أزمات متعددة خارجيا ومشاكل الليرة وكورونا داخليا.. ماذا يحمل 2021 لتركيا؟

أزمات متعددة خارجيا ومشاكل الليرة وكورونا داخليا.. ماذا يحمل 2021 لتركيا؟

عرفت تركيا عام 2020 أزمات متعددة خارجيا، من توترات شرق المتوسط، التي كاد النزاع مع اليونان أن يهدد بحرب بين حليفين في الناتو، وصولا للتشنج المستمر مع فرنسا، إلى ما جره التدخل في ليبيا من مشاكل لتركيا مع بعض الدول، كما عرفت أنقرة توترا مع العراق؛ بسبب العمليات ضد حزب العمال الكردستاني، إضافة لاستمرار تدخلاتها في سوريا، عوضا عن التأزم في العلاقة مع مصر والسعودية والإمارات، وأخيرا دعمها لأذربيجان في حربها مع أرمينيا.

يضاف لذلك أزمات تركيا الداخلية من مواجهة كورونا إلى أزمة الليرة المتفاقمة. فماذا يحمل عام 2021 لتركيا وأزماتها؟

أولا: الأزمات الخارجية
شرق المتوسط
شهد عام 2020 تصاعدا متسارعا في التوتر بين تركيا واليونان، بلغ حد التهديد بالحرب؛ بسبب تنقيب أنقرة عن النفط والغاز في مناطق متنازع عليها شرق البحر المتوسط.

قلَّة فقط تتوقع توصل الدولتين لاتفاق شامل حول حدودهما البحرية خلال 2021، لا لتصميم تركيا على حفظ حقوقها في شرق المتوسط وإيجة فقط؛ بل أيضا لهشاشة وضع الحكومة اليونانية الائتلافية، وصعوبة تقديمها تنازلات كافية، وستستمر في اللجوء إلى أوروبا لحمايتها.

أما أنقرة فستستمر في توجيه رسائل عبر التصعيد الميداني من جهة، والحراك الدبلوماسي من جهة أخرى، للتأكيد على أنه لا يمكن استبعاد دولة كبيرة مثل تركيا من المعادلة، وأن الحوار هو الحل الوحيد لهذه الأزمة.

التنقيب عن النفط في شرق المتوسط يقع ضمن أولويات السياسة التركية، رغم توتر العلاقة مع عدة دول إقليمية ودولية (الجزيرة)
فرنسا والاتحاد الأوروبي
أغلق العام 2020 أبوابه بفرض قادة الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا، كما تتجدد الخصومة بين تركيا وأوروبا، وخاصة فرنسا، وتتوسع بشكل متسارع مع تزايد ملفات الخلاف المتراكمة.

وتشير الأزمة التي أثارتها الرسوم المسيئة للرسول الكريم خلال عام 2020، إلى سلسلة من الملفات التي تتصادم فيها أنقرة مع باريس، بدءا من قانون إبادة الأرمن، مرورا بالصدام في ملفات ليبيا وسوريا، وصولا لأفريقيا التي باتت تركيا تهتم بها.

العقوبات الشكلية التي أقرها الاتحاد الأوروبي ستدفع تركيا لالتقاط الرسالة، والعمل على تصحيح المسار مع الاتحاد، وحل المشاكل بشكل دبلوماسي، مع استمرار مساعي تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي في ظل صعوبة تحقيق ذلك خلال العام الجديد، وفق تقارير تركية.

ليبيا
خلال الفترة من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2020، نجحت قوات الوفاق بدعم عسكري نوعي من تركيا، في طرد قوات خليفة حفتر من الغرب الليبي. وترصد أنقرة التطورات الميدانية والحوارات السياسية بين الفرقاء الليبيين، وستعمل على إبعاد حفتر عن المشهد الليبي في 2021.

اعلان
العراق وسوريا
في مارس/آذار 2020، شنَّ الجيش التركي عملية عسكرية في إدلب، التي تعد طبقا لاتفاقات سابقة مع روسيا، منطقة عدم تصعيد، فضلا عن 3 عمليات سابقة هي درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام.

حققت تركيا من هذه العمليات وجودا آمنا -قد يطول- على معظم الشريط السوري الشمالي؛ لكن بعض هذه العمليات، أُطلقت بالرغم من معارضة الأميركيين في حالات، أو الروس في حالات أخرى.

وبالنسبة للعراق، فقد أطلق الجيش التركي عملية “مخلب النمر” العسكرية في يونيو/حزيران 2020 ضد حزب العمال الكردستاني وسط تأكيدات من أنقرة أن العملية لا تهدف إلى انتهاك سيادة العراق.

ويرى مراقبون أن العام 2021 سيشهد هدوءا نسبيا في الجبهة السورية، وسيسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتفاهم مع الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، الذي انتقد بشدة العمليات التركية في سوريا، وعدها عدوانية؛ لكن الجيش التركي سيواصل شن عمليات موضعية على مواقع حزب العمال الكردستاني (شمال العراق).

