ريتشارد نورلاند أدى نصف المهمة.. واشنطن مازالت تحتاجه لتحجيم روسيا

ريتشارد نورلاند أدى نصف المهمة.. واشنطن مازالت تحتاجه لتحجيم روسيا

طرابلس (ليبيا) – سلط تعيين الولايات المتحدة سفيرَها في ليبيا ريتشارد نورلاند مبعوثا أميركيا للبلاد، بالإضافة إلى منصبه كسفير، الضوء على الرجل الذي يبدو أن عمله يحظى بإعجاب صانعي القرار في واشنطن حيث تمكن خلال أشهر من إبعاد شبح سيطرة روسيا على العاصمة طرابلس دون الحاجة إلى تدخل عسكري أميركي، ما يعني استمرار الرهان عليه لتحجيم النفوذ الروسي في البلاد.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها إن نورلاند سيقود الجهود الدبلوماسية لتعزيز الدعم الدولي من أجل إيجاد حلّ سياسي وشامل ومتفاوض عليه يقوده الليبيون وتيسّره الأمم المتحدة، من خلال دوره كمبعوث خاص للولايات المتحدة.

وأضافت الخارجية الأميركية في بيانها أن نورلاند “دبلوماسي عريق، وكان سفيرا ثلاث مرات، وهو يشغل منصب رئيس البعثة الأميركية الدبلوماسية في مكتب ليبيا الخارجي في تونس منذ أغسطس 2019”.

وأشار البيان إلى أن مهمة نورلاند الجديدة في ليبيا “مؤشّر على الأهمية الكبرى التي توليها الولايات المتحدة للتواصل الدبلوماسي المُركّز على مستوى عالٍ لدعم العملية السياسية الليبية التي ستبلغ ذروتها في الانتخابات التي ستُجرى في 24 ديسمبر 2021”.

وهنأت واشنطن نورلاند على دوره الجديد والموسّع في قيادة الجهود الأميركية في ليبيا وعلى الصعيد الدولي لدعم حلّ سياسي للصراع.

وفي أغسطس 2019، أي بعد أربعة أشهر من انطلاق الهجوم الذي شنه الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر على طرابلس، عينت الولايات المتحدة نورلاند سفيرا في ليبيا بعد سنوات من تراجع دورها في الملف.

لم يكن حينئذ الحديث عن انخراط روسيا في الصراع عن طريق مرتزقة فاغنر قد بدأ بعد، لكن الاطلاع على خلفيات نورلاند المهنية عمق التساؤلات عمّا إذا كانت واشنطن قد أرسلته من أجل التصدي للنفوذ الروسي أم لغاية أخرى؟

ويقول مراقبون إن واشنطن أرسلت سفيرا يجيد الروسية، عمل في الاتحاد السوفييتي وجورجيا وأوزبكستان وأفغانستان ولاتفيا من ملحق إلى سفير، وخاض الصراع (الأميركي – الروسي) في أوسيتيا وأبخازيا كما اشتغل في ما بعد بمكتب وزير الدفاع في البنتاغون حيث كان يعمل على القضايا العامة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، لذلك من الواضح أن العنوان الرئيسي للسياسة الأميركية في ليبيا هو منع روسيا من السيطرة على البلاد.

وبحسب مراقبين فإن السيرة الذاتية لنورلاند تجعل منه الشخصية المناسبة للمهمة التي تتطلب معرفة ودراية بطريقة تفكير الروس.

وسلط تعيين نورلاند آنذاك الضوء على مساعي الولايات المتحدة لتدارك غيابها في ليبيا حيث أفضى عدم إيلاء إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أهمية للأزمة الليبية إلى تسلل روسيا إلى هناك وتوطيد علاقتها بالسلطات شرق البلاد وخاصة بقائد الجيش خليفة حفتر.

وعقب أشهر من توليه المنصب انخرط نورلاند في حملة انتقادات ليبية وإقليمية لتدخّل روسيا في الصراع وبرر في أكثر من ظهور إعلامي استعانة حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج بالمرتزقة السوريين والقوات التركية، وهو ما دفع الكثيرين إلى اعتبار أن التدخل العسكري التركي جاء بناء على ضوء أخضر أميركي لمواجهة روسيا.

وبدل التفاوض بشكل مباشر مع الروس والاعتراف بهم كطرف في الأزمة اختار نورلاند، الذي كان يتحرك بثقة كبيرة وبدا كأنه سفير برتبة وزير خارجية، التعويل على تركيا الشريك في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والتي تربطها مصالح كبيرة بروسيا.

وتواترت الأنباء العام الماضي عن صفقة روسية – تركية أفضت إلى انسحاب القوات التركية من جنوب طرابلس وهو ما سهل مهمة قوات حكومة الوفاق والمرتزقة السوريين في طرد الجيش من محاور جنوب طرابلس.

وبادر نورلاند بتحركات خارجية لافتة شملت التشاور مع الشركاء الأوروبيين وغيرهم في مساعٍ لإيجاد مخرج للأزمة الليبية على قاعدة نبذ التدخلات الأجنبية وفي مقدمتها التدخل الروسي. كما نجح في إقناع مصر، أحد أبرز حلفاء الجيش الليبي، بإيقاف الحرب والتسوية السياسية.

وانسحب مقاتلو فاغنر إلى وسط وجنوب وشرق ليبيا حيث تشير بعض التقارير إلى تمركزهم في الحقول النفطية في المنطقة الوسطى والجنوب.

وتنفي روسيا صلتها بمرتزقة فاغنر، وهو ما يصعّب مهمة انسحابها لاسيما في ظل تعنت تركيا بدورها وعدم سحب قواتها رغم المطالب المتكررة لحكومة الوحدة الوطنية التي يشكل بقاء المرتزقة إحراجا مستمرا لها.

العرب