مشروع قانون إيراني جديد يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على سياسة الانتقام لسليماني وتدمير إسرائيل

مشروع قانون إيراني جديد يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على سياسة الانتقام لسليماني وتدمير إسرائيل

في 30 كانون الأول/ديسمبر، قدّم السياسيون المتشددون في إيران مشروع قانون برلماني جديد يحدّد رد البلاد على حادثة اغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني. وفضلاً عن حظره إجراء أي مفاوضات حول القوة العسكرية الإيرانية أو الطموحات الإقليمية، سيلزم التشريع الحكومة بالعمل على طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط وتدمير إسرائيل في غضون عشرين عاماً.

في 30 كانون الأول/ديسمبر، قدّم السياسيون المتشددون في إيران مشروع قانون برلماني جديد يحدّد رد البلاد على حادثة اغتيال قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني بواسطة طائرة أمريكية بدون طيار قبل عام. وإذ تمحور القانون حول إرشادات المرشد الأعلى علي خامنئي التي أطلقها في 21 تموز/يوليو للانتقام لمقتل سليماني، تضمن التشريع أربعة أهداف رئيسية: (1) “الثأر الشديد والحاسم” من خلال إضعاف الولايات المتحدة وطردها من المنطقة؛ و(2) التصدي لأفعال إسرائيل والمضي قدماً في تحقيق هدف سليماني المتمثل بتدميرها؛ و(3) مواجهة “الإرهاب” الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة ضد إيران؛ و(4) اعتماد سياسة خارجية “مشرفة” (بمعنى التحدي).

وإذا تمّ تمرير القانون، فسيحظى ضمنياً بدعم كامل من المرشد الأعلى، وبالتالي سيضطر فريق الرئيس حسن روحاني والحكومات المستقبلية إلى التقيد به. وقد ينشئ الذراع التنفيذي مجالاً للمناورة من خلال صياغة أنظمة مختلفة لتحديد كيفية تطبيق القانون فعلياً، لكن “المجلس” قد يتدخل في أي مرحلة لعكس أي تغييرات غير مرغوب بها.

طرد الولايات المتحدة

كما توضح المادة 1، من شأن مشروع القانون أن يلزم الحكومة والقوات المسلحة رسمياً على اتخاذ تدابير ناشطة تهدف إلى إرغام “القيادة المركزية الأمريكية” على الخروج من المنطقة التي حددتها إيران بـ “منطقة الخليج الفارسي وغرب آسيا”. كما ستحمّل الدول المضيفة نفس القدر من المسؤولية عن أي أنشطة عسكرية وجمع المعلومات الاستخباراتية التي تقوم بها الولايات المتحدة انطلاقاً من أراضيها وتتعارض مع أي مصالح إيرانية. فضلاً عن ذلك، تنص المادة على أن أي عمل عسكري أمريكي ضد إيران سيؤدي إلى رد عسكري متناسب أو أقوى يستهدف البلد الذي نُفذ فيه (المادة 1.2). وبالمثل ، تنص المادة 4 على أن القوات المسلحة الإيرانية ملزمة بالرد بشكل متناسب على أي عمل يستهدف قتل مواطنين إيرانيين. وفي محاولة لخلق خلافات بين الولايات المتحدة والدول المضيفة، يَعِد مشروع القانون بـ “تعاون دفاعي” غير محدد مقابل ثمن متفق عليه مع أي بلد يتوقف عن استضافة القوات الأمريكية.

وفيما يتعلق بالتمويل، تسمح المادة 1.4 لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» بمكافأة أي فرد أو جماعة تشارك في استهداف القوات الأمريكية في المنطقة. وسيتمّ تمويل هذه المكافآت جزئياً من الإيرادات المتأتية من الصادرات التي ترعاها الدولة إلى العراق. وتشمل الصادرات الإيرانية إلى العراق الكهرباء والغاز الطبيعي، وقد بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 12 مليار دولار في عام 2020. وبالتالي، فإن نسبة 1 في المائة التي خصصها مشروع القانون لـ «فيلق القدس» تناهز حوالي 80 مليون دولار، على افتراض أن ما لا يقل عن ثلثي الصادرات إلى العراق يجري بين الحكومتين. وتعتبر هذه الهيكلية شكلاً أكثر رسمية مما فعله «فيلق القدس» في السنوات الأخيرة لتمويل عملياته ووكلائه في العراق، سواء من خلال سحب مبالغ من الأصول المحتفظة في العراق أو من خلال العمليات التجارية التي يقوم بها عبر الحدود.

وسيمنح مشروع القانون أيضاً «فيلق القدس» نسبة 30 في المائة من الرسوم الجمركية التي يتمّ جمعها من استيراد أي منتجات أمريكية الصنع أو موسومة بعلامة تجارية أمريكية عند موانئ الدخول الإيرانية (المادة 1.5). (وتجدر الإشارة إلى أنه يُحظر استيراد المنتجات والخدمات الأمريكية إلا إذا حظيت باستثناء “المجلس الأعلى للأمن القومي” بموجب المادة 1.8). وخلال النصف الأول من عام 2020، انخفضت الصادرات الأمريكية إلى إيران إلى حوالي 20 مليون دولار، لكن من المتوقع أن يرتفع هذا المبلغ بشكل كبير إذا تم رفع العقوبات. وبموجب نظام العقوبات الحالي، يُحظر تصدير السلع والخدمات من الولايات المتحدة إلى إيران، باستثناء الأدوية والأجهزة الطبية والسلع الزراعية.

وينص مشروع القانون على إقامة اتحاد نقدي بين دول “محور المقاومة” خلال عامين لتسهيل تدفق الأموال والسلع بين هذه الدول الأعضاء (المادة 1.10)، والتي تشمل حالياً قطاع غزة والعراق ولبنان وسوريا والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن. ويمكن اعتبار هذا البند مخالفاً لمشاريع القوانين السابقة التي سعت إلى تطبيق المعايير الدولية التي أوصت بها “مجموعة العمل المالي”، وكانت قد واجهت مقاومة شديدة من خامنئي وأعضاء متشددين في البرلمان. وفي خطوة أخرى لتشجيع العلاقات التجارية مع الدول الصديقة وإفشال العقوبات، يوجه مشروع القانون وزارة الخارجية إلى إعطاء الأولوية للتجارة مع الصين والعراق وروسيا وسوريا وفنزويلا (المادة 1.11)، بدلاً من الدول الغربية.

ويحظر مشروع القانون أيضاً أي “تعاون فعال” بين المواطنين الإيرانيين والحكومة الأمريكية والمنظمات الأخرى، باستثناء الأنشطة الثقافية والتعليمية المصرح بها والتي من شأنها تعزيز مصالح النظام. وبموجب قانون “مكافحة الأنشطة الإرهابية الأمريكية المتهورة في المنطقة” الصادر في 13 آب/أغسطس 2017، سيتم محاكمة الأفراد المتهمين بمثل هذه الأعمال بتهم التجسس. وعند تعذر اعتقال المتهمين في إيران، ستدرجهم الحكومة على لائحة الإرهاب (المادة 1.6). ويمكن أن يسهل هذا البند استهداف المنشقين الإيرانيين في دول أخرى وكذلك الموظفين الأمريكيين-الإيرانيين مزدوجي الجنسية الذين يعملون لصالح الحكومة الأمريكية أو المنظمات غير الحكومية.

