تشهد صناعة النفط والغاز انتعاشا بطيئا بعد أن بلغت أدنى مستوياتها جراء جائحة “كوفيد-19″، لكن من غير المتوقع أن يعود الإنفاق على إنتاج النفط في جميع أنحاء العالم إلى مستوياته السابقة.
وفي تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” (Wall Street Journal) الأميركية، يقول الكاتبان كولين إيتون وريبيكا إليوت، إن الطريق أمام انتعاش صناعة النفط والغاز مجددا ما زال طويلا ومليئا بالتحديات رغم بداية تعافي الأسعار، وذلك في ظل المنافسة المحمومة مع الاستثمار في الطاقات المتجددة.
وحسب توقعات شركة “وود ماكنزي” (Wood Mackenzie)، سيبقى الإنفاق العالمي على إنتاج النفط والغاز منخفضا مقارنة بالمستويات التي بلغها قبل الجائحة، حتى عام 2025 على الأقل، بالنظر إلى الضغوطات التي تواجهها الشركات لتحسين العوائد وتقليل انبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري.
ويرجح الخبراء أن تتأثر سوق النفط والغاز على المدى البعيد بزيادة مستويات الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى.
وفي استطلاع أجراه فرع الاحتياطي الفدرالي في دالاس في الربع الرابع من 2020، أكد ثلث منتجي النفط أنهم يخططون لزيادة النفقات بشكل طفيف في عام 2021، بينما قال حوالي نصف المنتجين إنهم سيواصلون الإنفاق بمعدلات 2020 نفسها أو أقل.
وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، تتوقع “وود ماكنزي” أن يصل الإنفاق العالمي على النفط إلى ما يزيد قليلا على نصف ما استثمرته الشركات في النصف الأول من العقد الأول من هذا القرن، وكانت جائحة “كوفيد-19” قد أدت إلى تراجع الاستثمارات النفطية إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2005.
من المتوقع أن يستقطب الاستثمار في الطاقات المتجددة وتقنيات الطاقة النظيفة 60% من استثمارات الطاقة العالمية خلال العقد المقبل (شترستوك)
الاستثمار في الطاقات البديلة
يتزامن هذا التباطؤ مع بحث المستثمرين عن بدائل للنفط والغاز، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والتي شهدت انخفاضا كبيرا في التكلفة خلال السنوات الأخيرة، والتقنيات الجديدة مثل تخزين الطاقة بالبطاريات.
وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يستقطب الاستثمار في الطاقات المتجددة وتقنيات الطاقة النظيفة الأخرى، 60% من استثمارات الطاقة العالمية خلال العقد المقبل.
ومن المنتظر حسب الوكالة أن ترتفع قيمة الاستثمارات في الوقود غير الأحفوري إلى معدل سنوي يبلغ 1.4 تريليون دولار، مقابل 935 مليار دولار للنفط والغاز الطبيعي والفحم، وتتوقع الوكالة أن تشكل هذه الاستثمارات حوالي ثلثي الإنفاق العالمي على الطاقة في ثلاثينيات هذا القرن.
من جانبها، تتوقع شركة “آي.إتش.إس ماركت” (IHS Markit) للاستشارات، أن ترتفع نسبة الطلب على الطاقات غير الكربونية -بما في ذلك الطاقة النووية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية- من 9.8% في 2019، إلى حوالي 13% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2030.
زيادة الإنفاق
حسب الكاتبين، من غير المؤكد ما إن كانت هذه التحولات ستؤثر بشكل مباشر على المستهلكين في السنوات القليلة المقبلة، لكن عددا من الخبراء يعتقدون أنه سيكون على شركات النفط أن تزيد من الإنفاق لتلبية الطلب العالمي في العقود المقبلة.
وشدد منتدى الطاقة الدولي -المؤسسة العالمية التي تقدم الاستشارات للدول المستوردة والمصدرة للطاقة- على ضرورة رفع الإنفاق على صناعة النفط بنحو 225 مليار دولار بحلول عام 2030، وذلك من أجل تجنب ارتفاع أسعار الوقود بما يؤثر سلبا على معدلات النمو الاقتصادي.
وفي شأن متصل، توقعت شركة “ريستاد إنرجي” (Rystad Energy) لاستشارات الطاقة، أن يستغرق العثور على إمدادات كافية لتلبية الطلب العالمي على الطاقة حتى عام 2050، ما لا يقل عن 80 عاما إذا بقيت معدلات الاستكشاف على ما كانت عليه خلال العقد الماضي.
ويتوقع موقع “غازبادي” (GasBuddy) المتخصص في أسعار الطاقة أن يرتفع إنفاق العائلات الأميركية على البنزين خلال العام الجاري، لكن مع بقائه في مستويات أقل مما كان عليه بين 2017 و2019.
ويعتقد الكاتبان أن التوقعات بارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية خلال السنوات المقبلة، من بين أبرز العوامل التي تفسر سبب استمرار شركات النفط في الإنفاق بمعدلات منخفضة.
وتتوقع شركة “ديلويت” للخدمات المهنية (Deloitte) أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية إلى حوالي 32% من مبيعات السيارات الجديدة على مستوى العالم في عام 2030.
المصدر : وول ستريت جورنال