طهران – أعلن قائد مقر خاتم الأنبياء للإعمار التابع للحرس الثوري الإيراني، سعيد محمد، أن الحكومة ستحول جزءًا من شركاتها وأصولها إلى المقر مقابل ديونها، ليتعزز بذلك نفوذ الحرس الثوري في الوقت الذي يضعف فيه اقتصاد البلاد.
وقال محمد، الذي يتلقى عشرة آلاف مليار تومان سنويًا من الحكومة لتنفيذ مشاريع تنموية وغير تنموية، إنه من المقرر أن يقدم مقر خاتم الأنبياء للحكومة قائمة بالممتلكات والأصول التي يرغب في امتلاكها.
وأوضح أن هذه القضية حدثت سابقًا، حيث تم تسليم محطة سبلان للطاقة وجزء من شركة فولاذ خوزستان وقطاع الاتصالات، إلى المقر لسداد ديون الحكومة.
ورفض الإدلاء بالمزيد من التفاصيل حول حجم ديون الحكومة لفائدة مقر خاتم الأنبياء، لكنه أشار في أغسطس الماضي إلى أن هذه الديون تصل إلى 50 ألف مليار تومان (1 دولار أميركي= 4200 تومان).
ويأتي هذا بينما تواجه إيران أزمات اقتصادية ومعيشية حادة أهمها تحديات الغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة والتضخم وارتفاع الضرائب، في ظل عقوبات أميركية قاسية شلت أعمدة الاقتصاد الإيراني المترنح.
ويدير الحرس الثوري قرابة مئة شركة تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار تقريباً، ويعمل فيها نحو 40 ألف شخص، حيث حصل مقر خاتم الأنبياء من خلالها على الآلاف من العقود الرسمية لتنفيذ مشاريع.
وتضم الإمبراطورية الاقتصادية لمقر خاتم الأنبياء 812 شركة في إيران وخارجها، ولها أسهم كبيرة في عدد من البنوك والمصافي ومصانع السيارات والبتروكيميائيات والألمنيوم والصناعات البحرية وصناعة الجرارات والصلب والحديد إضافة إلى مصانع الأدوية والمطاحن وشركات الحفر والصناعات الغذائية.
ولا يُعرف الحجم الكامل للأنشطة التجارية التي تقوم بها تلك المجموعات، حيث ليس هناك من مؤسسة تقوم بمهمة المراقبة. فعندما اختفت المليارات في عهد الرئيس أحمدي نجاد تساءل الإيرانيون عن اختفائها، لكن لم يتضح مسارها.
وقال صندوق النقد الدولي، في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، إن اقتصاد إيران مرشح لتسجيل انكماش خلال العام الجاري بنسبة 6 في المئة، مع اتساع رقعة الإصابات بفايروس كورونا في جميع محافظات البلاد واستمرار العقوبات الأميركية.
ويقول الخبير في قضايا إيران، بهمان نيروماند، إن شركات الحرس الثوري تسيطر على ثلث الاقتصاد الوطني على الأقل.
وحسب تقديرات البنك العالمي، فإن مستوى القوة الاقتصادية الإيرانية بلغ عام 2014 أكثر من 425 مليار دولار، ويعني ذلك أن حجم معاملات تلك القوات كان بمستوى 140 مليار دولار.
ويعتبر مقر خاتم الأنبياء من أهم نقاط الانطلاق في الاستحواذ على الثروة وحصد المناصب السياسية في إيران، نظراً للعلاقة الوثيقة التي تربطه ببيت المرشد الأعلى علي خامنئي والحوزات الدينية والمراجع الشيعية في قم، حيث يحصل هذا المقر على المبالغ المالية بكل سهولة ويسر، ولذلك تصب كل نشاطاته الاقتصادية في مصلحة الحفاظ على أمن النظام.
وحمّل أستاذ الاقتصاد الإيراني، جمشيد أسدي، في مقابلة سابقة له مع الإذاعة الفرنسية، الحرس الثوري مسؤولية تفاقم الوضع الاقتصادي الإيراني نتيجة العقوبات الدولية.
وقال أسدي “لو لم يحتكر الحرس الثوري الاقتصاد الإيراني بشكل مطلق، لكان تأثير العقوبات الدولية أقل بكثير مما هو عليه، لأن الحظر الدولي لم يستهدف الاقتصاد الإيراني. لكن وبما أن الشركات التابعة للحرس الثوري وقوى الأمن تسيطر على الاقتصاد الإيراني، فإن الحظر كان موجها ضدها، لهذا أصبح الاقتصاد الإيراني ضحية العقوبات”.
وتسببت المشاريع التي نفذها مقر خاتم الأنبياء حتى الآن في أضرار كارثية للاقتصاد والبيئة الإيرانية، أبرزها الزيادة الحادة في ملوحة مياه كارون، أكبر نهر في إيران. ويرجع جزء من أزمة شح المياه العذبة في السنوات الأخيرة إلى أضرار سياسة بناء السدود المفرطة التي اتبعتها المؤسسة.
العرب