تعتبر «قوات سوريا الديمقراطية» إحدى القوى الرئيسية التي تسيطر على أجزاء كبيرة وغنية من سوريا بفضل تمويلها وتسليحها من قبل «التحالف الدولي» الذي تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الشريك الأكبر فيه.
هذه القوات (التي تختصر اسمها وسائل الأنباء عادة باسم «قسد») هي ميليشيات يديرها حزب العمال الكردستاني التركي، حيث تشكل «وحدات الحماية الكردية» (الذراع العسكرية السورية للحزب) قوامها الرئيسي رغم أن الحزب، وواشنطن، أغفلا طابعها الكردي باعتبار وجود بعض التشكيلات الصغيرة الأخرى فيها من قبائل عربية ومن إثنيات آشورية وأرمنية وشركسية وشيشانية.
قامت قوات الميليشيا المذكورة أمس باقتحام مخيم الهول للاجئين، بعدد مقاتلين يقارب 6 آلاف عنصر، ويضمّ المخيم الموجود في محافظة الحسكة على الحدود السورية العراقية، من نازحي الأراضي التي احتلها تنظيم «الدولة الإسلامية» وسيطرت عليها «قسد» في نيسان/ إبريل 2019.
الأغلبية الساحقة من المقيمين في المخيم هم من النساء (20 ألف امرأة) والأطفال (50 ألف طفل) الذين نزحوا، على دفعات، مع فرار الناس من القتال العنيف بين «قسد» وتنظيم «الدولة» وقد وصفت الظروف على طول الطريق المؤدية للمخيم، وخصوصا إجراءات فحص منتسبي «الدولة» بأنها «قاسية للغاية» وقد لقي 84 شخصا أغلبهم من الأطفال حتفهم في الطريق إلى الهول، وبلغ عدد من توفوا في المخيم 694 منذ مطلع كانون الثاني/يناير 2019، وضمنهم 521 طفلا من جنسيات مختلفة، مما يجعل من هذه الكارثة الإنسانية مسؤولية دولية.
قامت «قسد» خلال العام الماضي بتسليم 125 طفلا و4 نساء من جنسيات غير سورية لدولهم، كما أخلت نحو 1300 عائلة غالبيتهم من أبناء محافظات الرقة ودير الزور، بتنسيق مع وجهاء وشيوخ عشائر في الجزيرة السورية، كما أن هناك أنباء عن تجهيز لإطلاق عوائل من محافظة حلب، وقد جرت، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» منذ مطلع 2020 نحو 30 عملية ومحاولة هروب بالتنسيق مع حراس وعاملين ضمن المخيم، أو بتقديم رشاوى لمسؤولين وحراس، وهؤلاء يبلغ عددهم قرابة 4000 حارس وعنصر.
باسمه المخيف، وبالظروف الوحشيّة التي تسوده، وبالتجاهل الدوليّ للمسؤولية فيه، يشكّل مخيم الهول نموذجا للحال التي آلت إليها سوريا بمجملها، والتي صارت بلادا للرعب المعمم.
تتغاضى «الحملة الأمنية» التي تقوم بها «قسد» لاعتقال مشتبه بهم بتأييد تنظيم «الدولة» أن هذه الظروف غير الإنسانيّة التي وضع فيها سجناء مخيم الهول هي معمل لتغذية الأمراض السياسية ومفاعل لإعادة إنتاج نظائر تنظيم «الدولة» فحشر عشرات آلاف البشر وسدّ أبواب الأمل أمامهم ثم لومهم لأنهم غير معتدلين هو نوع من أنواع الجنون السياسي لا يقلّ خطرا عن جنون تنظيم «الدولة».
القدس العربي