واشنطن – تنذر فكرة اعتماد جواز سفر لقاحي بأزمة عالمية غير مسبوقة، حيث تخطط الحكومات لوضع قيود مشددة على حركة السفر تشترط على الراغبين في دخول أراضيها الحصول على لقاحات بعينها.
ويدرس كل من الاتحاد الأوروبي والصين فرض شروط على الوافدين تلزمهم بتلقي لقاح معترف به محليا، وهو ما كشف عن بوادر أزمة تمييز عنصري جديدة ستكون هذه المرة على حسب نوعية اللقاح.
وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأحد في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” أنّ “الاتحاد الأوروبي سيسمح في الأشهر المقبلة للسياح من الولايات المتحدة بالسفر إلى دوله، بشرط أن يكونوا قد تلقّوا لقاحات مضادة لكوفيد – 19 معتمدة من قبل وكالة الأدوية الأوروبية (…) هذا الأمر سيسمح بحرية الحركة والسفر إلى الاتحاد الأوروبي”.
وأضافت أنّ السبب في ذلك هو “أنّ هناك أمرا واحدا واضحا: الدول الأعضاء الـ27 ستقبل، دون قيد أو شرط، كلّ الذين تمّ تطعيمهم بلقاحات معتمدة من وكالة الأدوية الأوروبية”.
ولم تحدّد رئيسة المفوضية الأوروبية متى بالتحديد سيتمكّن السيّاح الأميركيون المحصّنون من زيارة الاتحاد الأوروبي، لكنّ الصحيفة أشارت إلى أنّ القواعد الجديدة التي سترعى هذا الأمر قد تُعتمد في وقت مبكر من هذا الصيف، بالتزامن مع تكثيف حملات التطعيم ضدّ كوفيد – 19 في جميع أنحاء العالم.
ووافقت وكالة الأدوية الأوروبية على اعتماد اللّقاحات الثلاثة المستخدمة في الولايات المتحدة فقط، وهي موديرنا وفايزر- بيونتك وجونسون آند جونسون.
وبناء على ذلك، يبحث الاتحاد الأوروبي في استحداث جواز سفر صحّي لاعتماده اعتبارا من هذا الصيف، بهدف تمكين السيّاح من التنقّل بين دوله بحريّة.
ويحذر مراقبون من أن هذه الخطوة ستؤول بالعالم إلى مرحلة من التمييز بين البشر على حسب نوعية اللقاح، كما أن عدم اعتراف الدول بكافة اللقاحات المكتشفة إلى الآن سيحول دون حرية التنقل. وعلى سبيل المثال، لا يمكن لمن يتحصل على لقاح سينوفاك الصيني في أي بلد من العالم السفر إلى الاتحاد الأوروبي، فيما لن يتمكن أي سائح من دخول الصين ما لم يحصل على اللقاح الصيني.
وفي الوقت الحالي، لا يستطيع الملايين من الأشخاص في جميع أنحاء العالم اختيار نوعية اللقاحات التي يحصلون عليها، ما يبقي مخاوف عدم القدرة على السفر قائمة.
ولا تعترف الصين حتى الآن إلا باللقاحات الصينية الصنع فقط، في المقابل لقاحاتها غير معتمدة في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، والعكس أيضا صحيح، بمعنى أن المسافرين الصينيين لن يتمكنوا من الذهاب إلى دول أوروبا والولايات المتحدة، بينما لن يتمكن مواطنو تلك الدول من السفر إلى الصين.
ومن شأن هذه الإجراءات التي لا تخلو من التمييز أن تؤثر في قطاع السياحة والأعمال الذي يقاوم منذ أكثر من عام للصمود في وجه تدابير الحد من تفشي الوباء، بعد أن أحال كورونا عمالا كثرا على البطالة القسرية ودفع شركات كثيرة نحو الإفلاس.
وتعتبر صناعة السياحة أحد أكثر القطاعات تأثرا بجائحة كورونا، إذ بلغ حجم الخسائر 1.3 مليار دولار خلال عام 2020 فقط، وفقا لمنظمة السياحة العالمية، في وقت تكافح فيه شركات الطيران والعاملون بمجال السياحة لتقليص الخسائر مع استئناف السفر الجوي.
وفي عام 2019، كان هناك 155 مليون صيني سافر إلى الخارج بهدف السياحة، حيث أنفقوا أكثر من 133 مليار دولار في الخارج، وذلك بحسب أكاديمية السياحة الصينية، وهي مؤسسة فكرية حكومية تابعة لوزارة الثقافة والسياحة.
ويرى مؤيدو الجواز اللقاحي، وهم كثر في قطاعي السياحة والترفيه، أنه وسيلة “للعودة إلى الحياة ما قبل” كوفيد – 19، إذ يسمح بالدخول بأمان إلى المسارح والمطاعم وملاعب كرة القدم.
العرب