قيادات إقليم كردستان العراق تكثّف تحذيراتها من وجود خطر حقيقي لعودة تنظيم داعش مجدّدا إلى البلاد، وفي أذهانها المخاطر التي ستترتّب على سحب الولايات المتّحدة لقوّاتها، ما يعني اختلال موازين القوّة بالكامل لإيران والميليشيات التي لا تظهر الودّ للإقليم وتصنّفه في خانة المعسكر الأميركي المعادي لها.
أربيل (العراق) – يتخوّف أكراد العراق من مغادرة القوات الأميركية للبلاد ما سيؤدّي إلى اختلال التوازن بشكل كامل لمصلحة إيران وأتباعها، الأمر الذي سيزيد من إضعاف الإقليم الذي يعاني أصلا مشاكل اقتصادية مستعصية ويواجه ضغوطا شديدة من قبل الأحزاب الشيعية المهيمنة على السلطة المركزية.
كما يخشى هؤلاء من أن يصبح إقليمهم بعد خروج القوات الأميركية منكشفا بشكل كامل أمام القوات التركية التي ضاعفت من عملياتها العسكرية داخله بذريعة ملاحقة عناصر حزب العمّال الكردستاني، في ظل عجز القوات العراقية عن صدّ التحرّشات التركية.
وأكّد سيروان البارزاني قائد البيشمركة (جيش كردستان العراق) استمرار الحاجة لمساعدة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة، محذّرا من أن الآلاف من عناصر الدولة الإسلامية بصدد الإعداد لشن موجة جديدة من الهجمات.
وقال الجنرال الكردي البارز لصحيفة التايمز البريطانية إنّ “المتطرفين يستغلون الهدوء في العمليات المناهضة لداعش بسبب وباء كورونا للخروج من بين المدنيين والعودة إلى النشاط تحت قيادة للتنظيم تعمل في المناطق الجبلية بالبلاد”.
وتقدر البيشمركة أن هناك أكثر من 7000 عنصر من داعش في العراق كان أغلبهم قد فرّوا أثناء تحرير الموصل سنة 2017.
واعتبر البارزاني أنّ التنظيم “مازال يشكل تهديدا كبيرا للعالم بأسره” وأن عناصره “سيستمرون في الضغط لأنهم يريدون أن يصبحوا أكثر قوة”. وأضاف “عندما بدأ تحرير المنطقة بأكملها حلق عناصر داعش لحاهم وتظاهروا بأنهم مدنيون لكنهم كانوا ينتظرون الفرصة وعادوا ببطء لتنظيم صفوفهم”.
خروج القوات الأميركية يجعل كردستان العراق منكشفا أمام القوات التركية التي ضاعفت من عملياتها العسكرية داخله
كما أشار إلى أن تداعيات قتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني أدت إلى تعليق تدريب التحالف الدولي للقوات العراقية والكردية، وأنّ التدريب توقّف مؤقتا مرة أخرى في مارس الماضي مع انتشار فايروس كورونا في جميع أنحاء العالم. كما علقت قوات التحالف غارات مشتركة مع القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شمال سوريا.
وفي وقت لاحق من العام تم تسليم قاعدة التاجي العسكرية شمال بغداد إلى قوات الأمن العراقية، وأعيد أفراد الجيش البريطاني على دفعات إلى بلادهم ولم يبق منهم سوى 100 جندي. ويوجد الآن نحو 2500 جندي أميركي في العراق من مجموع 5200 في الصيف الماضي.
ولفت البارزاني إلى أنّ نشاط التحالف كان أقل في بداية الوباء وأن طائراته كانت تعمل بنحو 80 في المئة من طاقتها. وقال إن غارة سلاح الجو الملكي البريطاني الشهر الماضي على مستودع يحتوي على عبوات ناسفة كانت الأولى من قبل القوات البريطانية منذ ثلاثة أشهر.
وأضاف أن قناصة داعش تمكنوا خلال الأشهر الستة الماضية من وضع أيديهم على نظارات الرؤية الليلية التي كانت تساعدهم على الهجوم تحت جنح الظلام.
ويشارك مسؤولون عراقيون كبار في مقدّمتهم رئيس الجمهورية برهم صالح قيادات كردستان العراق دعوتهم لمواصلة القوات الأميركية دعمها لجهود مواجهة فلول تنظيم داعش.
وبحث صالح، الخميس، مع السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر مواصلة التنسيق بين العراق والولايات المتّحدة لـ”مكافحة فلول الإرهاب”، داعيا إلى عدم الزج ببلاده في “صراعات الآخرين”.
وقالت الرئاسة العراقية، في بيان، إن لقاء صالح وتولر في قصر السلام ببغداد “بحث العلاقات الثنائية الوثيقة ومختلف جوانب التعاون المشترك بين البلدين”.
كما بحث “سبل تطوير آفاق التعاون في سياق الحوار الاستراتيجي، وصولا إلى شراكة استراتيجية في مختلف المجالات تخدم المصالح المتبادلة وتعود بالسلام والمنفعة على الشعبين وكل المنطقة”.
وأكد صالح وفق البيان “ضرورة مواصلة التنسيق لمكافحة فلول الإرهاب وترسيخ سلطة الدولة في فرض القانون واحترام سيادتها، وأهمية تخفيف حدة التوترات في المنطقة وعدم زج البلاد في صراعات الآخرين”.
وتزداد منذ فترة هجمات دموية يشنها داعش في العراق مقابل عمليات عسكرية مكثفة تقوم بها القوات العراقية في مناطق نشاط التنظيم، لاسيما المنطقة المعروفة بمثلّث الموت والواقعة بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك شمالي العاصمة بغداد.
وشدد السفير الأميركي على التزام واشنطن بـ”دعم أمن واستقرار وازدهار البلاد وترسيخ سيادتها، وتعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات”.
وتصاعدت في العراق حدة توترات بين طهران وواشنطن منذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية أبومهدي المهندس في قصف جوي أميركي قرب مطار بغداد أوائل العام الماضي.
وتتهم واشنطن فصائل شيعية عراقية موالية لإيران باستهداف صاروخي متكرر للسفارة الأميركية في بغداد، إضافة إلى قواعد يوجد بها جنود أميركيون ضمن التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتّحدة، ومن بينها القاعدة الواقعة في مطار أربيل بكردستان العراق والتي تعرّضت الإثنين إلى قصف صاروخي خلّف قتيلا وعدّة جرحى بينهم جنود أميركيون
العرب