالعامل الزمني ليبقى “العدو” في حالة خوف حتى يتضح للجانب الإيراني موقف الإدارة الأميركية من العديد من الملفات الإقليمية، لا سيما الاتفاق النووي والحرب على اليمن والتطبيع.
ووصف الصراع مع إسرائيل بأنه “صراع وجود لا حدود” مشددا على أن بلاده سوف تشدد محاصرة الكيان الإسرائيلي على المستويين الأمني والعسكري، عبر حليفاتها حركات المقاومة الممتدة من قطاع غزة إلى لبنان وسوريا مرورا بالعراق ووصولا إلى اليمن، ناهيك عن أن أصابع إيران دائما على الزناد وأسلحتها موجهة نحو أهداف “العدو” ومصالحه في المنطقة، وفق قوله.
رد الصاع صاعين
وفي السياق، يؤمن أستاذ العلوم السياسية بجامعة طهران د. محمد مرندي، بجدوى رفع تكلفة الإجراءات العدائية الإسرائيلية ضد إيران، مشددا على أنه بالإمكان وضع حد للمغامرات الصهيونية عبر “رد الصاع صاعين”.
وأضاف، في حديث للجزيرة نت، أن الكيان الإسرائيلي ليس قويا كما يظن البعض وأنه يعتمد إلى حد كبير على قدرات الولايات المتحدة في عدائه لإيران، موضحا أن طهران لا تعتبر الكيان المحتل منافسا إستراتيجيا وإنما تتعامل معه باعتباره جزءا من منظومة العدو المتمثل بالولايات المتحدة.
ووفقا لمرندي، فإن إيران تدرس دائما قواعد الاشتباك مع واشنطن وربيبتها تل أبيب التي لم ولن تجرؤ على اتخاذ خطوة معادية لإيران سوى بضوء أخضر من أميركا، مشيرا إلى أن جزءا من الرد الإيراني على اغتيال فخري زاده سيكون موجها إلى الولايات المتحدة.
وخلص إلى أن الرد على الكيان الإسرائيلي، باعتباره الجهة المنفذة للعملية، سيكون أمنيا وعسكريا دون أدنى شك، موضحا أن بلاده سترد سياسيا عبر وقف العمل بالبروتوكول الإضافي التابع لمعاهدة الحد من الانتشار النووي، ردا على مباركة واشنطن للجريمة، محذرا من أن بعض الدول الإقليمية لا سيما السعودية والإمارات والبحرين ستدفعان الثمن في حال الإصرار على التماهي مع السياسات الصهيوأميركية، على حد وصفه.
المصدر : الجزيرة