هل يملك الرئيس الجديد للنيجر مفاتيح مواجهة الجهاديين؟

هل يملك الرئيس الجديد للنيجر مفاتيح مواجهة الجهاديين؟

نيامي – أدى رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم اليمين الجمعة في العاصمة نيامي في أوج أزمات متعددة، بعد يومين على “محاولة انقلاب” في البلاد، التي تضربها طيلة السنوات الأخيرة أسوأ هجمات إرهابية. ونظرا لحجم التحديات التي تعترض البلد، هل يملك أول رئيس للبلد الأفريقي من أصول عربية مفاتيح مواجهة أخطر تهديد يتربص بالدولة ألا وهم الجهاديون.

وانتخب بازوم في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في شهر فبراير الماضي، بحصوله على 55 في المئة من الأصوات في مواجهة الرئيس الأسبق ماهامان عثمان الذي لم يعترف بهزيمته ودعا إلى “تظاهرات سلمية”. ولكن عملية انتقال السلطة بين الرجلين هي الأولى بين رئيسين منتخبين بطريقة ديمقراطية في بلد اتسم تاريخه بالانقلابات.

واتسم تاريخ النيجر التي تعد واحدة من أفقر دول العالم وتشهد هجمات جهادية تسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، بالانقلابات العسكرية. ومنذ استقلال المستعمرة الفرنسية السابقة في 1960، جدت أربعة انقلابات، الأول في أبريل 1974 ضد الرئيس ديوري هماني، والأخير في فبراير 2010 وأطاح بالرئيس محمدو تانغا.

بيد أن الخطر الأكبر، الذي تواجهه الدولة الواقعة في منطقة الساحل هو استمرار الهجمات من قبل المسلحين المتطرفين على قرى تقع في المثلث الحدودي مع مالي وبوركينافاسو، ما يجعل الرئيس الجديد أمام مهمة صعبة في مواجهة الجهاديين دون دعم متواصل من القوات الفرنسية أو تعزيز دور القوات المحلية وكذلك التقرب أكثر من القبائل الواقعة تحت خط الهجمات.

وفي علامة على القلق الكبير، الذي يعتري المسؤولين في البلد بسبب الجماعات المتطرفة الناشطة بالمنطقة، وصف بازوم في مقابلة مع “فرانس 24” و”آر.أف.إي” الفرنسيتين الاثنين الماضي، قوة برخان الفرنسية لمكافحة الجهاديين في منطقة الساحل بأنها “فشل نسبي”، معتبرا أن انسحابا جزئيا لهذه القوة لن يترك “أثرا كبيرا” على الأرض بشرط أن يستمر الدعم الجوي.

وقال بازوم “كنا نتمنى في إطار التعاون مع الجيش الفرنسي الحصول على نتائج أفضل مما لدينا.

هذا الفشل النسبي هو فشلنا جميعا وفشل التحالف بأكمله”. وأضاف أن “انسحابا جزئيا لفرنسا، وإن أبقت على القوة الجوية، لن يكون له أثر كبير على مسار الوضع وعلى ميزان القوى”.

وفي منتصف فبراير الماضي، وخلال قمة في نجامينا مع الشركاء من الدول الخمس من منطقة الساحل، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس لا تنوي تقليص عديد قوة برخان على الفور، لكنه ألمح إلى استراتيجية خروج بمساعدة التعزيزات الأوروبية الجاهزة للانضمام إليها.

وبحسب آخر أرقام هيئة الأركان الفرنسية، تضم قوة برخان وحدات منتشرة على الأرض، لكن مع إسناد جوي مهم يشمل ثلاث طائرات من دون طيار من نوع ريبر وسبع طائرات مقاتلة و20 مروحية. وتتدخل القوة التي تضم 5100 عنصر، في مالي ولدى الدول المجاورة في منطقة الساحل بينها النيجر، ضد الجهاديين.

ولكن في فرنسا يثير هذا الجهد العسكري طويل الأمد في منطقة الساحل تساؤلات متزايدة لاسيما لدى الرأي العام فيما قتل 50 جنديا في المعارك منذ العام 2013.

ومع ذلك، سيواجه بازوم منذ اليوم الأول لتوليه السلطة التحدي الهائل المتمثل بالهجمات الجهادية، التي تنفذها بشكل منتظم في بلاده جماعات تابعة لتنظيمي القاعدة وداعش في الجزء الغربي منها على الحدود مع مالي وبوركينافاسو، وجماعة بوكو حرام النيجيرية في شرق البلاد.

واعتبر محللون في الأزمات الدولية أن طريقة تعامل قادة وزعماء وسكان أماتالتال، وهي إحدى القرى بالنيجر تقدم نموذجا لكيفية مقاومة تغلغل المتشددين الإسلاميين في الساحل والصحراء في أفريقيا دون أي مواجهة معهم في ظل تشتت عمل القوات الفرنسية بسبب الهجمات في مناطق أخرى واحتمال سحب الولايات المتحدة قواتها من هناك.

ولذلك، فإن مازوم سيكون مطالبا بتبني هذا الأسلوب عبر حث بقية زعماء القرى المجاورة بعد أن تزايدت الهجمات على المدنيين منذ بداية العام الحالي حيث قُتل أكثر من 300 شخص في ثلاث موجات من الهجمات بغرب البلاد على الحدود مع مالي في ثلاث قرى للطوارق ومعسكرات مجاورة في تاهوا الصحراوية الشاسعة شرق منطقة تيلابيري.

ويقول خبراء أمنيون إن الافتقار إلى القيادة المحلية وآليات السلام والعلاقات القوية مع الحكومة المركزية بنيامي في منطقة تيلابيري سمح بتفاقم الخصومات العرقية واستمرار الهجمات. وقد كسبت الجماعات المتشددة مجندين من بين السكان المحليين المستائين الذين يعتقدون أن الدولة تخلت عنهم.

واجتاحت أعمال عنف المتطرفين الإسلاميين أجزاء كبيرة من الساحل بغرب أفريقيا، المنطقة القاحلة، التي تقع جنوبي الصحراء الكبرى، منذ العام 2017 عندما نصب مسلحون مرتبطون بتنظيم داعش كمينا وقتلوا أربعة جنود أميركيين في النيجر.

ولن يركن بازوم في مواجهة المتطرفين إلى سياسة المقايضة أو التفاوض من خلال القيام بأي حوار مع الجهاديين، فقد أكد أن الوضع في بلاده يختلف عن الوضع في مالي. وقال “لا يمكننا تصور أي حوار من أي نوع لأنه لا يوجد زعيم جهادي نيجري واحد ولا قاعدة جهادية واحدة على أراضينا”.

وفي ضوء ذلك، ومع وجود أزمات داخلية أمنيا واقتصاديا، فإن الاعتماد على القبائل سيكون أحد الحلول المهمة في مكافحة الإرهاب، الذي سيكون معضلة أكبر مستقبلا مع ورود تقارير تتحدث عن اتساع رقعة نشاط الجماعة المتطرفة في المنطقة بسبب تراجع دور الحلفاء.

العرب