مصر تحشد الدعم الأفريقي لموقفها من أزمة سد النهضة

مصر تحشد الدعم الأفريقي لموقفها من أزمة سد النهضة

القاهرة – يبدأ وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين جولة أفريقية لحشد الجهود الداعمة لموقف بلاده من أزمة سدّ النهضة الإثيوبي.

وصرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية المصري السفير أحمد حافظ بأن وزير الخارجية غادر الأحد القاهرة إلى كينيا في مستهل جولة تشمل أيضا جزر القمر وجنوب أفريقيا والكونغو الديمقراطية والسنغال وتونس، حاملا رسائل من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لرؤساء وقادة هذه الدول حول تطورات ملف سد النهضة وموقف القاهرة في هذا الشأن.

وأضاف المتحدث أن تلك الجولة تأتي انطلاقا من حرص مصر على إطلاع دول القارة الأفريقية على حقيقة وضع المفاوضات حول ملف السد الإثيوبي، ودعم مسار التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم حول ملء وتشغيل السد على نحو يراعي مصالح الدول الثلاث، وذلك قبل الشروع في عملية الملء الثاني واتخاذ أي خطوات أحادية، فضلا عن التأكيد على ثوابت الموقف المصري الداعي إلى إطلاق عملية تفاوضية جادة وفعّالة تسفر عن التوصل إلى الاتفاق المنشود.

وترفض إثيوبيا إبرام اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد. والأحد أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن الملء الثاني لسد النهضة سوف يتم في يوليو وأغسطس المقبلين.

وكتب على حسابه بتويتر “ستتم التعبئة التالية (الثانية) لسد النهضة فقط خلال هطول الأمطار الغزيرة في شهري يوليو وأغسطس (المقبلين)، مما يضمن الحد من الفيضانات في السودان”.

وأضاف “قبل التعبئة الثانية ستقوم إثيوبيا بإطلاق المزيد من المياه من تخزين العام الماضي من خلال المنافذ المنشأة حديثا ومشاركة المعلومات”، دون تفاصيل عن تلك الجزئية.

وتابع “إثيوبيا تعتزم تلبية احتياجاتها من بناء سد النهضة وليست لديها أي نية لإلحاق الضرر بدول المصب.. الأمطار الغزيرة العام الماضي مكنت من نجاح الملء الأول للسد (في يوليو 2020)”.

وكثفت مصر مؤخرا من اتصالاتها العسكرية والاستخباراتية مع دول منابع النيل، عبر توقيع اتفاقيات عسكرية مع أوغندا وبوروندي، وهو ما يضع إثيوبيا تحت ضغط دائم.

ومنذ أشهر يرعى الاتحاد الأفريقي المفاوضات الثلاثية بشأن السد، وهي متعثرة منذ 10 سنوات. وكانت القاهرة والخرطوم اقترحتا ضم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة كوسطاء، بالإضافة إلى دور الاتحاد الأفريقي الحالي في تسهيل المحادثات. وقالت الدولتان إن إثيوبيا رفضت الاقتراح خلال اجتماع كينشاسا الذي لم يسفر عن شيء.

ورفض السودان ومصر عرض إثيوبيا لتبادل المعلومات حول الملء الثاني لسد النهضة، مؤكدين ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد.

وتتمسك أديس أبابا بملء ثان لسد النهضة بالمياه في يوليو المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأن السد الواقع على النيل الأزرق، الرافد الرئيس لنهر النيل، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي، للحفاظ على منشآتهما المائية واستمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه النيل،‎ البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب على التوالي.

ويتوقع حدوث أضرار كبيرة على السودان حال تنفيذ الملء الثاني، بينما تستطيع مصر تعويض أي تراجع في حصتها، من مخزون بحيرة السد العالي هذا العام، لكنها لا تضمن ذلك طوال فترات المد التالية، ولا تريد الرضوخ للأمر الواقع الإثيوبي خوفا من تداعياته مستقبلا.

وفي تصريحات الأحد، قال وزير المياه والري المصري محمد عبدالعاطي إن “التعنت الإثيوبي، والإجراءات الأحادية التي تقوم بها أديس أبابا، هو السبب في فشل المفاوضات”.

وأشار عبدالعاطي إلى أن “حجم المياه الخضراء (مياه الأمطار) في إثيوبيا يصل إلى أكثر من 935 مليار متر مكعب سنويا من المياه، وأن 94 في المئة من أراضي إثيوبيا خضراء، في حين تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى 6 في المئة فقط”.

وأوضح أن إثيوبيا تمتلك أكثر من 100 مليون رأس من الماشية تستهلك 84 مليار متر مكعب سنويا من المياه، وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين، كما تصل حصة إثيوبيا من المياه الزرقاء (المياه الجارية بالنهر) إلى حوالي 150 مليار متر مكعب سنويا، منها 55 مليار في بحيرة تانا و10 مليارات في سد تكيزي و3 مليارات في سد تانا بالس و5 مليارات في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف 74 مليارا في سد النهضة.

وتعتزم إثيوبيا تشييد عدد من السدود التي يمكن أن تثير مشكلات حادة مع دولتي المصب، وهو ما يدفعهما إلى الإصرار على التوقيع على اتفاق مُلزم لتجنب مفاجآت كبيرة تتعلق بإعادة طرح توزيع حصص المياه التاريخية، خاصة أن أديس أبابا ألمحت إلى إمكانية تسعير المياه وبيعها لمصر والسودان.

وتتنصل أديس أبابا بشتى الطرق من التوقيع على اتفاق ملزم لها، فهي تقدم تعهدات شفوية مرنة وترفض تحويلها إلى وثيقة مكتوبة، ما يعني أنها تنوي التنصل من التنفيذ، بما يقلل من أهمية أي خطوة تحمل بوادر جيدة، حيث تفقد بريقها عند إخضاعها للاختبار.

والأسبوع الماضي أعادت مصر تفعيل طلب وساطة روسية في ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي، وهو ما يشير إلى أن القاهرة تريد العودة إلى صيغة طرحتها قبل نحو عام ونصف العام على هامش قمة أفريقية روسية، عرضت فيها طلب وساطة روسيا في أزمة سد النهضة، غير أن إثيوبيا رفضته آنذاك. ودخلت واشنطن على الخط عبر وساطة بالشراكة مع البنك الدولي، توصلت إلى مسودة اتفاق على قاعدة من التنازلات المتبادلة، وقعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى وامتنعت كل من أديس أبابا والخرطوم عن التوقيع عليه.

وكان الرئيس المصري لوّح للمرة الأولى منذ نشوب أزمة السدّ قبل 10 سنوات، باللجوء إلى الخيار العسكري وقال في 30 مارس الماضي، إن “مياه النيل خط أحمر، ولن نسمح بالمساس بحقوقنا المائية، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.

العرب