إيران تدرس استخدام أموال قطرية في شراء مقاتلات من الصين

إيران تدرس استخدام أموال قطرية في شراء مقاتلات من الصين


العلاقة الوطيدة التي حرصت قطر على الحفاظ عليها مع إيران ضدّ رغبة بلدان رئيسية في المنطقة، كانت أحد الأسباب في الأزمة الخليجية التي استمرت طيلة سنوات قبل أن يتم تجاوزها مؤخّرا. لكن أن تتم ترجمة تلك العلاقة إلى استفادة إيرانية مباشرة من المال القطري في شراء السلاح، فإنّ الأمر سيكون أكثر إحراجا للدوحة أمام الولايات المتحدة والدول المتصالحة حديثا مع قطر.

طهران – رجّحت مصادر صينية أن تلجأ إيران إلى استخدام مساعدة مالية كانت قد حصلت عليها من قطر لشراء طائرات مقاتلة صينية ترغب طهران في اقتنائها لكنّها تواجه شحّ العملة الصعبة نتيجة العقوبات الأميركية المفروضة عليها، بينما لا تبدو بكين راغبة في مقايضة السلاح بالنفط، لحاجتها هي أيضا لتعبئة أكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية تحسّبا لموجة عقوبات شديدة قد تُفرض عليها من قبل واشنطن في إطار المواجهة المتصاعدة بين الطرفين.

ومن شأن لجوء إيران لاستخدام الهبة القطرية في اقتناء مقاتلات صينية أن يورّط الدوحة في عملية تمويل لتسلّح إيران الخصم اللدود لدول في المنطقة على رأسها المملكة العربية السعودية التي تصالحت قبل أشهر مع قطر بعد أزمة في العلاقات بين الطرفين تواصلت منذ سنة 2017.

كما تتضمّن الخطوة رسالة سلبية إلى الولايات المتحدة مفادها أنّ إيران تستخدم أموال حليف لواشنطن يؤوي على أراضيه إحدى أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، قاعدة العديد الواقعة قرب الدوحة، في شراء السلاح من أكبر منافس للولايات المتّحدة على مستوى العالم.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد زار طهران في يناير 2020 وذلك لأول مرّة منذ توليه الحكم سنة 2013، حيث أُعلن على هامش الزيارة تقديم هبة قطرية لإيران بقيمة 3 مليارات دولار. وربطت المصادر السياسية تلك الزيارة بجهود لتهدئة التوترات التي تصاعدت آنذاك بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أميركية قرب مطار العاصمة العراقية بغداد مطلع الشهر نفسه.

الإيرانيون لا يستطيعون الدفع للصين بالدولار واليورو ويفضلون استخدام النفط لمقايضته بالأسلحة. لكن بكين تريد أموالا

وتظهر إيران اهتماما بشراء طائرات صينية مقاتلة من طراز تشنغدو جيه-10 وذلك بعد انقضاء فترة حظر السلاح الذي فرض عليها من قبل الأمم المتحدة طيلة ثلاث عشرة سنة ولم يتمّ تجديده في أكتوبر الماضي.

ورغم انخفاض سعر هذا النوع من المقاتلات التي تستخدم في القتال الجوي إلاّ أنّه يحتوي على خصائص تقنية متطوّرة. ويتراوح سعر الطائرة الواحدة بين بين 40 و65 مليون دولار بحسب نوعية تجهيزها.

وأوردت صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست، الصينية أنّ شحّ العملة الصعبة قد يحول دون تمكّن إيران من إتمام صفقة تتضمن شراء 36 مقاتلة من ذلك الطراز. ونقلت عن محللين عسكريين قولهم الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للصين لتبادل الأسلحة مقابل النفط والغاز لأن بكين ذاتها مهدّدة بعقوبات أميركية كتلك المفروضة على إيران والتي تسببت في تآكل رصيدها من العملات الأجنبية.

وقال تشو تشينمينغ الباحث في مركز أبحاث يوان وانغ، وهو معهد متخصص في العلوم العسكرية ومقره بكين “المشكلة الرئيسية هي أنّ الإيرانيين لا تستطيعون الدفع للصين بالدولار أو اليورو، فهم يفضلون استخدام النفط والغاز الطبيعي لمقايضته بالأسلحة. أما الصين فقد راكمت الكثير من احتياطيات الطاقة وهي تريد أن تكسب المال من وراء صفقات السلاح. ومن المستحيل أن تدخل بكين في صفقات سيئة”.

وأضاف الباحث أنّ “الانكماش الدراماتيكي للعملة الإيرانية خلال السنوات الأخيرة أجبر حكومة إيران على الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من العملات الأجنبية”. وفي ظل هذه الصعوبات رجحت الصحيفة الصينية نقلا عن منصة صين ​​نيوز الإعلامية على شبكة الإنترنت أن تعتمد إيران في شراء المقاتلات الصينية على الهبة المالية القطرية.

ويأتي توثيق العلاقات الدفاعية والأمنية بين إيران والصين كجزء من اتفاقية التعاون الاستراتيجي التي تبلغ مدتها 25 عاما والموقعة في مارس الماضي بين بكين وطهران لمعالجة القضايا الاقتصادية وسط العقوبات الأميركية المشدّدة على إيران.

ولم يتم الكشف عن التفاصيل الملموسة للشراكة الاستراتيجية الشاملة، لكنّ وسائل إعلام صينية حكومية قالت إنّ تلك الشراكة تغطّي مروحة واسعة من الأنشطة الاقتصادية تشمل النفط والتعدين والنقل والزراعة وغيرها. كما أنّ الإسراع بتوثيق العلاقات بين إيران والصين يأتي كردّة فعل من الطرفين المستهدفين بالعقوبات الأميركية.

لكنّ الخبير العسكري ني ليكسيونغ يرى أنّ على الصين أن تعطي الأولوية لاعتباراتها الاقتصادية في ظلّ حربها التجارية المؤلمة مع الولايات المتحدة والتي بدأت في عام 2018 وأيضا في ظل تأثيرات وباء كورونا.

وأضاف الاحتفاظ بالمزيد من النقد والعملات الأجنبية هو دائما أولوية قصوى عند التعامل مع أزمة اقتصادية، مضيفا أن الصين لا تحتاج إلى الكثير من النفط الخام وسط النكسات الاقتصادية الحالية مع انخفاض أسعار النفط والغاز يوما بعد يوم.

وبلغت قيمة التجارة بين إيران والصين خلال السنوات الأخيرة حوالي 20 مليار دولار سنويا انخفاضا من حوالي 52 مليار دولار في عام 2014 وذلك بسبب العقوبات الأميركية التي فرضت على طهران منذ 2018 بعد أن انسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي.

واعتبر ني أن بكين ليست ملزمة بمنح طهران أسلحة مجانية، كما أنّها تحتاج لتأخذ في الاعتبار ما ستفكر فيه الولايات المتحدة وإسرائيل إذا عرضت بكين على إيران صفقة أسلحة أرخص.

وينطبق كلام الخبير الصيني على قطر أيضا التي سيتوجب عليها أن تفكّر في ردود أفعال خصوم إيران الإقليميين والدوليين إذا اعتبروا أن استخدام هبتها المالية في شراء مقاتلات صينية هي بمثابة مساهمة مباشرة من الدوحة في تسليح إيران وتقوية شوكتها.

العرب