يواصل مسلحو فصائل عراقية مسلحة تحشيدهم في بلدة سنجار 110 كيلو مترات غرب مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى شمالي العراق، إلى جانب الانتشار الواسع لمسلحي حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، بما يجعل من تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع في المدينة والموقعة بين بغداد وأربيل منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي بمثابة الملغاة.
وتنص اتفاقية تطبيع الأوضاع على إخراج المليشيات والقوات غير الحكومية بمختلف هوياتها من المدينة بشكل يسمح بعودة الحياة، كما كانت قبل اجتياح تنظيم “داعش” الإرهابي واستباحته للمدينة في 2014.
وجاء التحشيد الجديد للمليشيات في سنجار بعد بيانات لزعماء وقيادات سياسية حليفة لإيران، قالت إن الجيش التركي يستعد لاجتياح المدينة، مهددة بأنها لن تقف مكتوفة الأيدي.
وتشير مصادر محلية في المدينة إلى تضاعف عدد أفراد المليشيات في المدينة خلال الأسبوعين الماضيين، التي اتخذت من مبان حكومية ومنازل فارغة مقرات لها، وسط تعزيز مسلحي حزب العمال الكردستاني انتشاره في جبل سنجار وقرى كردية وعربية فارغة في ضواحي المدينة الغربية والشمالية.
وكان زعيم تحالف “الفتح”، الجناح السياسي لـ”الحشد الشعبي”، هادي العامري، قد أصدر بياناً، في وقتٍ سابق من الأسبوع الماضي، قال فيه إن “هناك معلومات استخبارية مؤكدة أن الجيش التركي لديه نية للهجوم على جبل سنجار”.
ودعا العامري الحكومة إلى أن “تتخذ كافة الإجراءات اللازمة لردع أي عدوان على أراضي العراق”، متحدثاً عن أن “القوات العراقية والحشد الشعبي قادرة على الدفاع والذود عن تراب الوطن المقدس”.
قبل ذلك، أعلن الحشد الشعبي نشر مزيد من فصائله المسلحة في سنجار، موضحاً أن “الانتشار يأتي بهدف تعزيز القوات المرابطة هناك لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وفي السياق، أكد جهور علي بك، وهو وكيل أمير الطائفة الأيزيدية في العراق والعالم، في اتصالٍ مع “العربي الجديد”، أن “العمال الكردستاني والحشد الشعبي، يتسببان بأزمات في مدينة سنجار”.
وأضاف علي بك أن “القنصل التركي في أربيل، (هاكان قره جاي)، وعقب اجتماع عُقد معه قبل يومين، أعطى الضمانات الكثيرة للمجتمع الأيزيدي، بشأن عدم حدوث أي ضرر على الأيزيديين في سنجار، خلال العمليات العسكرية التركية لتحييد عناصر حزب العمال الكردستاني، وأن القنصل تعهد بذلك، وقال قادة المكون الأيزيدي للقنصل إن سنجار ليست عفرين”، وفقا لتعبيره.
وأشار إلى أن الحكومة العراقية لحد الآن، لم تبد أي جدية بتطبيق بنود اتفاقية سنجار، وإبعاد الفصائل المسلحة والكردستاني عن الأهالي.وكشف جهور بك عن أن هناك توجها لدى أهالي سنجار بالهجرة من المدينة والعودة إلى مناطق إقليم كردستان بسبب المشاكل التي تُفرز بسبب تواجد قوات الحشد الشعبي والعمال الكردستاني، لافتاً إلى أن الجيش العراقي يمنع الهجرة.
واعتبر أن “أي معركة أو حرب في شمال العراق، تؤثر على الأيزيديين، وطالما أن حزب العمال الكردستاني متواجد في محافظة نينوى، وتحديداً في سنجار، فإن التوتر سيبقى في المدينة، لذلك لابد من معالجة المشاكل في سنجار، وعودة الحياة الطبيعية من خلال عودة الحكومة المحلية، وسيطرة القوات الأمنية لحفظ أمن المدن”.
من جهته، بيَّن قائم قام سنجار، محما خليل، أن “النفوذ المسلح يُعيق من تطبيع الأوضاع في سنجار، ويُضعف من هيبة الحكومة الاتحادية في بغداد، التي وعدت الأيزيديين في سنجار بأن مدينتهم ستصبح آمنة”.
وأضاف في حديثه مع “العربي الجديد”، أن “مسلحي العمال الكردستاني متواجدون في مدينة سنجار، إضافة إلى فصائل الحشد الشعبي، التي تعاند كل قرارات حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بل أنها تسعى إلى التمرد عليها، وهو ما يؤثر على أمن المدينة، لا سيما وأن العمليات التركية العسكرية لا تزال متواصلة”.ولفت إلى أن أهالي سنجار يرفضون بقاء أي قوة مسلحة خارجة عن القانون، وهم بانتظار التعاون بين بغداد وأربيل لطرد كل المظاهر المسلحة من المدينة التي عانت كثيراً من إجرام تنظيم “داعش”، والعصابات المتطرفة”، معتبراً أن “بقاء العمال الكردستاني والفصائل المسلحة يمثل حالة إرهابية جديدة، يقع ضحيتها الشعب الأيزيدي في سنجار، حسب قوله.
وبالرغم من ذلك، أشار عضو حزب العمال الكردستاني، كاوه شيخ موس والذي يقدم نفسه عادة كمتحدث إعلامي للحزب المصنف على لائحة الإرهاب إلى أن “حزب العمال يمثل الحالة الدفاعية عن المجتمع الصغير (المكون الأيزيدي في سنجار) الذي تأثر كثيراً بسبب تنظيم “داعش” من جهة، والعمليات العسكرية التركية التي تنطلق من أراضي إقليم كردستان، وبالتالي نحن ندافع عن أسرنا في سنجار، ولا يمكن لأي جهة أن تمنع حق دفاعنا عن أنفسنا”.
وأوضح في اتصالٍ مع “العربي الجديد” أن التهديد التركية لمدينة سنجار باقتحام مدينة سنجار، هو تهديد للعراق، مشدداً على أن سنجار مدينة عراقية، وعلى الحكومة الاتحادية أن تمنع أي تجاوز على الأيزيديين، وأن أي تقدم تركي، سيتم رده، حسب قوله.
زيد سالم
العربي الجديد