سوريا “باكورة” المصالح الاقتصادية الروسية

سوريا “باكورة” المصالح الاقتصادية الروسية

625-540x330
على ما يبدو فإن العلاقة بين روسيا وسوريا لم تقتصر على الجانب السياسي في هذه الفترة فقط ، بل تجاوزت ذلك الى الجانب الاقتصادي وتركزت اساساً في الصناعات المتعلقة بالطاقة ومجال النفط والغاز، والذي نوه اليه الكثير من المراقبين في الفترة الماضية.
و تعتبر سوريا حليف استراتيجي لروسيا في المنطقة منذ أكثر من ستة عقود ، وروسيا تدير من خلال دمشق جزءاً مهماً من سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، وتعتبر الاخيرة قاعدة مهمة للمصالح الاقتصادية والعسكرية الروسية حيث تعتبر من اكبر زبائن السلاح الروسي و تحتل المرتبة الخامسة بين 80 دولة ناهيك عن الاستثمارات في مجال الطاقة والنفط والغاز .
وترسيخا لسياسة المصلحة الاستراتيجية كشفت تقارير أن شركات نفط روسية بدأت بالفعل في التنقيب عن النفط قرب الساحل السوري ،وتضيف هذه المصادر ان شركة “سيوز نفتا غاز” الروسية باشرت العمل في التنقيب عن النفط حيث بدأت فعلياً أعمال الحفر والتنقيب عن النفط في منطقة “قنينص” بريف مدينة اللاذقية الساحلية غربي سوريا.
وتعتبر هذه التنقيبات خطوة يمكن ان ينظر اليها بأنها سياسة الشركة بين موسكو ودمشق و تحقيق مصالح استراتيجية حيث لاحظنا الدعم العسكري والسياسي الروسي لسوريا خلال السنوات الاربع الماضية منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.
و جاءت عمليات التنقيب بالبر والاكتشاف ومن ثم التنقيب بالمياه الإقليمية السورية، بعد اجتماع وزير النفط السوري سليمان عباس مع الجانب الروسي بدمشق قبل أيام، والذي تم خلاله الإيعاز للشركات ببدء العمل في سورية.
الشركة الروسية بدأت العمل بناء على الاتفاقية التي وقعتها “وزارة النفط السورية مع شركة “سيوز نفتا غاز” الروسية عام 2013؛ بهدف الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الخاصة السورية، بعد تقسيم المياه الإقليمية السورية إلى خمسة قطاعات، تغطي المساحات المتاحة للتنقيب والاستكشاف”.
وحسب المصدر بدأت الآن الشركة الروسية بالتنقيب في القطاع رقم 2 الممتد من جنوب شاطئ طرطوس إلى محاذاة مدينة بانياس، وبعمق عن الشاطئ يقدر بنحو 70 كيلو متراً، وبمساحة اجمالية تصل إلى نحو 2190 كيلومتراً مربعاً، ولمدة 25 عاما، وتبلغ كلفة الصفقة 100 مليون دولار، وهي تقديرات الحد الأدنى .
وكانت دمشق قد أعلنت بعيد الثورة عام 2011 عن طرح مناقصة عالمية لأعمال التنقيب والاستكشاف، والاستغلال لموارد النفط والغاز في بعض مناطق البحر الأبيض المتوسط التابعة للمياه الإقليمية السورية، بعد المسح الجيولوجي الأميركي، الذي أُجري في حوض شرق المتوسط عام 2010، وقدّر وجود احتياطي يصل إلى 3450 مليار متر مكعّب من الغاز و1.7 مليار برميل نفط.
و بحسب مصادر سورية رسمية تزامن دخول القوات العسكرية الروسية لمناطق الساحل السوري، وبدء أعمال البنى التحتية لتمركزها في مطار “حميميم” مع بدء عمل الشركات النفطية، إثر خسائر قطاع النفط السوري لنحو 48 مليار دولار

يشار الى ان إنتاج النفط السوري تراجع الذي يسيطر عليه النظام من 380 ألف برميل عام 2010 إلى أقل من 10 آلاف برميل حالياً.
وعموما بلغت خسائر قطاع النفط السوري منذ بدء الأزمة حتى نهاية عام 2013، نحو 6.4 بليون دولار.
وتشير كتابات في هذا الشأن ان الأميركيين ليسوا بعيدين من هذا الهدف الجيوسياسي، وسبق لهم ان وضعوا دراسات بإشراف وزارة الخارجية خلال فترة تولي هيلاري كلينتون مسؤوليتها، توصي بأن يكون استغلال نفط سورية في أيدي شركات أميركية، خصوصاً الشركة التي اكتشفت حقول الغاز في اسرائيل، والتي يمثلها في علاقاتها بالدوائر الأميركية الرئيس السابق بيل كلينتون، وهي في الوقت ذاته تسعى الى استغلال هذه الثروة المرتقبة في سواحل لبنان البحرية، انطلاقاً من حرص الأميركيين على ضرورة ان يكون تطوير موارد شرق البحر المتوسط تحت سيطرتهم، وأن يؤدي الى تصدير الغاز الى تركيا ومن ثم الى الأسواق الأوروبية، فتكون النتيجة تقليص دور روسيا في مجال تزويد تركيا بالغاز، الذي يمثل 70 في المئة من حاجتها حالياً.

وبعد اكتشاف هيئة المسح الجيولوجي الأميركية ( USGS ) ان الساحل الشرقي للمتوسط، أي الساحل السوري – اللبناني – الفلسطيني يحتوي على مخزون هائل من الغاز يقدر بـ 700 بليون متر مكعب إضافة إلى النفط، واكتشاف حقل غاز في منطقة قارة قرب حمص وتقدر كميته بـ 437 بليون متر مكعب ( وقد حصلت روسيا على عقود التنقيب فيه)
مما سبق يتبين لنا مبررات الاهتمام الروسي بسوريا حتى في اعقد الازمات الدولية وهو بطبيعة الحال مبرر اقتصادي بالدرجة الاولى واستراتيجي يسمح ببقاء القدم الروسية في منطقة الشرق الاوسط .

عامر العمران

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية