الدوحة – في الوقت الذي تستمر فيه دول مثل السعودية والإمارات في تنفيذ التفاصيل التي تضمّنها اتفاق قمة العلا الخاصة بفتح الحدود وإجراءات بناء الثقة تستمر قطر في إرسال إشارات سلبية تظهر أن المصالحة بالنسبة إليها لا تفرض عليها أيّ التزامات خاصة ما تعلق بالتصريحات المسحوبة لمسؤولين قطريين واستمرار الحملات الإعلامية ضد بعض الدول المقاطعة.
وما تزال الدول الأربع التي أخذت قرار مقاطعة قطر في يونيو 2017 تنتظر سلوكا إيجابيا من الدوحة لمساعدة الآخرين على الاستمرار في تنفيذ ترتيبات القمة. لكن الذي يحصل إلى الآن هو تعمّد إطلاق تصريحات حادة قد يكون هدفها استفزاز الدول المقابلة ودفعها إلى التراجع بانتظار تهدئة قطرية تكون واضحة على مستوى الخطاب الرسمي.
وفيما كان وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، الجمعة، يعلن عن موعد إعادة فتح الحدود بين البلدين، بادر متحدث باسم الخارجية القطرية إلى إطلاق تصريحات تعرّض فيها إلى قرقاش، وأوحى بوجود “محاولات هامشية متوقعة لتعكير صفو الأجواء الإيجابية للمصالحة الخليجية”.
واعتبر قرقاش، الخميس، أن “استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة ستستغرق وقتا وتعتمد على تعاملات قطر المستقبلية مع إيران وتركيا والجماعات الإسلامية المتطرفة”.
ومن الواضح أن الوزير الإماراتي سعى للتذكير بأن المصالحة تفرض على قطر التزامات عليها تنفيذها مثلما ينفذ البقية من جانبهم التزامات مثل فتح الحدود. ولا تريد قطر أن تبدو وكأنها استجابت لمخاوف جيرانها أو قدمت لهم ضمانات بشأن علاقتها بالجماعات الإسلامية المتشددة، أو مع إيران وتركيا.
وكان الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير خارجية قطر، أكد في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية منذ يومين، أن بلاده لن تغيّر علاقاتها مع إيران وتركيا، وأنها لن تقدم أيّ تنازلات خاصة ما تعلّق بقناة الجزيرة.
ويشير متابعون للشأن الخليجي إلى وجود خطة قطرية لإرباك المصالحة تقوم على الفصل بين السعودية وبقية الدول المقاطعة، وفيما تتجنب إغضاب الرياض فإنها تركز على هدف استفزاز مصر والإمارات وجرّهما إلى ردة فعل سريعة لإيقاف المصالحة في أول الطريق.
ويعتقد هؤلاء المتابعون أن القطريين يريدون مصالحة فقط مع السعودية، لكن هذا الأمر لن يستمر طويلا، فالسعودية قد تتراجع بدورها طالما أن الدوحة تضع العراقيل أمام تهدئة تشمل مختلف دول الخليج ومصر.
وتساءل مراقب خليجي، فضّل عدم الإشارة إلى اسمه، إذا كان مسؤولو الدول المقاطعة هم من يفتحون الحدود وهم من يسمحون بتحليق الطيران، فماذا على قطر أن تقدم بالمقابل؟
وأضاف المراقب “هل تعتقد قطر أن محاولاتها لاستفزاز الدول الأربع يمكن أن تستمر دون أن تقابل برد خاصة في ظل اهتمام شعبي واسع بالمصالحة وعدم الرضا عن الغموض الذي رافقها، وخاصة عدم الإشارة إلى التزامات قطر التي عليها البدء بتنفيذها بالتزامن مع خطوات فتح الحدود من السعودية والإمارات”.
ولم توقف قطر حملاتها الإعلامية على الإمارات ومصر والبحرين، بما يعزز الشكوك في أن الدوحة ستستمر بلعب ورقة الإعلام، وخاصة قناة الجزيرة لتقويض أيّ مصالحة جادة تنهي جذور الأزمة.
وقادت السعودية جهود التهدئة مع قطر بوساطة كويتية أميركية، لكنها كانت تمثل في نفس الوقت بقية الدول المقاطعة.
وذكر التلفزيون السعودي، السبت، أن سيارات قطرية عبرت الحدود ودخلت المملكة عبر منفذ سلوى، الذي يربط المملكة مع قطر، وذلك لأول مرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقبل ذلك، أعلنت الجمارك السعودية أنها جاهزة لاستقبال ضيوف المملكة عبر منفذ سلوى الحدودي. ونشرت الجمارك عبر حسابها على تويتر فيديو للمنفذ بعد انتهاء الاستعدادات الفنية اللازمة لفتحه واستقبال المسافرين.
وقررت السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعة قطر في يونيو 2017. وأغلقت مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنعت التعاملات التجارية معها وأوقفت دخول القطريين إلى أراضيها.
وأعلنت الإمارات، الجمعة، أنها ستعيد فتح كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام القطريين اعتبارا من السبت (أمس).
ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي خالد عبدالله بالهول أن الإمارات “ستعمل على إعادة فتح كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة” من قطر.
وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الخميس، إن الدول المقاطعة لقطر قد تستأنف التجارة وحركة التنقل معها خلال أسبوع، لكنه أشار إلى أن استئناف العلاقات الدبلوماسية يتطلب مزيدا من الوقت ريثما تعمل الأطراف على إعادة بناء الثقة.
وأضاف قرقاش في مؤتمر صحافي عبر الفيديو أن الإجراءات التي سيجري تطبيقها في غضون أسبوع من الاتفاق “تشمل إجراءات عملية تتعلق بخطوط الطيران والشحن البحري والتجارة”.
وتابع “بعض المسائل أسهل في إصلاحها وبعضها الآخر سيستغرق فترة أطول”، مضيفا أن مجموعات العمل الثنائية ستحاول تحريك الأمور. وقال “لدينا بداية جيدة جدا… لكن لدينا مشاكل تتعلق بإعادة بناء الثقة”.
العرب