صعدت الأطراف السياسية المدعومة من تركيا في ليبيا خلال الساعات الماضية من لهجتها إزاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش على خلفية تصريحات شددت فيها على ضرورة إخراج القوات الأجنبية من بلادها، مشيرة إلى أن حكومتها مصممة على إخراج تركيا وهو ما أثار حفيظة هذه الأطراف لاسيما جماعة الإخوان والمقربين منها.
تونس- جدد المجلس الرئاسي الليبي برئاسة محمد المنفي التأكيد على ضرورة العمل من أجل إنجاح استحقاق إخراج المرتزقة وكافة القوات الأجنبية من ليبيا الذي نصت عليه خارطة الطريق، وذلك للتفرغ لمعالجة بقية الاستحقاقات الأخرى التي تسبق الانتخابات العامة المُقرر تنظيمها في شهر ديسمبر المُقبل.
ويأتي هذا التأكيد فيما صعد من يُوصفون بوكلاء تركيا في ليبيا من خطابهم السياسي والإعلامي لإفشال أي خطوة جدية تقود إلى إخراج القوات الأجنبية، وخاصة منها التركية التي تتمركز في عدد من القواعد العسكرية في العاصمة طرابلس ومصراتة وصولا إلى قاعدة الوطية غرب البلاد.
وأثار هذا التصعيد، الذي جاء على خلفية تصريحات سابقة لوزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش أكدت فيها أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بدأت حوارا مع تركيا لإخراج قواتها من ليبيا، جدلا مُتصاعدا كشف عن عمق الشرخ الذي ما يزال هذا الملف يُحدثه في صفوف الليبيين.
وكانت نجلاء المنقوش قد أكدت الجمعة الماضي خلال جلسة استماع مع لجنة الشؤون الخارجية بمقر البرلمان الإيطالي بقصر مونتي تشيتوريو في روما أن حكومة الوحدة الوطنية الليبية برئاسة عبدالحميد الدبيبة “مُصممة على انسحاب تركيا من ليبيا”.
وأوضحت قائلة “إن الأمر بالنسبة إلينا يتعلق بمسألة ذات أولوية، لأن أمننا يعتمد على انسحاب القوات الأجنبية”، لافتة إلى أن حكومة بلادها “بدأت حوارا مع تركيا بهذا الخصوص (…) ونحن مصممون على نوايانا، ونطلب من جميع الدول أن تكون متعاونة من أجل إخراج القوات الأجنبية من الأراضي الليبية”.
وفي خضم هذا الجدل الذي أثارته تصريحات المنقوش دعا عبدالله اللافي نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي في تغريدة نشرها على حسابه على تويتر جميع الدول إلى مساعدة ليبيا على إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من أراضيها.
وأكد أن تصريحات وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش “كانت واضحة ولا تحتاج تفسيرات، ولا داعي للتلفيق والتحريف”، لافتا في هذا السياق إلى أنها “لم تستثنِ أحدا، وعلى جميع الدول مساعدتنا في إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا”.
وبعد هذا التأكيد بساعات قليلة شدد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا يان كوبيش ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على “أهمية الإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وسحب القوات الأجنبية والمرتزقة بشكل كامل من ليبيا”.
ليبيا
وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في بيان وزعته ليل السبت – الأحد إن الجانبين أكدا على ضرورة “إحراز المزيد من التقدم في تنفيذ خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر القادم، باعتباره أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في ليبيا والمنطقة”.
وأعربت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الليبي التي يرأسها النائب يوسف العقوري عن تأييدها لتصريحات وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش الداعية لانسحاب تركيا من ليبيا، مؤكدة أن مثل هذا الموقف يحظى بتأييد شعبي.
وشددت في بيان وزعته ليل السبت – الأحد على ضرورة سحب جميع الدول لقواتها الأجنبية المتواجدة في الأراضي الليبية امتثالا لنتائج ملتقى الحوار السياسي الليبي ونتائج مؤتمر برلين واتفاق وقف إطلاق النار، مستنكرة في نفس الوقت محاولات التشويش والتبرير الواهم لبقاء القوات الأجنبية في ليبيا.
وحذرت من أن تلك المحاولات من شأنها أن “تضرب بالاتفاق السياسي عرض الحائط، وتُعيد البلاد إلى مربع الاقتتال”، وذلك في إشارة واضحة إلى الحملة التي شنها إخوان ليبيا وخاصة منهم خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة على الدعوات التي تتالت لإخراج القوات التركية من الأراضي الليبية.
وكان خالد المشري قد هاجم بشدة تصريحات وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش التي طالبت فيها بإنسحاب تركيا من ليبيا، حيث أكد في بيان له أنه “ليس من اختصاص هذه الحكومة (حكومة الدبيبة) إلغاء أي اتفاقيات شرعية سابقة أو تعديلها”، على حد قوله.
وأشار المشري إلى أنه يحترم الاتفاقيات الموقعة مع تركيا، وذلك في إشارة إلى الاتفاقية المُثيرة للجدل التي وقعتها حكومة فايز السراج مع تركيا في نوفمبر من العام 2019، والتي تشمل ترسيم الحدود البحرية في البحر الأبيض المتوسط والتعاون الأمني والعسكري الموسع.
وتحولت تصريحات المشري إلى ما يُشبه الحملة المُنظمة، حيث تتالت المواقف الرافضة لإخراج القوات التركية من الأراضي الليبية الصادرة عن حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الذي اعتبر على لسان الناطقة باسمه سميرة العزابي أن القوات التركية في ليبيا “جاءت دعما للاستقرار”، على حد قولها.
المجلس الرئاسي الليبي يجدد التأكيد على ضرورة العمل من أجل إنجاح استحقاق إخراج المرتزقة وكافة القوات الأجنبية من ليبيا
وبالتوازي شنت القنوات التلفزيونية المحسوبة على الإخوان التي تبث من تركيا هجوما عنيفا على نجلاء المنقوش، الأمر الذي دفع مالك أبوشهيوة أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية إلى التحذير من أن “وكلاء بعض الدول والعملاء لها من الليبيين، يسعون لإعاقة مشروع إخراج كافة المرتزقة والقوات الأجنبية، وإغلاق جميع القواعد العسكرية”.
واعتبر في تدوينة فايسبوكية أن هؤلاء “يقدمون كل المبررات الواهية وغير الشرعية وغير المنطقية واستخدام الأساليب الخبيثة ضد كل من يتبنى هذا المشروع الذي بدونه لن يتحقق بناء الدولة وسيادتها”.
وقبل ذلك انتقد الناشط والمحلل السياسي الليبي عبدالله ميلاد المقري هذه الحملة، وقال في تصريحات صحافية إن “الإسلام السياسي الذي يتبنى الدفاع عن التواجد الاستعماري المسلح الإرهابي في ليبيا هو كارثة حقيقية وفضيحة”.
العرب