وفيما يتعلق باحتمال إجراء مفاوضات مع واشنطن، سيحظر مشروع القانون بل وسيجرّم أي محادثات تتعلق بالقوة العسكرية للنظام (بما في ذلك الصواريخ)، أو دوره في المنطقة، أو علاقاته مع ما يسمى بمحور المقاومة. وفي الواقع، يحظر مشروع القانون على الحكومة تقديم تنازلات في أي موضوع آخر غير البرنامج النووي (المادة 2). ولتحقيق مزيد من الحد من سلطة الحكومة، يمنع مشروع القانون إجراء أي مفاوضات مع الأمريكيين أو بحضورهم ما لم تعمد الإدارة الأمريكية إلى (1) الاعتذار رسمياً عن الانسحاب من «خطة العمل الشاملة المشتركة» في عام 2018 ومقتل سليماني، و(2) الموافقة على تعويض إيران عن الأضرار التي تكبدتها نتيجة لذلك الانسحاب (المادة 3). وإذا عادت إيران إلى التزاماتها الأساسية بموجب «خطة العمل الشاملة المشتركة»، فعليها القيام بذلك تدريجياً ضمن خطوات، ويجب أن يصادق “المجلس” على كل منها بشكل منفصل (المادة 3).

دعم الفلسطينيين و “جبهة المقاومة”

تُكلف المادة 5 من مشروع القانون الحكومة الإيرانية رسمياً بتدمير “النظام الصهيوني المعتدي” بحلول عام 2041. وتشمل هذه المبادرة الجريئة خرق الحصار المفروض على غزة بإرسال البضائع الأساسية إلى سكان القطاع عبر الخطوط البحرية، وذلك في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، سيُطلب من الحكومة أن تعمل بنشاط على تعزيز حق “عودة اللاجئين الفلسطينيين”، وحق “العودة إلى القدس”، و “تحرير الجولان”، و “الحج السنوي إلى القدس”.

وبالمثل، تكلّف المادة 6 الحكومة تقديم المعونة الإنسانية لـ “الشعب الثوري” في اليمن، والمساعدة في كسر الحصار المفروض على المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون عن طريق إرسال “السلع الأساسية والأدوية والوقود” بصورة مباشرة. وسيتم إرسال هذه الشحنات كل ثلاثة أشهر على الأقل تبدأ في موعد أقصاه آذار/مارس 2021. ويصف مشروع القانون أي محاولة لمنع وصول هذه الشحنات إلى وجهتها بأنها “عمل حربي ضد الجمهورية الإسلامية”.

كما ينص مشروع القانون على حق الإقامة الدائمة للمهاجرين وطالبي اللجوء، مما يمنحهم حقوقاً مساوية لحقوق المواطنين (المادة 13). وسيتم تسريع طلبات الحصول على الجنسية من المهاجرين واللاجئين الذين يخدمون في القوات المسلحة الإيرانية والذين “شاركوا بشكل مباشر في العمليات العسكرية”. وتهدف هذه الأحكام بشكل أساسي إلى تشجيع المواطنين الأفغان والباكستانيين وغيرهم من المواطنين الذين جندهم «فيلق القدس» للخدمة في وحداته التي تعمل بالوكالة. وأخيراً، يكلّف مشروع القانون ميليشيا “الباسيج” بتسهيل التواصل مع “أي جبهة شعبية في جميع أنحاء العالم تعمل على مواجهة الولايات المتحدة” (المادة 14).

الخاتمة

من المتوقع أن أن يتم تمرير مشروع القانون الجديد بأكمله في “المجلس” والمصادقة عليه من قبل “مجلس صيانة الدستور”، ويُعد مشروع القانون الجديد مثالاً جيداً على نوايا إيران الإرهابية، والمناهضة للولايات المتحدة، والمعادية لإسرائيل. وعلى الرغم من أن التشريع لا يشير إلى أي جديد بشأن أنشطة الحكومة أو أهدافها، إلا أنه يثبت ويكرّس رسمياً توجه سياسة طهران العدائية بعبارات واضحة لا يمكن إنكارها. ومن ثم، يجب محاسبة النظام على مضمون مشروع القانون إذا ما أصبح قانوناً. وفيما يتعلق بالعراق، يجب أن تذكّر الولايات المتحدة شركاءها المحليين – وفقاً للتشريعات الإيرانية – بأن أي أموال تجنيها طهران من التجارة مع الدول المجاورة ستموّل جزئياً المساعي الرامية إلى قتل الأمريكيين.

فرزين نديمي

معهد واشنطن