السلطات العمانية تتحرك سريعا لاحتواء احتجاجات مطلبية نادرة

السلطات العمانية تتحرك سريعا لاحتواء احتجاجات مطلبية نادرة

مسقط – تحركت السلطات العمانية بسرعة لاحتواء احتجاجات متفرقة ونادرة لعمانيين خرجوا يطالبون بوظائف وإيقاف تسريح العمال ويشتكون من ظروف اقتصادية تزداد صعوبة.

وقال شهود عيان إن حضورا مكثفا للشرطة صاحب تجمعات لعشرات العمانيين في مدينة صحار الواقعة على بعد 200 كيلومتر شمال غرب العاصمة مسقط.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي العمانيين وهم يتجمعون في صحار ويتبعهم صف طويل من سيارات شرطة مكافحة الشغب، بينما أظهرت صور أخرى على ما يبدو شبابا يفرون من عبوات الغاز المسيل للدموع وآخرين يتم القبض عليهم من قبل شرطة مكافحة الشغب.

وأظهرت مقاطع فيديو أخرى متظاهرين في صلالة، وهي مدينة تبعد حوالي 850 كيلومترا جنوب غرب مسقط.

وقال نشطاء على الإنترنت إن احتجاجات متفرقة مماثلة في صحار الأحد أدت أيضا إلى تواجد جماعي للشرطة. وقد أقرت وزارة العمل العمانية بهذه التظاهرة في تغريدة قالت فيها إنها على علم بتجمع الناس هناك لمحاولة “العثور على وظائف شاغرة جديدة وحل مشاكل من تم فصلهم من العمل”.

وكُتب على إحدى اللافتات “جلالة السلطان هيثم، المواطنون المسرَّحون والباحثون من لهم بعد الله سواك”.

ولم يتضح على الفور ما إذا كان هناك تسريح كبير للعمال في صحار التي تضم ميناء رئيسيًّا ومصانع إنتاج الألمنيوم والفولاذ. وفي عام 2011 خلال الربيع العربي احتج متظاهرون في صحار مطالبين بأجور أعلى ووظائف للعاطلين عن العمل وإقالة وزراء الحكومة.

وتجاوب السلطان الراحل قابوس بن سعيد آنذاك مع الكثير من مطالب المحتجين، وأحدث تغييرا واسعا في هيكل الحكومة استبعد فيه الكثير من المتنفذين وممن اتهمهم المتظاهرون بالإثراء على حساب الشعب.

وقال التلفزيون العماني الاثنين إن العاطلين عن العمل كانوا يأتون إلى مكاتب وزارة العمل “للإسراع بمعالجة أوضاعهم”، كما أظهر صورة من أحد الاحتجاجات السلمية.

ونشر موقع “أثير” واسع الانتشار في عمان تغطية للاحتجاجات وصورة منها، وأشار إلى أن مطالب المحتجين مشروعة كما انتقد أداء الإعلام العماني الرسمي ودوره في غموض الموقف من قضية تلقفتها الشبكات الاجتماعية.

وتعرض وزير الإعلام العماني عبدالله بن ناصر الحراصي لحملة انتقادات شديدة ومطالبات على الشبكات الاجتماعية بإقالته بعد أن امتنع الإعلام العماني الرسمي لأكثر من يوم عن رصد أحداث تعد في غاية الأهمية في السلطنة.

واستبعد المحلل السياسي العماني أحمد الشيزاوي أن تكون الاحتجاجات المستمرة منذ يومين في محافظة صحار متعلقة بقضايا سياسية.

وقال الشيزاوي، وهو من أهالي صحار، في تصريح لـ”العرب” إن “وجود قوات مكافحة الشغب بأعداد كبيرة استفز المحتجين الباحثين عن فرص عمل، الأمر الذي زاد من أعدادهم يوم الاثنين مع أنهم كانوا يرددون: سلمية سلمية”.

واستنكر غياب لغة الحوار وعدم ظهور قيادات رسمية حكومية تواجه وتحاور وتشرح ملابسات ما حدث، مع انكماش دور المجتمع المدني وعدم إشراكه في احتواء الأزمة، كما أن الإعلام الرسمي لم يوفق في تعامله مع الحدث مما فاقم الأزمة بين المجتمع ووزارة الإعلام والتي طالت وزير الإعلام إذ ارتفعت أصوات تطالب بإقالته.

ولا يزال النفط والغاز مصدرين رئيسيين للدخل في عمان فيما تضرر قطاع السياحة بشدة من جائحة كورونا وعمليات الإغلاق المتكررة في السلطنة.

وتعد هذه الاحتجاجات الأولى من نوعها في عهد السلطان هيثم بن طارق الذي تولى السلطة في يناير 2020 بعد وفاة السلطان قابوس. وأشارت وسائل إعلام رسمية الاثنين إلى أن التوظيف من “أهم أولويات” السلطان هيثم.

وتواجه عمان التزامات بتسديد المليارات من مدفوعات القروض التي تلوح في الأفق، وتحتاج إلى المزيد من الأموال لأن سكانها الشباب يريدون وظائف وحكومتها لا تستطيع مجاراة طريقة الإنفاق السائدة في الخليج حيث يتم التكفل بتكاليف معيشة المواطن.

وكان وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق يوسف بن علوي بن عبدالله قال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي الشهر الماضي إن المنطقة قريبة من ربيع عربي آخر.

وتشهد عمان استقرارا سياسيا ملحوظا على الرغم من التوترات الإقليمية الكبيرة المحيطة بها، أهمها الحرب في اليمن والأزمة العالمية الإقليمية مع النظام الإيراني، وعملت على مدى عقود كوسيط بين المتنازعين.

وعمل السلطان هيثم منذ توليه العرش على إحداث تحولات عميقة في بنية الدولة والقطاع الخاص بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، ومحاربة المحسوبية والفساد في أجهزة الدولة.

واتخذ السلطان قرارات عديدة للتقليل من ترهل الدولة وإثقالها بالمزيد من الموظفين والعمل على الحد من بيروقراطيتها، وأمر الحكومة بأن تضع خططها الخاصة للتطوير، لكن أزمة وباء كورونا غيرت توجهات الحكومة.

وعلى الرغم من الإنجازات الكبيرة التي تحققت في فترة حكم السلطان قابوس، إلا أن الدولة عانت من جمود في العقد الأخير بسبب مرض السلطان، كما أنها أنفقت الكثير من الموارد على مشاريع اعتبرتها إستراتيجية، لكنها تحتاج إلى عقود من الزمن لكي تصبح مجدية اقتصاديا.

العرب