الحريري يستبق زيارة لودريان إلى لبنان بتسريب الاعتذار عن تشكيل الحكومة

الحريري يستبق زيارة لودريان إلى لبنان بتسريب الاعتذار عن تشكيل الحكومة


بيروت – كشفت مصادر سياسية لبنانية أن تلويح رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بالاعتذار عن عدم تشكيل حكومة جديدة وارد إلى حد كبير.

وأوضحت أن قرار الحريري بالاعتذار مرتبط بالعراقيل التي يضعها رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل في وجه تشكيل حكومة “اختصاصيين” استنادا إلى المبادرة الفرنسية.

وذكرت المصادر السياسية اللبنانية أن الحريري لن يكتفي بالاعتذار عن عدم تشكيل حكومة، بل سيترافق اعتذاره مع خطوة أخرى سيقدم عليها تتمثل في الاستقالة من مجلس النواب مع أفراد كتلته النيابية مع ما يعنيه ذلك من تعطيل لمجلس النواب الحالي وفرض انتخابات نيابية جديدة أو تعطيل عمل مجلس النواب الذي ينتخب رئيس الجمهورية في الوقت ذاته.

وقالت المصادر إن الحريري تعمّد طرح فكرة التخلي عن التكليف بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، بهدف إعادة الأزمة الحكومية إلى نقطة الصفر، ووضع المبادرة الفرنسية أمام تعقيدات جديدة خاصة في ظل ما راج عن فتور في العلاقة بين باريس ورئيس الحكومة المكلف.

وقال وزير الخارجية الفرنسي أمس إنه سيتوجه إلى لبنان الخميس لتوجيه رسالة شديدة اللهجة إلى المسؤولين السياسيين، وأن بلاده ستتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة اللبنانية.

ولا تضم أجندة لودريان في بيروت لقاء له مع الحريري، في الوقت الذي سيلتقي فيه كلاّ من الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري، وهي القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة إلى رئيس الحكومة المكلف، حيث تظهر الخطوة وجود فجوة مع باريس، وأن الرجل لم يعد يحظى بثقتها الكاملة.

وكانت “العرب” قد أشارت في عدد سابق استنادا على مصادر خاصة إلى أن هذا الفتور يعود بالأساس إلى أن فرنسا باتت تنظر إلى جميع الفرقاء السياسيين في لبنان على أنهم مشتركون في تعطيل تشكيل الحكومة بمن في ذلك الحريري الذي كان يتحرك على أساس أنه المؤتمن على تنفيذ المبادرة الفرنسية، وأنه يحظى بدعم كامل من باريس في مهمّته.

وأشارت المصادر إلى أنّ أوساطا فرنسيّة بدأت تتحدّث عن فرض قيود، تتعلّق بدخول فرنسا، على أشخاص معينين وتشمل سعد الحريري نفسه أو محيطين به، وأنها ستعمل من أجل “الضغط على الجميع” في لبنان لتشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن، وذلك كي يستطيع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الظهور بمظهر من استطاع تنفيذ مبادرته.

وقال نائب رئيس تيار المستقبل مصطفى علوش إن موضوع اعتذار الحريري “قيد البحث”، لكن لن يعلن عن اعتذاره “اليوم أو غدا”.

وتابع أنه “إذا كان اعتذار رئيس الحكومة الحريري يسهّل إنتاج حكومة فهو ليس لديه مانع”.

وأوضح علوش أن الضغوطات على الرئيس الحريري كانت من قبل الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

وتساءل “بالنهاية إلى متى سينتظر؟ طالما كل الضغوطات على باسيل وعون على مدى ستة أشهر لم تؤد إلى نتيجة، فهذا هو السؤال إلى متى سيبقى منتظرا؟”.

وقال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إن “الجريمة هي في أن تُترَك البلاد للقدر الأسود الذي يرسمه لها البعض من دون أن نتدخل”، معبرا عن تخوفه من استعادة سيناريو عام 1989 على قاعدة إعادة إنتاج رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.

وأضاف أن خيار استقالة مجلس النواب لإعادة إنتاج السلطة ليس مطروحا، فالرئيس نبيه بري يدفع بكل ما أوتي من قوة وسلطة لتشكيل الحكومة لكنهم يرفضون.

وبعدما لوّحت على مدى أشهر بفرض عقوبات تحدثت فرنسا الأسبوع الماضي عن توجه لفرض قيود على دخول شخصيات لبنانية، تعتبرها مسؤولة عن المراوحة السياسية، الأراضي الفرنسية.

وأواخر مارس الماضي حذرت فرنسا كبار المسؤولين السياسيين في لبنان من أنها تعكف على بحث سبل لممارسة ضغوط وطنية وأوروبية على من يعرقلون التوصل إلى تسوية لحل الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد.

وكان لودريان أطلق الشهر الماضي سلسلة من التصريحات النارية قال فيها إن “فرنسا ستتخذ إجراءات بحق من يعرقلون حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية”.

واعتبر أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين، لافتا إلى أن القوى السياسية اللبنانية تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة، وبعضها يضع شروطا تعجيزية.

كما تدارس لودريان في محادثات له مع نظرائه الأوروبيين “تحديد ما في جعبة الاتحاد الأوروبي من أدوات لتعزيز الضغط على المسؤولين عن العرقلة”، وهو ما يهدد بتوسعة العقوبات لتشمل إجراءات أوروبية أوسع، في ظل تأكيدات على أن صبر الأوروبيين بدأ ينفد تجاه جميع الكتل والشخصيات اللبنانية، وليس فقط حزب الله المشمول بعقوبات دولية، وأن الاتحاد الأوروبي بصدد دراسة الأسماء وشكل هذه العقوبات التي قد تشمل حظر السفر إلى أوروبا.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون قد كلف سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة في أكتوبر الماضي، بعد حصوله على دعم أغلبية نواب البرلمان، إلا أن الطرفين لم ينجحا في الاتفاق على تشكيل حكومة تعمل على إنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي.

العرب