إجراءات حكومية عاجلة لتطويق الاحتقان الاجتماعي بالفنيدق المغربية

إجراءات حكومية عاجلة لتطويق الاحتقان الاجتماعي بالفنيدق المغربية

الرباط – سارعت الحكومة المغربية لاتخاذ إجراءات اقتصادية عاجلة بهدف تطويق حالة الاحتقان الاجتماعي التي شهدتها مدينة الفنيدق (شمال) في الآونة الأخيرة.

وأعلنت الحكومة عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات لـ”تحقيق التنمية الاقتصادية” في مدينة الفنيدق والمدن المجاورة، عقب تظاهر المئات من المواطنين الجمعة الماضي احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية جرّاء إغلاق معبر مدينة “سبتة” الحدودية.

وذكرت الحكومة أنها ستقوم بتنفيذ برنامج يروم تسريع بناء وتهيئة منطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق.

وطالبت أوساط حقوقية الجهات الحكومية بنهج سياسة اجتماعية استثنائية وبالتحرك لأجل خلق بدائل تشغيل في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية.

وأكد محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، لـ”العرب” على حق الشباب والفئات الاجتماعية المتضررة مما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في التظاهر السلمي للتعبير عن مخاوفهم وآمالهم.

واعتبر النائب نبيل أندلوسي، في حديثه لـ”العرب” أن “الاحتقان الذي تعرفه مدينة الفنيدق منذ شهور كان منتظرا أن يتحول إلى شكل إحتجاجي، فالضغط والحرمان والحاجة حتما تولد الغضب والانفجار والاحتجاجات”.

ويعتمد اقتصاد المدينة بنسبة كبيرة على أنشطة “التهريب المعيشي” عبر نقل السلع من سبتة وبيعها داخل المغرب، حيث تشكل هذه التجارة مصدر رزق لغالبية السكان منذ عقود.

وعلى إثر قرار المغرب إغلاق المعبر مع مدينتي سبتة ومليلية الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، بشكل نهائي في ديسمبر 2019، تأزمت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لسكان المنطقة.

وكان بيان “نداء الفنيدق” الذي صدر قبل أيام من الاحتجاج ووقعته 100 شخصية من عوالم السياسة والفكر والعمل المدني قد دق ناقوس الخطر لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع، مطالبا الجهات المعنية بالتدخل وإيجاد الحلول المناسبة لإشكالية البطالة.

وأطلقت السلطات المحلية حوارا مفتوحا مع فعاليات محلية ونشطاء من المجتمع المدني، خاصة ممثلي فئات الشباب والنساء، الذين عبروا عن تطلعاتهم وآرائهم. وتطرق الحوار إلى الظروف القاسية التي يتكبدونها جراء الانتكاسة الاقتصادية التي تعرفها المنطقة، كما نقلوا معاناة السكان وألحوا على ضرورة إيجاد حلول عاجلة تضمن الكرامة والدخل المستدام.

وأبدى والي الجهة (المحافظ) محمد مهيدية تفهمه للوضعية الصعبة التي تمر بها المنطقة وآثارها الاقتصادية والاجتماعية على السكان. كما عبر عن تفهمه لانتظارات السكان وتطلعاتهم المشروعة في توفير حلول وأنشطة اقتصادية بديلة.

السلطات المحلية والفاعلون الاقتصاديون سيعطون حاملي الشهادات من شباب المنطقة الأولوية في الحصول على فرص الشغل

وأوضح مهيدية أن “التعبئة لتحقيق هذه الحلول انطلقت منذ بداية السنة وما تزال متواصلة عبر إطلاق البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعمالة المضيق – الفنيدق وإقليم تطوان”.

وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن “اتفاق بين مسؤولي الإدارة الترابية مع المستثمرين لخلق دينامية، وذلك عبر توفير مصانع وورشات عمل لخلق فرص شغل بالمنطقة في أقرب الآجال”.

واتفق مسؤولون وخبراء اقتصاد بجهة طنجة تطوان الحسيمة على ضرورة توفير المئات من الوظائف لسكان المنطقة بشكل استعجالي وآني.

وأوضحت المصادر أن السلطات المحلية والفاعلين الاقتصاديين سيعطون حاملي الشهادات من شباب المنطقة الأولوية في الحصول على فرص الشغل خصوصا في المنطقة الحرة بالميناء المتوسطي.

ووعدت السلطات بأنه سيتم تشجيع وتكثيف التسجيل في قاعدة الباحثين عن العمل لدى الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات للرفع من حظوظ الحصول على فرص شغل داخل الشركات المحلية أو الجهوية.

وأكد أندلوسي أن “الدولة مطالبة بإيجاد الحلول المناسبة والعاجلة لقرار توقيف التهريب المعيشي من معبر باب سبتة”.

واستنتج أن الالتجاء للمقاربة الأمنية لتطويق الاحتجاجات لا يحل الإشكال بقدر ما يؤججه أو يؤجله، داعيا إلى “إطلاق سراح المعتقلين وإيجاد حلول للشباب والأسر المتضررة من قرار الإغلاق”.

وعلى صعيد سياسي، حمل حزب الاستقلال المعارض الحكومة مسؤولية الاحتجاجات، معتبرا أنها “تسيء إلى الإنجازات الاجتماعية التي تحققت لهذه المنطقة”.

وعبر الحزب في بيان، توصلت “العرب” بنسخة منه، عن “تضامنه المطلق مع سكان الفنيدق وظروفهم المأساوية”، معتبرا أن “الاحتجاجات السلمية للسكان هي نتاج طبيعي لهذا الوضع الاقتصادي المتردي”.

ورفض حزب الاستقلال أي محاولة لاستثمار هذا الوضع بالفنيدق سياسيا خاصة في هذه المرحلة الدقيقة، كما شدد الحزب على أن التعاطي الأسلم هو الحوار والاستماع لمشاكل السكان والتفاعل الإيجابي معها وتقديم البدائل.

العرب