بايدن يهدد بوتين: العلاقات الأميركية – الروسية إلى أين؟

بايدن يهدد بوتين: العلاقات الأميركية – الروسية إلى أين؟

واشنطن – تكشف مهاجمة الرئيس الأميركي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين ووصفه بـ”القاتل” الذي “سيدفع الثمن” ملامح الاستراتيجية الأميركية تجاه روسيا خلال الأربع سنوات القادمة، في ظل توقّعات محسومة بأن إدارة بايدن ستكون أكثر تشدداً وعدوانية إزاء موسكو.

وقال بايدن الأربعاء في مقابلة تلفزيونية مع قناة “أي.بي.سي نيوز” إنه يوافق على كون بوتين “قاتلا” في إشارة إلى تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني، وأضاف أن الرئيس الروسي “سيدفع ثمن تدخله في الانتخابات الأميركية”.

وجاءت تصريحاته بعدما دعم تقرير للمخابرات الأميركية صدر الثلاثاء اتهامات قائمة منذ وقت طويل بأن بوتين وراء تدخل موسكو في الانتخابات، وهو ما قالت روسيا إن لا أساس له.

وقال مسؤولون بالمخابرات الأميركية إن الحكومة الروسية حاولت بث “مزاعم مضللة أو لا أساس لها” خلال الحملة الدعائية للانتخابات الأميركية عام 2020 ضد المرشح آنذاك جو بايدن، عبر حلفاء للرئيس السابق دونالد ترامب وإدارته.

وجاء هذا التقييم ضمن تقرير من 15 صفحة بشأن التدخل في الانتخابات نشره مكتب مدير المخابرات الوطنية. وهو يسلط الضوء على مزاعم بأن حلفاء ترامب كانوا عملوا لصالح موسكو من خلال تضخيم المزاعم ضد بايدن من شخصيات أوكرانية مرتبطة بروسيا في الفترة التي سبقت انتخابات الثالث من نوفمبر.

ورصدت وكالات المخابرات الأميركية محاولات أخرى للتأثير على الناخبين، ومنها “حملة تأثير خفية متعددة الجوانب” من إيران تهدف إلى تقويض الدعم لترامب. ودحض التقرير كذلك الرواية المضادة التي دفع بها حلفاء ترامب بأن الصين تتدخل نيابة عن بايدن، وخلص إلى أن بكين “لم تبذل جهودا للتدخل”.

وفي الوقت نفسه، أشار بايدن إلى أن “هناك مجالات يكون من مصلحتنا المشتركة التعاون فيها” مثل تجديد معاهدة ستارت النووية، مضيفا أن للزعيمين تاريخا معروفا.

وقال “أعرفه معرفة جيدة نسبيا”، مضيفا أن “أهم شيء عند التعامل مع الزعماء الأجانب وفقا لخبرتي.. هو فقط أن تعرف الرجل الآخر”.

وأضاف بايدن أنه لا يظن أن لدى زعيم روسيا قلبا. وعندما سئل خلال المقابلة عما إذا كان يعتقد أن بوتين قاتل، قال “أعتقد ذلك”.

ولم ينتظر بايدن الدخول للبيت الأبيض حتى يرسم ملامح سياساته تجاه موسكو، فقد قال في تصريح بنهاية ديسمبر الماضي إن “على الولايات المتحدة أن تكيّف أولوياتها الدفاعية، على خلفية التعقيدات الاستراتيجية المتزايدة التي خلقتها روسيا”.

وليس مستبعدا أن تعتمد الإدارة الأميركية الجديدة أسلوبا متشددا في التعامل مع سلوك روسيا الداخلي والخارجي، وخصوصا حيال جوارها، وإعادة فتح لسجلها في مجال حقوق الإنسان، إذ صرح الرئيس الأميركي بأن حقوق الإنسان ستكون في جوهر العلاقات مع القادة الأجانب.

وفي عام 2018، نشر بايدن مقالاً في مجلة الشؤون الخارجية بعنوان “كيفية الوقوف في وجه الكرملين.. الدفاع عن الديمقراطية ضد أعدائها”، حيث دعا إلى تشديد العقوبات ضد روسيا، وتعزيز القوة العسكرية لحلف شمال الأطلسي وتعزيز الديمقراطية بنشاط، والدفاع عن حق الدول ذات السيادة في”اختيار تحالفاتها الدفاعية”. ورفض القول بأن أي قوة لها “مجال مصالح”.

