أكدت مجلة “لوبوان” الفرنسية في تحقيق لمبعوثها الخاص لغزة، أرمين عريفي، أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خرجت أقوى من مواجهتها الأخيرة مع إسرائيل، بالرغم من الحملة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، وقوة الضربات التي وجهها جيش الاحتلال لمواقعها.
وأشار الكاتب إلى أن حماس أطلقت رسميا هجماتها الصاروخية على إسرائيل في العاشر من مايو/أيار الجاري بعد انتهاء مهلة دعت من خلالها قوات الأمن الإسرائيلية إلى الانسحاب من باحات المسجد الأقصى التي شهدت اشتباكات عنيفة مع شبان فلسطينيين. وزعم الكاتب أن الحركة استغلت في الواقع أزمة كانت تختمر في القدس المحتلة منذ مطلع شهر رمضان؛ لتجعل من الدفاع عن القدس ولأول مرة واحدا من أبرز شعاراتها.
ونقل عن غسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت والوزير الفلسطيني السابق، قوله إن “هذه الحرب زادت شعبية حماس على حساب السلطة الفلسطينية. لقد تأثر دعم الحركة بنتائجها السياسية في غزة، لكن تأييدها مرده أساسا لقدرتها على مقاومة إسرائيل، ولهذا اختارت الدخول في مواجهة عسكرية جديدة ضدها”.
وأكد الصحافي أنه حتى في الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية يتم الإشادة إلى حماس بكل فخر بوصفها رمزا للمقاومة ضد إسرائيل، ويقول محمد، وهو طالب من شباب مدينة الخليل، إنها “وضعت حدا للاعتداءات الإسرائيلية على حي الشيخ جراح وللانتهاكات لحرمة المسجد الأقصى. لو جرت انتخابات غدا فسوف تفوز المقاومة على محمود عباس رئيس السلطة الذي لم يفعل لنا شيئا”.
وفي مقابل تصوير حركة حماس بمظهر “البطل”، لا يدخر فلسطينيو الضفة وما بعدها أي جهد لتوجيه أقسى الانتقادات للسلطة الفلسطينية ورموزها، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس الذي غاب كلية عن المشهد خلال التصعيد الأخير، واكتفى وزير خارجيته رياض المالكي بتصريحات جوفاء أمام مجلس الأمن الدولي.
ويرى غسان الخطيب أن “هذه الحرب همشت كلا من محمود عباس والسلطة الفلسطينية، لأنهما لم يكونا جزءا منها. كان أحرى بالرئيس عباس أن يستخدم شبكة علاقاته للإسهام في النضال على الساحة الدبلوماسية، لكن تأثيره كان محدودا جدا، وذكّر شعبه مجددا بدوره الهامشي”.
ويقول الكاتب إن عباس، الساعد الأيمن للزعيم الراحل ياسر عرفات ومهندس اتفاقيات أوسلو، كما وصفه والذي اتبع إستراتيجية نبذ العنف ضد إسرائيل وتبنى المسار الدبلوماسي من أجل الوصول إلى دولة فلسطينية، وجد نفسه عاجزا تماما أمام المساعي الاستيطانية المتسارعة لدولة إسرائيل، كما تميز بميوله السلطوية على رأس السلطة الفلسطينية.
وانتقد مسؤولون فلسطينيون سابقون كبار هذا “العجز”، وعلى رأسهم حنان عشراوي العضو السابق في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي فضلت الاستقالة مطلع هذا العام، حيث قالت إن “الأحداث الأخيرة تجاوزت السلطة الفلسطينية وأظهرتها بمظهر العاجز عن التأثير على مجرى الأحداث. لقد كانت مشغولة للغاية بمحاولة إقناع الخارج بأنها جديرة بالثقة، في حين كانت معاناة الشعب الفلسطيني تزداد يوما بعد يوم بسبب ممارسات إسرائيل”.
وتعلق حنان عشراوي على ذلك قائلة إن “القرارات داخل أجهزة السلطة كانت تتخذها مجموعة صغيرة من الناس ولا يستمعون إلينا، ووجدنا أنفسنا في مواجهة نظام سياسي متحجر، لا يترك مجالا أو فرصة لجيل الشباب”.
القدس العربي