لقد تم القبض على مجموعة من المتطرفين البيض مؤخراً بتهمة التآمر لقتل المسلمين. هل قرأت عن هذا الموضوع؟ لا أعتقد ذلك. يبدو أن هناك تهديدا متناميا في أمريكا يشمل المسلمين. لقد أصدر مكتب التحقيقات الفيدرالي مؤخراً تحذيراً لتنبيه السلطات المحلية حيال هذا الأمر لكن السياسيين في بلادنا إضافة إلى الإعلام، مازالوا مستمرين في تجاهل هذا الموضوع.
إن التهديد الذي أتحدث عنه لا يتمحور حول ما يسمى “الإسلام الراديكالي المتطرف” كما يحب اليمين تسميته، لكني أتحدث عن تهديد ما يسمى “الأمريكان الراديكاليين” الذين يخططون لقتل المسلمين الأمريكان ويعملون على تأجيج نيران الكراهية ضد المسلمين، وذلك على أمل أن يتم بذلك استثارة الآخرين لفعل ذلك. والآن ربما يتساءل أحدهم: “ما هو التهديد الموجه ضد المسلمين الأمريكان؟ “أستطيع أن أفهم تماماً رد الفعل ذلك على افتراض قلة وضآلة تغطية الإعلام للمؤامرات التي تحاك لقتل المسلمين. ويبدو للكثيرين في وسائل الإعلام أن حياة المسلمين ليست مهمة ببساطة.
لذا دعوني أقدم لكم معلومات ضرورية وأضعكم في الصورة بشكل واضح حيال ما يجري في العالم فيما يتعلق بما يسمى “الأمريكان الراديكاليين”.. ففي يوم الجمعة الماضي أدانت المحكمة الفيدرالية جليندون سكوت جروفورد، وذلك على خلفية محاولته تطوير “سلاح دمار شامل” لقتل المسلمين في المنطقة الشمالية من مدينة نيويورك بالقرب من مدينة ساراتوغاسبرينغس. “سكوت “الذي يعمل ميكانيكياً صناعياً في شركة جنرال إلكتريك، كان قد قام بتصنيع “آلة قتل تعمل بأشعة إكس” من أجل قتل المسلمين، وذلك لأنهم في نظره “أعداء إسرائيل” الموجودين على لائحة الاتهام. ويبدو أنه من الواضح تماماً أن لا أحد كان قد ادَّعى أن جروفورد كان يعاني اختلالاً عقلياً.. لقد كان وبكل بساطة رجلاً يحمل مشاعر الاحتقار للمسلمين، وبالتالي فهو يريد أن يستخدم مهاراته في مجال الكهرباء من أجل قتلهم بالإشعاع. لقد نجح جروفورد مع عدد من العملاء السريين التابعين لمكتب التحقيقات الفيدرالي، في اختبار ما توصَّل إليه، وهو سلاح يعمل بطريقة التحكم عن بُعد. والشكر لله أنه سيتم الحكم عليه بالسجن لفترة تراوح بين 25 سنة والسجن مدى الحياة. والآن يمكنني حتى أن أتساءل: ما مدى أو حجم التغطية الإعلامية التي سنراها في حال تم القبض على أحد المسلمين في أمريكا بتهمة استخدام سلاح دمار شامل ضد المسيحيين؟ لكن جروفورد ليس وحيداً، فقبل بضعة أشهر كنتُ قد كتبتُ حول روبرت دوجارت، وهو الوزير المسيحي من ولاية تينيسي الذي كان قد خطط للسفر إلى شمال مدينة نيويورك وبرفقته رجال آخرون لخوض حرب مقدسة في جوهرها ضد المسلمين. وتشمل مكيدته استخدام أسلحة فتّاكة ومتفجرات، وحتى خناجر، من أجل قتل المسلمين وتمزيقهم إلى أشلاء. كما تواصل دوجارت مع أعضاء من الجيش في ولايات جنوبية أخرى يتعاطفون معه. إن دوجارت الذي ألقى مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض عليه قبل أيام من قيامه بالتخطيط للتوجه إلى نيويورك من أجل الاستطلاع؛ وُجّهت له تهمة التحريض على ارتكاب أعمال تنتهك الحقوق المدنية، وبالتالي فهو يواجه عقوبة الحبس عشر سنوات. ويبدو أن الأمور تزداد سوءاً من هذه النقطة، ففي الواقع نشهد تصاعداً في حدة التهديدات ضد المسلمين الأمريكان، وذلك من قبل الأمريكان الراديكاليين، حيث وصل الأمر إلى درجة أن قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتوجيه تحذير بعنوان: “الميليشيات المتطرفة توسع دائرة المجموعات المستهدفة لتضم المسلمين”.. هذا التحذير الصادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي يأتي استناداً إلى أدلة قام المكتب بجمعها، ولديه أدلة موثقة بأن المتطرفين المحليين يخططون للقيام بأعمال عنف ضد المسلمين الأمريكان. لقد بلغ حد القلق من هذا الأمر إلى قيام مجلس العلاقات الأمريكية – الإسلامية بنشر بيان صحافي الأسبوع الماضي يدعو فيه المسلمين الأمريكان إلى أخذ الحيطة والحذر بصورة خاصة. وإضافة إلى ما أشار إليه المجلس في بيانه، أشارت أيضاً مصادر خاصة في مكتب التحقيقات إلى وجود ميليشيات تراقب المسلمين في “أماكن مختلفة، بما فيها ألاسكا وأريزونا وإنديانا ومونتانا ونيويورك وشمال وجنوب كارولينا ويوتا وتكساس”.
