الجامعة الأميركية في بغداد تسعى لسد الثغرات في البرامج التعليمية

الجامعة الأميركية في بغداد تسعى لسد الثغرات في البرامج التعليمية

على أنقاض مشاريع سابقة للرئيس الراحل صدام حسين وقع الاثنين تدشين الجامعة الأميركية في بغداد التي تعد الطلاب العراقيين بتعليم على النمط الأميركي يعتمد على مناهج متنوعة ومتطورة ويحفزهم على اكتشاف الفنون الليبرالية. وعلى الرغم من أهمية الحدث بالنسبة إلى قطاع يشكو الانهيار والتراجع منذ الغزو الأميركي للبلد إلا أن مسؤولي الجامعة طالتهم الانتقادات بحسب ما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس” التي أكدت أن مصادر تمويلها تعتمد على استثمارات رجل أعمال عراقي مؤثر يدعى سعدي صيهود.

بغداد – من بعيد، يبدو المبنى المترامي الأطراف للجامعة الأميركية التي تمّ افتتاحها حديثا في بغداد وكأنه سراب عائم. يقف المبنى محاطا بالمياه الزرقاء لبحيرة اصطناعية، حيث تمّ تحويل القصور التي تعود إلى عهد الرئيس الراحل صدام حسين إلى أقسام جامعية تعد بتعليم على النمط الأميركي أملا في تلبية تطلعات الشباب العراقي.

منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تعثر التعليم العالي في ظل ضعف السياسات الحكومية المتبعة وغياب الإصلاحات.

ويؤكد مسؤولون حكوميون أن الجامعة الأميركية في بغداد، التي وقع افتتاحها الإثنين ، ضرورية لإسناد حالة التعليم المتعثرة في البلاد، كما من شأنها أن تسد ثغرات تعليمية كبيرة.

وأعرب مايكل مولنيكس، رئيس الجامعة الأميركية في العراق في مقابلة أجرتها معه سامية كولاب الصحافية بوكالة أسوشيتد برس عن سعادته لهذه الخطوة وآماله الكبيرة في أن تساهم في إصلاح أوضاع التعليم ببلد أنهكه الصراع الطائفي والتهديدات الإرهابية.

وقال مولنيكس “أشعر وكأنني رئيس بلدية لمدينة كبيرة وليس مجرد رئيس جامعة”.

وعلى الرغم من التهديدات الأمنية في ظل استقرار حكومي هش وحالة الطوارئ الصحية التي فرضت قيودا على التنقل والتي قد تهدد بتأخير مشاريع قطاع التعليم، إلّا أن مسؤولي الجامعات يمضون قدما في خطط التوسع.

ومن بين 14 كلية يأمل مولنيكس أن تزدحم يوما ما بالمتطلعين إلى التعلم، تم افتتاح ثلاث منها فقط في الآونة الأخيرة في اختصاصات الفنون والعلوم، وإدارة الأعمال والدراسات الدولية. ومن المخطط أن يتم افتتاح خمس كليات أخرى بحلول الخريف القادم، من بينها كليات العلوم الصحية والقانون.

كما يجري العمل على خطط لإنشاء مدرسة دولية تبدأ من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، ومستشفى تعليمي، وحتى دار سينما. بموازاة ذلك وقع إبرام صفقة لإنشاء سلسلة مطاعم الوجبات السريعة الأميركية “هارديز”، و”ستاربكس”.

ولكونه رئيسا للجامعة، تتوافق قائمة مهام مولنيكس الطويلة مع النطاق الطموح للجامعة، من الإشراف على جهود إعادة الإعمار الضخمة لقصور صدام قبل ثلاث سنوات، إلى تعيين الموظفين وإدارة خدمات الطعام ودفع فواتير الخدمات.

وتقع الجامعة في الموقع الذي كلف فيه صدام وزراءه ببناء منتجع، وتضمن المشروع قصر الفاو الكبير والعديد من الفيلات وقصورا أصغر، وقد أنشئ في التسعينات للاحتفال باستعادة العراق لشبه جزيرة الفاو خلال الصراع الإيراني العراقي.

وتشكلت البحيرة الاصطناعية عن طريق تحويل المياه إليها من نهر دجلة، وهي مليئة بنوع مهجن من السمك أطلق عليه مسمّى “صدام باس” أو “قاروص صدام”.

