بغداد – قال نشطاء في إقليم كردستان العراق إن السلطات الحزبية في المدن الكردية الثلاث تستعد لمواجهة انتفاضة شعبية آخذة في التوسع على خلفية تأخر صرف رواتب الموظفين وتفشي الفساد في المؤسسة التنفيذية.
واتسع نطاق الاحتجاجات، الثلاثاء، إلى ما لا يقل عن ست بلدات قرب السليمانية، كما امتدت -وفق مصادر محلية- إلى دهوك شمالا، فيما تعيش العاصمة أربيل على وقع استنفار أمني تحسبا لانطلاق الاحتجاجات.
وقال مسؤولان محليان، الثلاثاء، إن اثنين من المحتجين قتلا بالرصاص. وأضاف المسؤولان -أحدهما مصدر طبي- أن أحد المحتجين قُتل برصاص حرس مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في بلدة تكية غرب مدينة السليمانية، ليرتفع العدد -وفق مصادر مختلفة- إلى خمسة قتلى.
وأوضح المصدر الطبي الذي طلب عدم نشر اسمه، أن المحتج الآخر توفي متأثرا بإصابته برصاصة في الرقبة عندما أطلقت قوات الأمن الكردية الرصاص لتفريق محتجين في بلدة سيد صادق.
ودعت الرئاسات الثلاث في العراق -وفق بيان حكومي- إلى الحوار بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، بهدف حل المشاكل العالقة، وبما يضمن معالجة عادلة لتلك المشاكل وفق الدستور العراقي.
واندلعت الاحتجاجات في مدينة السليمانية، حيث أحرق المحتجون مقرات ثلاثة أحزاب كردية تملك تمثيلا في حكومة الإقليم وفي البرلمان الاتحادي في بغداد؛ هي الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني الذي أسسه وقاده على مدى عقود الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني، وحركة التغيير التي أسسها السياسي الكردي الراحل نيشروان مصطفى.
وقالت آلاء الطالباني -النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني- إن “استمرار ما يحدث في محافظة السليمانية يؤشر على خطر قادم يهدد كل أرجاء الإقليم”.
ودعت الطالباني إلى “إيقاف العنف الذي رافق الاحتجاجات المطلبية الحقة”.
وقالت مصادر محلية إن عناصر من سكان دهوك في كردستان استجابوا لدعوة المشاركة في الحراك ضد الأحزاب الحاكمة وحاولوا تنظيم صفوفهم لكن السلطات التابعة لحزب البارزاني باغتتهم واعتقلت العشرات منهم.
وأضافت المصادر أن حزب البارزاني فرض إجراءات مشددة في مدينة أربيل عاصمة الإقليم الكردي، لمنع وصول الاحتجاجات إليها.
ويقول موظفون في إقليم كردستان إن الحكومة الكردية مدينة لهم برواتب 36 شهرا تسلمتها من بغداد، وصرفتها في غير الأبواب المخصصة لها.
ومنذ انخفاض أسعار النفط في 2014، يعاني الإقليم الكردي بشدة من صعوبة دفع رواتب موظفيه.
وتتهم المعارضة الكردية حزبي البارزاني والطالباني ببيع نحو 500 ألف برميل من النفط المستخرج من حقول الإقليم لتركيا يوميا، دون إعلان، على أن عوائد الجزء الأكبر من مبيعات هذه الحصة تذهب إلى حسابات سرية.
يضاف إلى ذلك ما يعرف بالإيرادات غير النفطية وهي الجباية مقابل الخدمات العامة والضرائب، فضلا عن عوائد المنافذ الحدودية مع تركيا وإيران، ما يجعل الإقليم الكردي ثريا للغاية، ويعمق أثر المفاجأة من فشله في تأمين رواتب موظفيه.
وعبر رئيس الجمهورية برهم صالح -وهو كردي ينحدر من السليمانية- عن قلقه الشديد واهتمامه البالغ بتطورات الأحداث في مدينة السليمانية منذ أيام، من تظاهرات واحتجاجات شعبية وما رافقها من أعمال عنف أدّت إلى إصابة عدد من المواطنين والقوات الأمنية، وتعرض عدد من المباني إلى الحرق والدمار.
ودعا صالح السلطات ذات العلاقة إلى “تلبية هذه المطالب، والعمل على حلول جذرية لمشكلة الرواتب وتحسين الأحوال المعيشية، وذلك عبر خطوات سريعة وجدية ترتكز على المصارحة وتوجيه موارد الشعب لخدمة المواطنين، وانتهاج الطرق الحقيقية في الإصلاح، إذ أن التجاوز على المال العام والفساد الإداري والمالي والسلب والنهب والتهريب يجب أن يتوقف”.
ويرى الرئيس العراقي أن “العنف ليس حلا لمواجهة مطالب المواطنين المشروعة، ويجب احترام إرادة ومطالب المتظاهرين السلميين”، مطالبا القوات الأمنية بـ”التصرف حسب القانون والابتعاد عن استخدام العنف، وإفساح المجال أمام وسائل الإعلام لممارسة عملها بحرية دون تقييد أو تضييق أو اعتداء”.
وحذر من أن “اللجوء إلى العنف خطأ فادح وليس الطريق السليم لإيجاد الحلول”، مشيرا إلى أن “استخدام العنف يُلطخ سمعة القوات الأمنية التي تقوم مهمتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، كما أن العنف يعمل على تشويه سمعة المتظاهرين السلميين ويحرف مطالبهم”.
العرب