مصر والسعودية والإمارات
فتح عام 2021 أبوابه بدون أن يُغلق التحقيق في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وفي الوقت ذاته حمل العام الجديد توددا سعوديا لتركيا؛ لكن محللين استبعدوا تحول الجفاء بين البلدين إلى حالة تعاون، كون السياسات ترسم في المنطقة العربية بناء على الاصطفافات والمواقف المسبقة.

وفيما يتعلق بمصر فعلى الرغم من الحديث عن اتصالات بين القاهرة وأنقرة، وتقارب الرؤى بينهما فيما يتعلق بترسيم الحدود البحرية، وقّعت القاهرة اتفاقية لترسيم الحدود مع اليونان؛ لكن الاتصالات التي كانت تحت الطاولة بين البلدين ستصبح فوق الطاولة بدون إصلاح كبير في العلاقات؛ لأن أبو ظبي تضغط على القاهرة في هذا الملف -وفق الصحافة التركية- التي أكدت أيضا استحالة تحسن العلاقة بين تركيا والإمارات؛ لأن أنقرة غير معنية بذلك.

من المتوقع أن يتعزز الحضور التركي بأذربيجان في العام الجديد (رويترز)
النزاع الأذري الأرميني
تركيا دعمت أذربيجان علنا في حربها ضد أرمينيا؛ مما جلب لها انتقاد قوى غربية، لكن الاتفاق الذي أنهى الحرب جعل تركيا من الرابحين، حيث يتضمن إيجاد ممر بري يربط أذربيجان بإقليم ناخيتشيفان؛ مما يعني ارتباط أذربيجان مع تركيا بريا لأول مرة، وهو الأمر الذي كانت تسعى بعض الدول لإفشاله.

وسيكون لتركيا في 2021 وجود عسكري على الحدود الأذرية الأرمينية، وستصبح قوة مؤثرة في جنوب القوقاز، وسيكون لها رأي أقوى في قضايا الطاقة.

أميركا
ذكرت صحيفة “حرييت” التركية أن العلاقة بين واشنطن وأنقرة ستكون جدلية في حقبة بايدن، ولا سيما في قضايا عدة من الصعب التنبؤ بشأنها حاليا، منها حرية التعبير في تركيا، التي ستدخل في أجندة الولايات المتحدة، مؤكدة أن أزمة “إس-400” (S-400) ستكون على جدول الأعمال المستقبلي حجر عثرة في العلاقات بين البلدين.

ونقلت صحيفة “خبر ترك” عن مقربين من بايدن أن مسألة العقوبات ضد تركيا هي الأولوية السابعة للمرشح الديمقراطي في سياسته الخارجية، وهو مصمم على تنفيذها بحلول مارس/آذار من عام 2021.

لا يستبعد المراقبون استمرار تراجع سعر صرف الليرة التركية في 2021 (الأوروبية)
ثانيا: الأزمات الداخلية
الليرة والاقتصاد

سجلت الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا بأكثر من 30% مقابل الدولار خلال 2020؛ الذي شهد إقالة مدير البنك المركزي مراد أويصال، واستقالة وزير المالية والخزانة براءت ألبيراق، الذي تزامنت فترة أدائه مهامه مع أزمة اقتصادية حادة عصفت بتركيا.

الرئيس أردوغان صرح أن حكومته ستمنح فرصا كبيرة للمستثمرين الأجانب، وأعلن أن حكومته ستطلق حملة جديدة تركز على الاستقرار والنمو والتوظيف خلال العام الجديد.

لكن اقتصاديين يعتقدون أن العام الجديد سيشهد استمرار هبوط الليرة ورفع الفائدة، كون المشكلة تكمن في البنية الاقتصادية والضغط السياسي الدائم، كما أكد مسؤولون أن العام الجديد سيشهد أيضا سياسات علاجية صعبة، بالإضافة لاتباع سياسات تقشفية سواء مالية أو نقدية.

كورونا
مع نهاية العام 2020 عادت السلطات التركية لفرض حظر جزئي للتجول خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ للحد من الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات بفيروس كورونا، وقد بلغ متوسط الإصابات اليومي أكثر من 30 ألفا، حيث تظهر هذه الأرقام تسارع انتشار المرض.

وقد أعلن وزير الصحة التركي فخر الدين قوجة شراء 50 مليون لقاح، وصل منها في ديسمبر/كانون الأول الماضي ما يقارب 20 مليونا، ويصل في يناير/كانون الثاني الجاري 20 مليونا، وفي فبراير/شباط 10 ملايين؛ لكن بدء استخدامه قد يكون بداية هذا العام، الذي سيستمر فيه الحظر والإغلاق الجزئي خلال موسم الشتاء، وسيجري التخفيف من الإجراءات مع دخول موسم الربيع؛ لتنشيط السياحة، خاصة إذا أبدى اللقاح فعالية.

الجزيرة