ولا تزال الأحرف الأولى لاسم صدام محفورة على الجدران والأعمدة والسقوف. وبعد أسره من قبل القوات الأميركية، تم سجنه في أحد مباني القصر. وتم استخدام القصر لاحقا كمقر لقوى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وأطلق عليه اسم “كامب فيكتوري”.

قال مولنيكس “نشعر بوجوده حولنا في كل مكان. إنه أمر جيد جدا أن نأخذ هذا الإرث ونحوّله إلى ما نقوم به الآن”.

وأردف بالقول “حلمنا هو إقامة جامعة على الطراز الأميركي مع إنشاء برنامج أساسي للفنون الحرة في بغداد”، وهذه ليست رؤيته فحسب، بل رؤية الممول العراقي الرئيسي للجامعة، رجل الأعمال المؤثر سعدي صيهود الذي بدأت ممتلكاته بمغسلة للملابس في المنطقة الخضراء لخدمة القوات الأميركية بعد عام 2003.

ولفت مولنيكس إن “الفنون الليبرالية تعد مفهوما جديدا في العراق”.

وفي الوقت الحالي، الجامعة “أميركية” بالاسم فقط، وسوف يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتم اعتمادها في الولايات المتحدة. وحسب مولنيكس يجب عليهم أولا إنتاج فصل تخرج أولي.

مع ذلك تعرضت الجامعة لانتقادات واسعة أمام شكوك في مصداقية مخطط تمويل الجامعة، الذي يعتمد على رجل أعمال عراقي مؤثر، وروّج منتقدوه على أنه يطمح إلى تحقيق مكاسب مالية.

الجامعة الأميركية قبلت أقل من 300 طالب في عامها الافتتاحي، وهو عدد أقل بكثير من توقعات مؤسسيها الذين كانوا ينتظرون قبولها لما يقل عن 10 آلاف إلى 30 ألف طالب

وأنفقت عائلة صيهود 200 مليون دولار لتجديد الحرم الجامعي، ما أثار انتقادات للاعتماد المفرط على الثروة الشخصية لرجل أعمال واحد. فيما رفض مولنيكس الادعاءات التي أطلقها منتقدو الجامعة، بما في ذلك بعض المسؤولين العراقيين وغيرهم من مسؤولي التعليم العالي، بأن الأسرة تسعى إلى كسب المال عبر متاجرتها بالتعليم.

وأوضح مولنيكس “هذه جامعة غير هادفة للربح بنسبة 100 في المئة.. كل الأموال التي يتم جنيها عن طريق التعليم تعود إلى الجامعة، وليس إلى العائلة”.

وتعد الجامعة الأميركية الجديدة هي أول جامعة على الطراز الأميركي في العراق. فيما توجد جامعتان على الطراز الأميركي في دهوك والسليمانية بالمنطقة الشمالية التي يديرها الأكراد.

ومن المتوقع أن يستغرق النهج الأميركي في التعليم، والذي يشجع على اتباع مناهج وأساليب متنوعة، وقتا لاكتساب شعبية لدى صفوف الطلبة في بغداد، حيث تحدد درجات امتحانات المدارس الثانوية المسارات الوظيفية والدرجات العلمية في الهندسة والعلوم الطبية.

وقد يفسر هذا سبب تواضع تسجيلات الطلبة إلى حد الآن. حيث تم قبول أقل من 300 طالب في الجامعة في عامها الافتتاحي هذا العام، وهو عدد أقل بكثير من توقعات مؤسسيها الذين قدّروها بقبول ما لا يقل عن 10 آلاف إلى 30 ألف طالب.

وقد التحق أغلب الطلبة بأكاديمية اللغة الإنجليزية في الجامعة لتحسين مهاراتهم في اللغة الإنجليزية قبل الشروع في برنامج البكالوريا.

ولفت مولنيكس إلى إن معظم الطلاب يتمتعون بمهارات أساسية في اللغة الإنجليزية، وهي ليست كافية لتلبية متطلبات الجامعة.

وختم بالقول”علينا تولي زمام الأمور من البداية. الطلاب القادمون إلى هنا لديهم مهمة ستستغرق عاما أو عاما ونصف العام بالنسبة إلى البعض منهم حتى يبدأوا في المستوى الأساسي للدخول في برنامج اللغة الإنجليزية”.

العرب