ضغوط أميركية على الحوثيين لتبني “الإعلان المشترك” كأرضية للحل في اليمن

ضغوط أميركية على الحوثيين لتبني “الإعلان المشترك” كأرضية للحل في اليمن

عدن- ارتفعت حدة الانتقادات الغربية للحوثيين بالتزامن مع تصريحات للمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيموثي ليندركينغ كشف فيها عن خطة لوقف إطلاق النار مطروحة الآن على قيادة الجماعة الحوثية.

وذكرت مصادر سياسية يمنية أن التحول في الموقف الأميركي والأوروبي باتجاه سلوك المتمردين الحوثيين، يشير إلى موافقة الحكومة اليمنية على الخطة التي أشار إليها المبعوث الأميركي، مؤكدة أنها تتضمن النسخة النهائية من “الإعلان المشترك” الذي أعده المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث.

وأضافت المصادر اليمنية في تصريح لـ”العرب” أن ليندركينغ استطاع انتزاع موافقة التحالف العربي والحكومة اليمنية على خطة غريفيث لوقف إطلاق النار الشامل في اليمن، قبل أن يسلّمها لرئيس الوفد التفاوضي الحوثي محمد عبدالسلام خلال لقائه في العاصمة العمانية مسقط.

وأشارت إلى أن الجهود الأممية والدولية الأخيرة المتعلقة بالملف اليمني، خلصت إلى نتيجة مفادها أن الكرة باتت في ملعب الميليشيات الحوثية، باعتبارها الطرف الوحيد في معادلة الحرب اليمنية، التي مازالت ترفض تقديم أيّ تنازلات وتستمر في التصعيد العسكري وخصوصا في محافظة مأرب.

ووصف الحوثيون المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بـ”المؤامرة”، وأنه يمثل رؤية الأمم المتحدة والسعودية، مشترطين “وقف الحرب” حتى يقبلوا “وقف إطلاق النار”.

وقال عبدالسلام “لو كانوا جديين في وقف الحرب والحصار لأعلنوا وقفهما بشكل جدي وعندها سنرحب بذلك” وأضاف أن مبادرة الهدنة الأميركية تتضمن وجوب حصول الرحلات من مطار صنعاء على تراخيص من التحالف، وأن لا تصدر جوازات السفر اليمنية من صنعاء.

وتعرضت الإدارة الأميركية لموجة من الانتقادات، على خلفية مسارعتها بشطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، ما اعتبره سياسيون رسالة خاطئة عززت من السلوك العنيف للجماعة التي صعّدت من هجماتها على السعودية باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ومواصلة الهجوم على مدينة مأرب التي تضم أكثر من مليوني نازح.

وشهدت الأيام الماضية تصاعدا في حدة الانتقادات الأميركية والأوروبية للحوثيين، والتلويح بفرض عقوبات إضافية عليهم، في حال استمرّوا في التصعيد العسكري ورفض مبادرات وقف إطلاق النار وخفض مستوى التوتر العسكري والسياسي.

وصدر بيان مشترك عن حكومات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية بشأن هجمات الحوثيين، تضمن إدانة لـ”الهجوم الحوثي المتواصل على مدينة مأرب اليمنية والتصعيد الكبير للهجمات التي شنّها وتبنّاها الحوثيون ضدّ السعودية”، ووصفوا الهجوم بالمخطّط الذي “يفاقم الأزمة الإنسانية المستفحلة بالفعل”.

وجدّد البيان التأكيد على استمرار الجهود الدبلوماسية المتجددة لتلك الدول “لإنهاء الصراع في اليمن، ودعم المبعوث الخاص للأمم المتحدة، الذي أشار البيان إلى أنه يحظى كذلك بدعم السعودية وسلطنة عمان والمجتمع الدولي.

وحث البيان “الحوثيين على اغتنام هذه الفرصة للسلام وإنهاء التصعيد المستمر”، وتجديد الالتزام “بأمن التراب السعودي وسلامته، وإعادة الاستقرار والهدوء على طول الحدود السعودية اليمنية”.

وفي مؤشر على تزايد الاهتمام الدولي بالملف اليمني، قالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك تلقى، الجمعة، اتصالا هاتفيا من الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، جرى خلاله “مناقشة تطورات الأوضاع في اليمن والجهود الهادفة لتحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار، وإنهاء الحرب”.

