أوكرانيا فرصة لتبادل الوعود والتهديدات بين واشنطن وموسكو

أوكرانيا فرصة لتبادل الوعود والتهديدات بين واشنطن وموسكو

كييف- صعّد تدهور الأوضاع العسكرية على الحدود الروسية الأوكرانية من حدة التوتر السياسي بين واشنطن وموسكو، وصل حدّ التلويح بالحرب في حال دعمت الولايات المتحدة أوكرانيا ضد الانفصاليين.

وأدى التحرك العسكري المتزايد للجيش الروسي على الحدود مع أوكرانيا، ومقتل جنود أوكرانيين الأسبوع الماضي على يد الانفصاليين الموالين لموسكو في منطقة “دونباس”، شرقي أوكرانيا، إلى تصاعد التوتر بين البلدين مرة أخرى.

ووسط مخاوف من انتقال المناوشات في أوكرانيا لمرحلة تهدد النفوذ الروسي في شبه جزيرة القرم، هددت موسكو بأنها قد تضطر إلى اتّخاذ إجراءات إضافية لضمان الأمن في حال أرسلت دول غربية قوات إلى أوكرانيا، في ظل التقارير التي تتحدّث عن تكثيف روسيا تواجدها العسكري عند الحدود ونية واشنطن دعم أوكرانيا.

وحشدت روسيا قواتها العسكرية بأعداد كبيرة على الحدود مع أوكرانيا، في اختبار مبكر لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي كان قد وعد بإعادة بناء الثقة والشراكة بين ضفتي الأطلسي وعودة واشنطن لقيادة العالم الحر والدفاع عنه ما يضعه أمام تحدي الإيفاء بوعوده لحلفائه.

وتتطلع واشنطن لإصلاح علاقتها مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، وفصل نفسها عن سياسة الرئيس السابق دونالد ترامب المثيرة للجدل بشأن العلاقات الأميركية الروسية.

ولم يلتزم الرئيس الأميركي بايدن الصمت حيال الأوضاع بل وعد كييف بدعم ثابت في مواجهة “العدوان الروسي” الذي يُنظر إليه على أنه العراب العسكري للانفصاليين، على الرغم من نفي موسكو.

وأجرى بايدن مكالمة هاتفية مطولة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهي المحادثة الأولى بين رئيسي الدولتين منذ مكالمة ترامب في يوليو 2019 مع زيلينسكي التي أطلقت أول مساءلة لعزل الرئيس الأميركي السابق.

وفي أعقاب المكالمة التي استمرت 50 دقيقة، غرد الرئيس الأوكراني “إننا نقف كتفا إلى كتف عندما يتعلق الأمر بحماية ديمقراطياتنا”.

واتفق الرئيسان على إصلاحات أساسية من أجل تطلعات أوكرانيا الأوروبية الأطلسية، كما ناقشا أهمية التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا لتعزيز الديمقراطية في المنطقة.

وتأتي هذه التصريحات في وقت تصاعدت فيه الاشتباكات منذ يناير في المنطقة بعد هدنة استمرت لفترة قياسية خلال النصف الثاني من 2020.

التطورات تنذر بحرب شبيهة بتلك التي بدأت في العام 2014 وأودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص

ويرى محللون أن واشنطن تدعم أوكرانيا للقيام بحرب تستعيد فيها مناطق من إقليم دونباس على غرار الحرب التي خاضتها باكو في إقليم ناغورني قرة باغ، وبالتالي تفي الولايات المتحدة بوعودها لقيادة عالم حرّ وضمان أمن حلفائها.

وتعدّ أوكرانيا ساحة مواجهة قديمة متجددة بين واشنطن وموسكو، فمنذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على مسؤولين روس كبار، وهي تدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا.

وتعتبر الولايات المتحدة أن أوكرانيا تضطر إلى مواجهة العدوان من الخارج، فيما تتمسك بالموقف الرافض للاعتراف بانضمام القرم إلى روسيا.

وفي الأيام الأخيرة أعرب مسؤولون أوكرانيون وأميركيون عن قلقهم بشأن وصول الآلاف من القوات والمعدات الروسية إلى الحدود الروسية الأوكرانية.

وكان محللون أميركيون حذروا من وجود مخاوف من عدم صمود اتفاق وقف إطلاق النار المعلن بين أوكرانيا والمقاتلين الموالين لروسيا في شبه جزيرة القرم في يوليو 2020، وذلك بعد رصد حشود روسية في مناطق تماس مع أوكرانيا، تقابلها حالة تأهب قصوى في صفوف القوات الأوكرانية، عقب المناوشات الدموية التي شهدتها المنطقة الحدودية شرقي أوكرانيا.

وفي خضم التهديدات المتصاعدة، أعلن الجيش الأوكراني السبت عن مناورات عسكرية مشتركة ستبدأ في غضون بضعة أشهر مع قوات حلف شمال الأطلسي في خطوة قد تؤجج التوترات مع موسكو التي أبدت اعتراضها على مثل هذه التحركات.

وفي المقابل، دعت ألمانيا وفرنسا اللتان تؤدّيان وساطة لنزع فتيل التوتّر بين روسيا وأوكرانيا، السبت إلى ضبط النفس ووقف التصعيد الفوري بين البلدين، معبّرتين عن قلقهما حيال العدد المتزايد لانتهاكات وقف إطلاق النار.

وفيما تقول روسيا إنها تقوم بتدريبات عسكرية على الحدود مع أوكرانيا، يحاول خبراء أميركيون تحديد نوايا موسكو التي يبدو أنها تفوق وتيرة التدريبات العسكرية المعتادة، حيث تقول مجلة فورين بوليسي الأميركية إن ضم شبه جزيرة القرم في 2014 بدأ أيضا بتدريبات عسكرية سريعة على طول الحدود الغربية الروسية مع أوكرانيا، قبل أن يتدفق رجال ملثمون في وقت لاحق إلى إقليم البحر الأسود ويستولون عليه.

وتراقب واشنطن عن كثب التحركات الروسية وتصريحات الكرملين لمعرفة الخطوات القادة، فيما اعتبر مسؤول رفيع المستوى لـ”فورين بوليسي” أن التحركات الروسية قد تكون مناورة يقومون فيها باختبار لمعرفة كيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة، وقد تكون إجراء عسكريا. ولا يشير التصعيد على الحدود إلى أن الأيام القليلة القادمة ستقلل من حدة التوترات، بل قد تصعد أوكرانيا ضدّ الانفصاليين.

واتهم الانفصاليون الموالون لروسيا السبت أوكرانيا بقتل طفل في عملية قصف فيما أعلنت كييف عن مقتل جندي في انفجار لغم، مع تصعيد التوتر في شرق البلاد.

وقالت سلطات جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد إن طفلا “مولودا في عام 2016” قُتل وأصيبت امرأة عمرها فوق 65 عاما السبت في قصف نفذته طائرة أوكرانية دون طيار في قرية ألكسندريفسكي، على بعد كيلومترين من خط الجبهة، وهو ما ينذر بحرب محتملة شبيهة بتلك التي بدأت في العام 2014 وأودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص.

العرب