طهران – لا يكمن خطر المرشح لانتخابات الرئاسة الإيرانية المتشدد إبراهيم رئيسي في فوزه في انتخابات يونيو القادمة فحسب، وإنما أيضا في فرضية أن يكون المرشد الأعلى المحتمل لخلافة آية الله علي خامنئي (82 عاما).
وتُجمع مجموعة من القراءات السياسية على أن علاقة رئيسي الوثيقة بخامنئي وشعبيته النسبية التي حصدها من حملته التلفزيونية لمكافحة الفساد قد تجعلانه المرشح المفضل في انتخابات يعتقد محللون أن المتشددين يتمتعون بحظوظ فيها.
ومع أن القراءة السائدة للمشهد السياسي الإيراني تشير إلى وجود طيف واسع من المتشددين الراغبين في توسيع البرنامج النووي الإيراني، ومعتدلين يتمسكون بالوضع الراهن، وإصلاحيين يريدون تغيير النظام الديني من الداخل، إلا أن هذه القراءة تنهار حيال الواقع السياسي السائد في إيران، فكل هذه الأطياف هي عملة واحدة لنظام واحد ينصاع برمته لسياسة وأوامر المرشد الأعلى.
وينظر كثيرون إلى ترشح المتشدد رئيسي مقابل المعتدل علي لاريجاني على أنه مناورة سياسية مزدوجة يمتهنها النظام في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفي خطابه السياسي الموجه إلى الغرب.
ويشبّه أغلب المراقبين تلك المناورة بقناع يرتديه النظام بحسب متطلبات المرحلة.
وتكررت هذه المناورة عندما فاز محمد خاتمي الإصلاحي بالرئاسة وبعده المتشدد محمود أحمدي نجاد ثم حسن روحاني الإصلاحي، إلا أنهم جميعا، وإن اختلفوا بالمسميات، يخدمون نظاما بوجه واحد غلبت عليه السياسة الراديكالية؛ فقد وصل الحرس الثوري إلى قمة نفوذه محليا وإقليميا في زمن الإصلاحي روحاني.
أحمد أمير آبادي فرحاني: لا يوجد أفضل من إبراهيم رئيسي للرئاسة لإعادة إيران إلى مسارها
ويروّج المرشد الإيراني ومن خلفه الحرس الثوري لانتخاب إبراهيم رئيسي، أو التهديد به على الأقل، بوصفه يمثل المصلحة الإيرانية المتشددة تجاه الغرب في مفاوضات إعادة البرنامج النووي.
ويمهد فوز حجة الإسلام إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية لخلافة خامنئي في منصب المرشد الأعلى ليكون ثالث مرشد في إيران بعد الخميني وخامنئي.
ويحظى رئيسي الذي يشغل منذ 2019 منصب رئيس السلطة القضائية بقاعدة شعبية وازنة، ونال في انتخابات 2017 نحو 38 في المئة من الأصوات، لكن ذلك لم يحل دون فوز روحاني بولاية ثانية.
ويقول مراقبون إن علاقة رئيسي الوثيقة بنخبة الحرس الثوري تعني أنه في وضع قوي.
وقال الصحافي الإيراني مسعود باستاني “في نهاية المطاف، المواجهة الأساسية ستكون بين رئيسي ولاريجاني”.
ورغم تكهنات صحافية لأسابيع بشأن احتمال ترشحهما أبقى لاريجاني (63 عاما) ورئيسي (60 عاما) الحسم حتى اليوم الأخير. وكما في السابق، يُتوقع أن يصادق مجلس صيانة الدستور على اسمي هذين المرشحين اللذين يعتبران مقربين من خامنئي.
ويُعرف رئيسي بآرائه المحافظة والمتشددة. وسبق لمنظمات حقوقية ومعارضين خارج البلاد أن اتهموه بأداء دور، ضمن مهامه كمدعٍ عام مساعد للمحكمة الثورية في طهران، في إعدام مئات السجناء دون محاكمة في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
ويرى رئيسي أن المحادثات مع القوى العالمية لرفع العقوبات الأميركية عن إيران لا طائل من ورائها، ويقول “بعض السياسيين يعقدون الآمال على جلسات لمعرفة ما يمكن أن يحصلوا عليه من الغربيين، إلا أنني أنصحهم بعقد جلسات منزلية أفضل لهم لحل المشاكل”.
ويعبّر هذا الرأي عن وجهة نظر المتشددين الذين يعتقدون في أن رئيسي يتمتع بجاذبية واسعة.
وأمضى رئيسي معظم حياته المهنية في القضاء وكان أمينا على ضريح الإمام موسى الرضا أحد أئمة الشيعة في مدينة مشهد.
وقال أحمد أمير آبادي فرحاني، عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني، “لا يمكن لأي شخص غير رئيسي تشكيل مثل هذه الحكومة”.
وأضاف “لقد وضع القضاء على المسار الصحيح الذي يمكن أن يتبعه خليفته. إدارة الحكومة بالنسبة إليه أهم بكثير الآن”.
العرب