على الرغم من التقارب غير المبرر بين ترامب وبوتين، فقد سنّت إدارة ترامب سياسات متشددة تهدف إلى عزل موسكو وتوسيع العقوبات الاقتصادية بسبب دورها في التدخل في الانتخابات وحملات التضليل والحرب المستمرة في أوكرانيا. ومن المتوقع أن يستمر بايدن في الحفاظ على خط ثابت مع موسكو.

ويرى مراقبون أن مواقف بايدن المتشددة حيال روسيا، خصوصا بعد أزمة شبه جزيرة القرم، حولته إلى عدو الكرملين الأول.

ولا يرى نائب مدير معهد بلدان رابطة الدول المستقلة، فلاديمير جاريخين، اختلافاً جوهريا بين ترامب وبايدن، لافتاً إلى أن الجمهوريين والديمقراطيين “اختلفوا في جميع الاتجاهات للسياستين الداخلية والخارجية باستثناء فضاء الاتحاد السوفييتي السابق”.

وأوضح جاريخين أن “هذا هو الاتجاه الوحيد الذي يتبعون فيه سياسة موحدة، ونحن نعلمها. إنهم يحاولون قطع البلدان السوفييتية السابقة عن روسيا، لخلق منطقة صحية حولها ومحاولة تفكيك روسيا نفسها. تم اعتماد هذه الاستراتيجية في عهود بيل كلينتون وجورج بوش الابن وأوباما وترامب، والآن مع بايدن”.

وفي السنوات الأخيرة، امتلأت الذاكرة الروسية بمواقف عديدة لبايدن، لا يمكن تجاوزها، خصوصا ما قاله لبوتين أثناء زيارته لموسكو سنة 2011 “إنني أنظر في عينيك ولا أعتقد أن لديك روحا”.

ويرى محللون أن الكيمياء مفقودة تماما بين بوتين وبايدن، على عكس سلفه ترامب، وهذا ما سيترك آثارا بالغة على العلاقة ما بين الرئيسين، خصوصا وأن بوتين يتذكر أن الرئيس الأميركي الجديد وقف ضد عودته إلى رئاسة روسيا سنة 2012.

وردّا على هجوم بايدن، قال الكرملين الأربعاء إن روسيا تتخذ جميع الإجراءات الضرورية لإعداد نفسها لعقوبات أميركية جديدة من المتوقع فرضها عقب نشر تقرير للمخابرات الأميركية يتهم موسكو بالتدخل السياسي.

وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه لا أساس لهذه المزاعم، مؤكدا أنها ستُلحق المزيد من الضرر بالعلاقات الثنائية”.

واعتبر رئيس مجلس الدوما الروسي الأربعاء أن وصف بوتين بأنه “قاتل” والتهديد بجعله “يدفع ثمن” ذلك، هو “هجوم” على روسيا.

وكتب فياتشيسلاف فولودين رئيس مجلس النواب (الدوما) في البرلمان الروسي والمقرب من الرئيس، على حسابه على تلغرام “هذه هستيريا ناجمة عن العجز. بوتين رئيسنا وأي هجوم عليه هو هجوم على بلادنا”.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على أربعة مسؤولين روس كبار هذا الشهر بسبب معاملة موسكو للسياسي المعارض أليكسي نافالني، في خطوة اعتبرتها روسيا تدخلا غير مقبول في شأنها الداخلي.

ويقول نيل كويليام الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن (تشاتام هاوس) “ليس هناك شك في أن الإدارة الأميركية ستلجأ إلى استخدام عقوبات جديدة للضغط على روسيا. إلا أنه بدلاً عن استهداف الأفراد، الأمر الذي أثبت عدم فاعليته في الغالب، فإنَّ الإدارة الأميركية ربما تركز على عناصر أكثر أهمية، مثل البنوك والمؤسسات المالية وقطاع الطاقة. ومن غير المحتمل بدرجة كبيرة أن تواجه مثل هذه الإجراءات معارضة من الكونغرس”.

العرب