القراصنة السيبرانيون ينضمّون إلى سباق تطوير القدرات الهجومية لبريطانيا

القراصنة السيبرانيون ينضمّون إلى سباق تطوير القدرات الهجومية لبريطانيا

لندن – تستعد الحكومة البريطانية في سابقة مهمة من نوعها لاستخدام “القرصنة الإلكترونية” كواحد من الأسلحة الفاعلة في عالم تسوده الهجمات السيبرانية بشكل متزايد، تنفذها الدول والشركات والأفراد، وتطور أيضا تقنيات الذكاء الصناعي لمواجهة الأخطار المتزايدة التي تتعرض لها من الخارج.

وظلت بريطانيا تنأى بنفسها نسبيا عن استخدام قراصنة محترفين في شن هجمات من هذا النوع الفريد في قدرته على تعطيل منظومات الكمبيوتر العالمية والشبكات ومنشآت حيوية مربوطة على الشبكة، لكنها تجد نفسها أمام حقائق “عسكرية” جديدة ينبغي التعامل معها. وهذا ما يضع القراصنة المحترفين على قدر من الأهمية لا يقل عن العلماء والضباط المقاتلين.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قبل إصدار مراجعة للأمن القومي من المتوقع نشرها الأسبوع الجاري، إن بريطانيا في حاجة إلى تعزيز قدرتها على شن هجمات سيبرانية على أعدائها.

وقال جونسون في بيان أصدره مكتبه السبت “القوة السيبرانية تحدث ثورة في الطريقة التي نعيش بها ونخوض حروبنا مثلما فعلت القوة الجوية قبل 100 عام”.

القادة العسكريون يأملون أن يؤدي تطبيق الذكاء الاصطناعي على الحرب إلى تزويدهم بمعلومات أفضل أثناء العمليات

ومن المقرر أن يقدّم جونسون مراجعة لاستراتيجية الأمن القومي إلى البرلمان الثلاثاء تشير تقارير إعلامية إلى أنها قد تؤدي إلى خفض عدد أفراد القوات المسلحة.

وقال مكتب جونسون “ستحدد المراجعة أهمية التكنولوجيا الإلكترونية في أسلوب حياتنا، سواء كانت هزيمة أعدائنا في ساحة المعركة، أو جعل الإنترنت مكانًا أكثر أمانًا، أو تطوير تقنيات متطورة لتحسين حياة الناس”.

وفي عام 2019، أنفقت بريطانيا 59 مليار دولار، أو 2.1 في المئة من الدخل القومي، على الدفاع، وهو يمثل أكثر إنفاق من أيّ دولة أوروبية كبيرة أخرى، لكنها أقل بكثير من 3.5 في المئة من الدخل القومي الذي أنفقته الولايات المتحدة.

واستثمرت بريطانيا بكثافة في حاملات الطائرات باهظة الثمن في السنوات الأخيرة وتحتفظ بأسلحة نووية، لكن قواتها البرية تقلصت منذ انتهاء الحرب الباردة.

وذكرت بعض وسائل الإعلام البريطانية أن المراجعة ستدعو إلى خفض عدد أفراد الجيش بمقدار 12 ألفا ليصبح قوامه حوالي 70 ألفاً. وقالت وزارة الدفاع السبت إن الحديث عن التخفيضات “في هذه المرحلة مجرد تكهنات”.

وقال جونسون إن القوة الإلكترونية الوطنية – بما في ذلك الجواسيس ومسؤولو الدفاع والعلماء – ستكون لها قاعدة دائمة في شمال إنجلترا حيث تحاول الحكومة تعزيز التنمية الإقليمية خارج لندن.

وتستهدف القوة الإلكترونية الوطنية التهديدات بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي الأجنبية والهواتف المحمولة للأشخاص الذين تعتبرهم الحكومة مجرمين خطرين أو إرهابيين.

وتم إنشاء القوة الإلكترونية الوطنية العام الماضي وتم توظيف قوات متخصصة في المجال تركز على الحرب الإلكترونية. وفي عام 2016، تم إنشاء مركز وطني للأمن السيبراني لتقديم المشورة للحكومة والجمهور حول كيفية تقليل مخاطر الهجمات الإلكترونية.

وبدأت القوات المسلحة البريطانية في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بسلوك الخصوم وإجراء الاستطلاعات ونقل المعلومات الاستخبارية في الوقت الفعلي من ساحة المعركة، وتتعاون مع كبريات شركات التكنولوجيا لتطوير المنظومات الرصدية.

ويأمل القادة العسكريون أن يؤدي تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على الحرب إلى تزويد القادة بمعلومات أفضل أثناء العمليات الحرجة.

وقال جونسون في مؤتمر ميونيخ للأمن الشهر الماضي إن الاعتماد سيكون على تسخير التعلم الآلي “سنركز استثماراتنا على التقنيات الجديدة التي ستحدث ثورة في الحرب: الذكاء الاصطناعي، والطائرات دون طيار، وأسلحة الطاقة الموجهة وغيرها الكثير”.

وقال روب باسيت كروس الضابط السابق في الجيش لصحيفة فاينانشال تايمز إنه تم التعاقد مع شركته لتحليل البيانات “أدارغا” مع وزارة الدفاع في مشروعين للذكاء الاصطناعي، وإن هناك إمكانية للقوات المسلحة لاستخدام تقنية التعلم الآلي كـ”رادار عالمي” لاستخبارات التهديدات.

ويمكن للخوارزميات المدربة على التركيز على تهديدات معينة مثل قدرات أسلحة العدو ترجمة وتحليل الإعلانات والاستخبارات العسكرية من الخصوم في الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية. وأضاف كروس “الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على أن يكون ديناميكيا ويمكنك طرح الأسئلة عليه. لذلك يمكن أن يتم تنبيهك عندما يتم تحديد التهديدات. يمكنك جعله يقدم أحكامًا مقترحة لاتخاذ القرار. يمكنك جعله يكتب التقارير، ويمكنك جعله يقوم بتحديث سيناريوهات معينة لك”.

وأضاف كروس أنه على الرغم من وجود هذه القدرات بالفعل، فإن الجيش البريطاني لا يزال “يعتمد على عدد صغير من البشر” لاستيعاب ومعالجة المعلومات الاستخباراتية من جميع أنحاء العالم.

وقال أوليفر لويس الضابط السابق للاستخبارات في وزارة الدفاع وأحد مؤسسي شركة التكنولوجيا “ريبيليون ديفينس”، التي تعمل مع الحكومة البريطانية، إن الذكاء الاصطناعي سيسمح “للجنود والدبابات وأنظمة الأسلحة بأن يصبحوا أجهزة كمبيوتر عملاقة تستوعب وتحلل المعلومات الاستخبارية عن ساحة المعركة عبر الأجهزة القابلة للارتداء والكاميرات التي تدير الخوارزميات الخاصة بها. أحد أكثر الأشياء إثارة في الذكاء الاصطناعي هو إمكانية فرز البيانات النشطة بواسطة آلة. لكن المشكلة في الوقت الحالي ليست جمع البيانات ولكنها غربلة وإبراز أجزاء المعلومات ذات الصلة للقائد لاتخاذ القرارات. وهو تنسيق البرامج للحرب، وهذا يعني أنه يمكننا ربط المعارك الجوية والبرية والإلكترونية والبحرية”.

العرب