تعمل قطر للبترول -أكبر منتج للغاز الطبيعي المسال في العالم- على زيادة الضغط على منافسيها ذوي التكاليف المرتفعة من خلال خطط توسع جريئة ستعزز الإمدادات على مدى السنوات العشر المقبلة وربما تدفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض.
ففي وقت يبذل فيه المنافسون جهودا مضنية لتحقيق تعادل الإيرادات والنفقات في ظل انخفاض الأسعار، أعلنت الشركة القطرية الشهر الماضي أنها ستزيد إنتاج الغاز المسال نحو 40% إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول 2026 في المرحلة الأولى من توسعة حقل الشمال، أكبر مشروع غاز مسال منفرد في العالم.
ومن المتوقع أن تعلن الشركة خطط توسعة المرحلة الثانية هذا العام، والتي سترفع طاقة الغاز المسال بحلول 2027 إلى 126 مليون طن سنويا، وهو ما يكفي لتلبية إجمالي احتياجات الاستيراد لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، وهما أكبر وثالث أكبر مستوردي الغاز المسال في العالم على الترتيب.
وقال سول كافونيك المحلل لدى “كريدي سويس”، إن التسويق القطري لديه القدرة على تقويض الموردين المنافسين وقد ساعد بالفعل في الضغط على أسعار عقود الغاز المسال على مدى العامين الأخيرين.
وقال تشونج جي شين المدير لدى شركة الأبحاث “آي إتش إس ماركت” (IHS Markit) “بهذا القرار، ستعيد (قطر) مرة أخرى تأكيد هيمنتها كأكبر مورد للغاز المسال في العالم”.
وتابع “قرار المضي قدما هذا يزاحم بالتأكيد اللاعبين الآخرين، ونتوقع أن تحتاج الشركات إلى إلقاء نظرة فاحصة طويلة على مشاريعها لتحديد ما إذا كانت قادرة على إيجاد ميزة تنافسية”.
تكلفة منخفضة
تنتج قطر الغاز الطبيعي المسال بأقل تكلفة وبفارق كبير عن منافسيها عالميا، وهي مصدر خُمس إمداداته العالمية.
وقال أليكس ديوار -المدير في مركز تأثير الطاقة التابع لمجموعة بوسطن الاستشارية- إن سعر التعادل لشحنة متجهة من قطر إلى شمال شرق آسيا، أكبر الأسواق، يقدر بنحو 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة مع ما بين 5 و8 دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية من روسيا وموزمبيق والولايات المتحدة.
وأضاف أن سعر التعادل من أستراليا، قبل قرار الاستثمار النهائي، يدور بين 7 دولارات و11 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
ويعني الجمع بين توسعة حقل الشمال، وحلول آجال العقود مع المشترين الحاليين، ومشروعها مرفأ غولدن باس المشترك المزمع في الولايات المتحدة، أن يتوافر لدى عملاق الغاز على الأرجح بين 70 و75 مليون طن سنويا من الغاز المسال غير المتعاقد عليه لبيعه بحلول 2027، وفقا لتقديرات المحللين.
وأبدت قطر للبترول بالفعل استعدادها لخفض الأسعار للفوز بصفقات، كما حدث الشهر الماضي عند تسعير صفقة جديدة مدتها 10 سنوات مع باكستان “بنسبة ميل” تبلغ 10.2% من سعر خام برنت مقارنة مع 13.37% في صفقة مدتها 15 عاما وُقّعت عام 2016، وهي واحدة من أقل الصفقات الموقعة تسعيرا على الإطلاق.
وعادة ما يجري التعبير عن أسعار عقود الغاز المسال على أنها “بنسبة ميل” مقابل أسعار برنت، مما يعني نسبة مئوية من هذا السعر.
منافسة صعبة
ونقلت رويترز عن مصدر من مورد منافس -طلب عدم الكشف عن هويته- قوله “سيكون من الصعب منافستهم بهذه الأسعار، لذا فإن ما قد يتمكن البائعون الآخرون من المنافسة عليه، هو توفير مزيد من المرونة”.
وعلى سبيل المثال، تبيع قطر للبترول شحناتها على أساس التسليم في ميناء محدد سلفا، مما يجعل من الصعب على المشترين إعادة توجيه الشحنات إذا فوجئوا بعدم حاجتهم إليها.
لذلك فإن المنافسين الذين يتيحون إمكانية إعادة البيع إلى طرف ثالث أو خيارات تسمح للمشترين بإلغاء المشتريات خلال فترة محددة ربما تكون لهم الأفضلية في الفوز بالصفقات في هذه الحال.
وقال عدد من المتعاملين إن الشركة وقّعت أيضا اتفاقا طويل الأجل مع “فيتول” (Vitol) -أكبر شركة لتجارة النفط بالعالم- لتوريد الغاز المسال إلى بنغلاديش الشهر الماضي، وكانت نشطة في السوق الفورية حيث قدمت أسعارا تنافسية.
وقال المتعاملون إن وحدة التجارة التابعة لقطر للبترول، والمؤسسة حديثا، فازت بالعديد من المناقصات لتوريد شحنات فورية إلى باكستان والهند وتايوان منذ إنشائها في أواخر العام الماضي.
وقال جايلز فارير من شركة “وود ماكنزي”، إن من المتوقع أيضا أن تزيد كميات الغاز القطري المتجهة إلى شمال غرب أوروبا، بعد أن اتفقت قطر في العام الماضي على حجز سعة تخزينية في مرفأين للغاز في “آيل أوف غرين” ببريطانيا و”مونتوار” في فرنسا.
المصدر : رويترز