ووسط مشاعر الذهول والدهشة كنا قد رأينا آخرين، ونقصد هنا جميع الرجال البيض في الجنوب، وهم يحاولون تأجيج المزيد من مشاعر الكراهية ضد المسلمين عن طريق افتعال مؤامرات إرهابية والادّعاء بأن من قام بذلك هم من المسلمين. وفي شهر يوليو زعم عضو الحرس الوطني في جورجيا بريت داونينج أنه كان قد وجد مذكرة على زجاج سيارته الأمامي مكتوباً فيها: “عزيزي الجندي الأمريكي: الموت لك أيها الجبان يا قاتل النساء والأطفال.. أنت وكل الجيش الأمريكي.. لن يرحمكم محمد.. سنهاجمكم بكل قوتنا.. والموت قادم لكم”. وكما هو متوقع فإن هذه الرسالة تسبَّبت في جعل الناس بالمجتمع يشعرون بالخوف من المسلمين، لكن اتضح أن داونينج هو من كتب هذه الرسالة ويواجه الآن تهمة ترويج إشاعة كاذبة. وقبل أسبوع واحد فقط تم إلقاء القبض على جيسون باول سميث، وهو من فيرجينيا الغربية، وذلك بدعوى أنه كان ينوي تفجير تمثال الحرية. ورغم ذلك وعندما تم استدعاؤه للتحقيق قال إن اسمه عبد الياسين وينتمي إلى تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (مع العلم أن سميث ليس مسلماً).. كما أنه لا يمكن اعتبار ما يقوم به هذان الرجلان على أنه شيء مهم مقارنة بمايكل سيبلي ذي الأصل الجورجي، والذي يصف نفسه بأنه “وطني” ويخطط لزرع قنبلة في إحدى الحدائق القريبة من منزله قبل بضعة أشهر. وفي حقيبة الظهر التي يحملها التي وضع القنبلة فيها، كان قد وضع سيبلي أيضاً “قرآناً” وبعض المواد الأخرى التي كان يعتقد أن أي مسلم يمكن أن يحملها في حقيبته، وذلك أملاً منه في أن يؤدي ذلك إلى إقناع السلطات بأن أحد المسلمين هو من قام بتنفيذ المؤامرة. لكن لماذا؟ حسناً، إنه يعتقد أن “لا أحد يلتفت أو يهتم بما يجري في العالم”.
لقد وصلنا وبشكل مخيف إلى حد بشع فيما يتعلق بمشاعر العداء للمسلمين في أمريكا، ورغم أن رجل الأعمال والكاتب دونالد جون ترامب لم يستهدف المسلمين في خطاباته (أو على الأقل حتى هذه اللحظة لم يقم بذلك)؛ فإن سياسة التخويف التي يستخدمها ستعمل ودون أدنى شك على بث روح الكراهية تجاه جماعات أقلية متنوعة في المجتمع بما فيها المسلمين. والأسوأ من ذلك فإن باستطاعة هذا النوع من اللغة التي تتسبب في حدوث خلاف وشقاق في المجتمع، أن تثير العنف كما شهدنا الأسبوع الماضي في بوسطن عندما قام رجلان بالهجوم على رجل مشرّد من أصول لاتينية. وبعد أن وقع الهجوم قام أحد المهاجمين بإخبار الشرطة أن “دونالد ترامب كان على حق..لذا يجب أن يتم ترحيل كل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين”.
وما يثير الاهتمام أيضاً أن أحد المهاجمين في حادثة بوسطن كان قد أدين بجريمة كراهية لأنه قام بالاعتداء على رجل مسلم بعد وقت قصير من أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وهكذا يمكننا أن نثبت مرة أخرى أن المتعصبين يميلون إلى حمل مشاعر الكراهية إلى أكثر من جماعة أقلية ولا يقتصر الأمر على جماعة واحدة فقط.
يمكنني أن أتنبَّأ بأننا سنشهد المزيد من المؤامرات لقتل المسلمين في أمريكا، أو على الأقل سنرى محاولات لإثارة الكراهية تجاه المجتمع المسلم، وهذا الأمر بطبيعة الحال سيجعل تنظيم الدولة الإسلامية يشعر بالنشوة والابتهاج؛ لأن الجماعة الإرهابية ستستخدم أي هجوم ضد المسلمين الأمريكان كدليل على كره الغرب للإسلام، وبالتالي على المسلمين أن ينضموا إلى صفه. كم أتمنى أن أكون أكثر تفاؤلاً، لكني شخص واقعي. إن أملي الوحيد في أن تبدأ وسائل إعلامنا بتغطية هذه المؤامرات الإرهابية من أجل أن تجعل الصورة أكثر وضوحاً، وبالتالي يتبيَّن أن تهديد “الأمريكان الراديكاليين” هو تهديد حقيقي.
نقلا عن مركز البحوث والدراسات -مجلة البيان
– See more at: http://www.albayan.co.uk/rsc/Article2.aspx?id=3462#sthash.kTHmyEnj.dpuf