واشنطن – برّأ مجلس الشيوخ الأميركي الرئيس السابق دونالد ترامب في ثاني محاكمة له خلال 12 شهرا، بعدما رفض الجمهوريون إدانته بشأن دوره في الهجوم الذي شنه أنصاره على مبنى الكونغرس.
وجاء تصويت مجلس الشيوخ بأغلبية 57 صوتا مقابل 43، وهو أقل من أغلبية الثلثين اللازمة لإدانة ترامب بتهمة التحريض على التمرد، وذلك في ختام محاكمة استمرت خمسة أيام في نفس المبنى الذي اقتحمه مؤيدوه في السادس من يناير بعد وقت قصير من حضورهم تجمعا ألقى فيه ترامب خطابا تحريضيا.
وانضم إلى الديمقراطيين في تأييد إدانة الرئيس السابق سبعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الخمسين.
وجادل فريق الدفاع عن ترامب بأن المحاكمة ما كان يجب أن تعقد من الأساس لأنه ترك السلطة، كما أن خطابه وسط أنصاره محمي بضمان الحق في حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي.
وفي مسعى إلى قلب الطاولة، عرض محامو الدفاع مجموعة من التسجيلات التي تظهر نوّابا ديمقراطيين في مواقف مختلفة وهم يستخدمون كلمة “قاتلوا”.
وأشار الديمقراطيون من مجلس النوّاب الذين تولّوا إدارة إجراءات المحاكمة إلى أنّ ترامب أثار التوتّر عن قصد بعد خسارته أمام بايدن، عبر إطلاقه ما وصفوه بحملة من الأكاذيب بشأن وجود تزوير واسع النطاق للانتخابات.
وكان ترامب دعا إلى تجمّع في السادس من يناير قرب البيت الأبيض دعا فيه الحشود إلى الخروج في مسيرة باتّجاه الكونغرس، الذي كان يستعدّ للمصادقة على فوز بايدن.
واقتحمت المجموعة بعدها الكابيتول فعطّلت جلسة المصادقة، وقتل خمسة أشخاص، بينهم شرطي وامرأة قضت بالرصاص خلال الاضطرابات.
ورحّب ترامب بتبرئته، معتبرا أنّ حركته السياسية “بدأت للتوّ”. وقال في بيان إنّ “حركتنا التاريخيّة والوطنيّة والجميلة لجعل الولايات المتحدة عظيمة مجدّدا بدأت لتوّها”.
وأضاف “في الأشهر المقبلة، لديّ الكثير لأتشاركه معكم، وأنا أتطلّع إلى مواصلة رحلتنا الرائعة معا لتحقيق العظمة الأميركيّة لشعبنا بأجمعه”.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن السبت بعد تبرئة ترامب “في حين أن التصويت النهائي لم يؤد إلى إدانة، فإن جوهر التهمة ليس محل خلاف”.
وأضاف “هذا الفصل المحزن من تاريخنا ذكرنا بأن الديمقراطية هشة.. يجب الدفاع عنها دائما. يجب أن نكون على الدوام يقظين”.
ووجّه زعيم الأقلية الجمهوريّة في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل انتقادات لاذعة لترامب، رغم التصويت على تبرئة الرئيس السابق، معتبرا أنّه “مسؤول” عن اعتداء 6 يناير.
وقال في خطاب عقب التصويت “لا شكّ في أنّ ترامب مسؤول عمليا وأخلاقيا عن إثارة أحداث ذلك اليوم”. وأضاف “هؤلاء المجرمون كانوا يحملون راياته. يعلّقون أعلامه ويصرخون بالولاء له”.
ووصف ماكونيل تصرّفات ترامب التي أدّت إلى ذلك الاعتداء بأنّها “تقصير مشين في أداء الواجب”. وذهب أبعد من ذلك، مشيرا إلى أنّ ترامب قد يواجه اتّهامات الآن بعد أن ترك منصبه.
وبعد المحاكمة، وصفت رئيسة مجلس النوّاب نانسي بيلوسي التي استُهدِفت علانية من قبل مثيري الشغب وتمّ إجلاؤها من مبنى الكابيتول، أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريّين الذين صوّتوا لصالح تبرئة ترامب بأنّهم “جبناء”.
وقالت إنّ “رفض الجمهوريين في مجلس الشيوخ تحميل ترامب مسؤوليّة إثارة تمرّد عنيف للتشبّث بالسلطة سيُصبح واحدا من أحلك الأيّام وأكثر الأعمال المخزية في تاريخ أمّتنا”.
وكان الجمهوريون أنقذوا ترامب من العزل من قبل في الخامس من فبراير العام الماضي خلال محاكمته السابقة، عندما صوت لإدانته وعزله من منصبه عضو جمهوري واحد بمجلس الشيوخ هو ميت رومني.
ولا يزال ترامب (74 عاما) يحكم قبضته على الحزب الجمهوري معتمدا على التأييد لنهجه الشعبوي اليميني ومبدأ “أميركا أولا”.
ويدرس الرئيس السابق خوض انتخابات الرئاسة القادمة عام 2024.
وأصبح ترامب ثالث رئيس أميركي على الإطلاق يخضع للمساءلة بمجلس النواب، وهو إجراء شبيه بالاتهام الجنائي، كما أنه أول رئيس يواجه المساءلة مرتين، وأول رئيس يمثل للمحاكمة بمجلس الشيوخ بعد تركه المنصب. ولم يدن مجلس الشيوخ أي رئيس من قبل.
ووضع الدستور الأميركي المساءلة أداة يزيح بها الكونغرس أي رئيس يدان “بالخيانة أو الرشوة أو غيرهما من الجرائم الكبيرة”.
وفي أول رد فعل له قال ترامب إن محاكمة مجلس الشيوخ كانت مرحلة أخرى من “أكبر حملة اضطهاد في تاريخ بلدنا”.
العرب