سفارات وقنصليات إيران خلايا نشطة لتشجيع التطرف ودعم الوكلاء

سفارات وقنصليات إيران خلايا نشطة لتشجيع التطرف ودعم الوكلاء

واشنطن ـ حذر محللون وخبراء سياسيون من استمرار طهران في أنشطتها الاستخباراتية والتخريبية على الأراضي الأوروبية، فيما يبدي الاتحاد الأوروبي تحمسا لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض.

وذكر العالم السياسي الأميركي الدكتور مجيد رفيع زاده في تقرير نشره معهد جيتستون الأميركي، أنه بينما يحث الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الولايات المتحدة على الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني)، يخضع أحد الدبلوماسيين الإيرانيين النشطين في بلجيكا حاليا للمحاكمة، بتهمة تدبير عملية إرهابية في أوروبا في عام 2018.

وقد أحبط مسؤولون فرنسيون هجوما مخططا بالقنابل في باريس ضد مؤتمر “إيران الحرة” الذي نظمته المعارضة الإيرانية بحضور عشرات الآلاف من الأشخاص، ومن بينهم العديد من المتحدثين رفيعي المستوى مثل رئيس مجلس النواب الأميركي السابق نيوت جينجريتش وعمدة مدينة نيويورك السابق رودي جولياني ورئيس الوزراء الكندي السابق ستيفن هاربر ووزير الخارجية السابق جون بيرد.

ويرى رفيع زاده أن هذه المؤامرة الإرهابية لو قدر لها النجاح، لكانت ستكون من أكبر الأعمال الإرهابية التي رعاها النظام الإيراني. وهو ما يدعو إلى التساؤل عن موقف ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشأن هذه القضية، حيث لا يحرك ساكنا.

وتم توجيه اتهام للدبلوماسي الإيراني في ذلك الوقت أسد الله أسدي بتسليم متفجرات وصاعق تفجير إلى عميلين في محاولة لتفجير مؤتمر “إيران الحرة”.

وكان أسدي، الذي كان يعمل في السفارة الإيرانية في فيينا، مسؤولا كبيرا في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية. وطلب ممثلو الادعاء من المحكمة الحكم على أسدي بأقصى عقوبة وهي السجن 20 عاما، والحكم على اثنين من شركائه بالسجن 18 عاما وعلى متهم آخر بالسجن 15 عاما وتجريدهم من الجنسية البلجيكية.

وطالب القادة الإيرانيون الاتحاد الأوروبي بالإفراج عن أسدي على أساس “الحصانة الدبلوماسية”. ولم يحضر أسدي، بأمر من وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، اليوم الأول للمحاكمة. كما يبدو أنه ازداد جرأة إلى درجة أنه هدد سلطات الاتحاد الأوروبي بأنه إذا تمت إدانته، سينتقم ممن يعملون بالوكالة لحساب إيران، وفقا لصحيفة لوموند الفرنسية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه “خلال فترة الحبس الاحتياطي، رفض أسد الله أسدي التعاون مع القضاء البلجيكي، وهدد بالانتقام. وفي 9 مارس 2019 أبلغ مدير سجن بيفرين بأنه يرغب في مقابلة محقق. وقال له إنه إذا تمت إدانته فإن هناك ‘جماعات مسلحة’ مستعدة للتحرك ضد عناصر الشرطة أو الشهود أو أنصار منظمة مجاهدي خلق الإيرانية”.

واعتبر رفيع زاده أن الاتحاد الأوروبي سيقدم لنفسه خدمة كبيرة إذا أدرك أن أسدي لم يكن على الأرجح يتصرف بمفرده. وأشار إلى أنه من المرجح أن القادة والدبلوماسيين الإيرانيين رفيعي المستوى كلفوه بتنفيذ العملية الإرهابية.

ومن المستبعد تماما أن يتم المضي قدما في مثل هذه المؤامرة الكبيرة دون مباركة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف ووزارة الاستخبارات الإيرانية.

كما أصبح الاتحاد الأوروبي يدرك الآن بلا شك أن النظام الإيراني يستخدم سفاراته وقنصلياته في الدول الأجنبية كخلايا لتشجيع التطرف ودعم الميليشيات والوكلاء.

فعلى سبيل المثال، طردت الكويت سفير إيران و14 دبلوماسيا في عام 2017 بسبب صلتهم بخلية تجسس وإرهاب، كما أمرت بإغلاق البعثتين الثقافية والعسكرية الإيرانيتين.

ويبدو أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي مطلع 2019 على المخابرات الإيرانية لثبوت تورطها في عمليات اغتيال لم تضع حدا لتجاوزات طهران المتواصلة وأنشطتها المشبوهة التي تهدد أمن أوروبا.

واعتبر مراقبون أن غياب التعاطي الحاسم والحازم للتكتل الأوروبي تجاه تحركات طهران في المنطقة، فتح الطريق أمام المخابرات الإيرانية لتنفيذ عمليات اغتيال وأنشطة تخريبية وتجسس على المعارضين بكل سهولة.

وأشار رفيع زاده إلى أنه لا يجب أن يكون الأمر مفاجئا باعتبار أن إيران لا تحترم المعايير الدولية للدبلوماسية، وأنها بدلا من ذلك، تستغل ثقة الحكومات الأخرى لتعزيز هيمنتها وطموحاتها الثورية.

ويرى أن الدبلوماسيين الإيرانيين عناصر تمكين رئيسية لأجندة خامنئي الأصولية في الخارج. ويجب ألا يمنح الاتحاد الأوروبي المسؤولين الإيرانيين مرورا حرا لمجرد أنهم “دبلوماسيون” أو مسؤولون أو موظفون في وزارة الخارجية.

ولا تشكل المؤامرة الإرهابية المتورط فيها أسدي حالة منعزلة، نظرا لأن النظام الإيراني يستهدف أيضا المعارضين له في أوروبا. فقد تعرض أحمد مولى نيسي، وهو مواطن هولندي من أصل إيراني ومنتقد للنظام الإيراني، للقتل بالرصاص أمام باب منزله في نوفمبر 2017 وأعلنت السلطات الهولندية أن لديها “مؤشرات قوية” على أن الحكومة الإيرانية هي التي أمرت بالقتل.

كما قتل أحد المعارضين السياسيين لطهران، وهو محمد رضا كلاهي صمدي، في ظروف مماثلة في أمستردام عام 2015، ويبدو أنه تعرض للقتل بسبب معارضته للحكومة الإيرانية منذ الثمانينات.

وختم العالم السياسي مجيد رفيع زاده تقريره بالقول إنه إذا لم يوقف قادة نظام الملالي أنشطتهم الإرهابية، أو إلى أن يوقفوها، فإن الاتحاد الأوروبي سيقدم لنفسه وللعالم الحر خدمة كبيرة أخرى بقطع علاقاته الدبلوماسية مع نظام يقتل مواطنين أوروبيين وينفذ مؤامرات إرهابية على الأراضي الأوروبية.

العرب