ونقلت الوكالة عن بن مبارك تأكيده على استمرار الحكومة “في مساعيها لتحقيق السلام ودعم جهود غريفيث والتعامل إيجابيا مع كل الجهود الدولية الصادقة للوصول إلى تسوية سياسية”.

وتزامنت التحركات الدولية حول الملف اليمني، مع تحولات في الموقف العسكري على الأرض بعد انكسار زخم هجوم الحوثيين على مأرب الذين تعرضوا لخسائر هائلة نتيجة دخول طيران التحالف العربي على خط المواجهة وقصف إمدادات الميليشيات الحوثية، وفي ظل أنباء عن تحقيق الجيش اليمني تقدما في بعض محاور محافظتي تعز وحجة.

وأكد الباحث السياسي اليمني فارس البيل، في تصريح لـ”العرب”، أن تحركات الجيش الوطني كان ينبغي أن تكون منذ وقت مبكر، أو على الأقل تستمر بعد أن توقفت بفعل عوامل كثيرة على رأسها جدل التفاوض السياسي الذي لم يكن أكثر من مجرد مساحات إضافية لميليشيا الحوثي.

ولفت البيل إلى أن الخفوت العسكري في جبهة الشرعية خلال الفترة الماضية، أغرى ميليشيا الحوثي بتحقيق نصر كبير بالسيطرة على مأرب، لكن جاءت النتيجة معاكسة، و”استعادت القوى المناوئة للحوثي توحدها المعنوي واستشعرت الخطر، وكان هذا التحرك في مأرب وتعز وحجة وقد نشهد تحركات عسكرية مهمة في مناطق أخرى”.

وأضاف البيل أن “هزيمة ميليشيا الحوثي ليست عسيرة ولا بعيدة في حال تحركت الجبهات العسكرية في كل جهة”، مستدركا بالقول إن “كل هذا مرهون بالسرعة العسكرية والتحام السياسي بالعسكري، وعدم الركون مجددا إلى الحلول السياسية ولو لفترة يفرض بها واقعا عسكريا مختلفا لصالح الشرعية”.

ووصف رئيس مركز فنار لبحوث السياسات، عزت مصطفى، التفاعلات السياسية والعسكرية بأنها بمثابة، خوض كل الأطراف معاركها الأخيرة في هذه الجولة من الحرب؛ ومحاولة إعادة التموضع والانتشار تحسبا لأيّ تسوية سياسية قد يصر عليها المجتمع الدولي”.

واعتبر مصطفى أن عدم وضوح ملامح التصورات الأميركية لكيفية إنهاء الحرب في اليمن؛ إضافة إلى تعثر خطة غريفيث كلها أمور قد تدفع واشنطن إلى استعادة ما عرفت بـ”خطة كيري” التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري؛ والتي كان قد بنى عليها المبعوث الأممي السابق إسماعيل ولد الشيخ تصورًا للحل السياسي تعذر التوقيع عليه في مشاورات الكويت 2016.

وأشار مصطفى إلى أن التطور الأبرز في هذا المنعطف، هو تحرك جبهات تعز وحجة؛ بالرغم من أن هذا التحرك يبدو كتقدم جزئي متعلق بإعادة التمركز أكثر منه رغبة في التحرير؛ و”تحضير لما بعد التسوية السياسية من صراع عسكري يحاول الإخوان المسلمون في اليمن أن يكون صراعًا حصريًا بينهم وبين الحوثيين من خلال اتفاق الطرفين على محاربة خصومهما المشتركين”.

وأضاف “فيما يتعلق بالمنطقة العسكرية الخامسة في محافظة حجة شمال محافظة الحديدة لا أعتقد أن تحرك الجبهة هناك أمر جدي تماما؛ خاصة وأن هذه الجبهة كانت قد توقفت عن قتال الحوثيين لأكثر من ثلاث سنوات دون مبرر؛ في ظل انشغال كثير من قياداتها بتهريب البضائع في مناطق سيطرتهم عبر الحدود اليمنية – السعودية؛ ويبدو الأمر هناك دعاية إعلامية أكثر من كونها حربا حقيقية”.

العرب