قال مصدر مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن قيادة القوات المسلحة جادة في تحذيرها الميليشيات من تكرار مظاهر تحدي الدولة.
وأضاف المصدر لـ”العرب” إن “تصريحات وزير الدفاع جمعة عناد تتطابق مع وجهة نظر رئيس الوزراء العراقي” فيما أكدت مصادر سياسية أخرى أن التصريحات التي أطلقها عناد ضد الميليشيات الإيرانية، التي اقتحمت المنطقة الخضراء مساء الأربعاء واستعرضت قوتها في طرقات المنطقة مستعملةً السلاح، جاءت بعد تشجيع مصطفى الكاظمي قادته العسكريين على انتقاد ظاهرة السلاح المنفلت انتقادا شديد اللهجة.
وكان وزير الدفاع العراقي أعلن السبت أن الجيش سيتصدى ميدانيا لأي استعراض مسلح تنفذه الميليشيات.
وأجمعت مصادر عسكرية وبرلمانية عراقية على أن الحكومة العراقية تتدارس حاليا سيناريوهات الرد على المظاهر المسلحة في حال تكرار حدوثها داخل بغداد.ويحاول الكاظمي استثمار الزخم الإيجابي الداعم لبسط سلطة الدولة ولجم سلاح الميليشيات الإيرانية المنفلتة، على خلفية اعتقال القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح لتورطه في جرائم إرهابية وجنائية.
وفشلت، حتى الآن، ضغوط حلفاء إيران على الكاظمي لإطلاق سراح مصلح المتهم بقيادة جماعات اغتيال بحق نشطاء يعارضون هيمنة إيران على قرار الدولة العراقية.
وبدت السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية متحدة في العراق بعد اعتقال مصلح، حيث عبرت جميعا عن مواقف واضحة تؤكد ضرورة بسط سلطة الدولة والقانون ولجم السلاح المنفلت.
واعتبر برلماني عراقي أن الكاظمي نجح في هذه الجولة من الصراع مع الميليشيات في إنهاء مسألتين؛ الأولى تتعلق بعجز حكومته عن التصدي لمظاهر السلاح المنفلت والثانية تخص قدرة الحشد الشعبي على التحكم في معادلات النظام السياسي وهي قدرة لم يكن لها وجود إلا على مستوى الشائعات.
وقال البرلماني الذي فضل عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ”العرب” “استفاد الكاظمي من حماقة ليلة الرعب التي افتعلتها الميليشيات الولائية في إثبات أن تلك الميليشيات لا يمكن أن تكون قوة إسناد للدولة ولا تدعم مشروع قيام دولة وطنية، بل هي على العكس من ذلك تماما تعمل على تدمير الأسس التي تقوم عليها الدولة من أجل إدامة الفوضى”.
ويلفت مراقبون إلى أن قيادة الحشد الشعبي لم تنزلق إلى موقع التحدي وهو ما سيشجع حكومة الكاظمي على المضي في إجراءات التحقيق مع مصلح وفسح المجال أمام القضاء للقيام بواجبه على أكمل وجه.
ومما يُحسب للكاظمي أن حكومته ظهرت موحدة في مواجهة استعراضات القوة التي قامت بها الميليشيات، وهو تحول لم تشهده الحكومات السابقة التي كان وزراؤها موزعين بين المحاور الحزبية.
وعبر المحلل السياسي العراقي صالح الحمداني عن اعتقاده أن تصريح وزير الدفاع العراقي يعطي مؤشرا واضحا على أن هناك تحركا حكوميا مدعوما من الغرب بهدف إعادة هيكلة الحشد الشعبي أو إعادة “ضبطه وتشذيبه” بحسب تعبير القيادي في الحشد شبل الزيدي.
وقال الحمداني، في تصريح لـ”العرب”، “دور الحشد في قتال داعش كبير، لكن أن تتم المبالغة فيه عبر وسائل إعلام الفصائل المسلحة بشكل مستمر يغيظ ضباط القوات المسلحة ويبخسهم حقهم. لذلك ما قاله الوزير علنا يقال سرا بشكل يومي من قبل الضباط والجنود في الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب”.
وتوقع أن تطوى صفحة الحشد الشعبي وسيدمج أو يشذب ويخضع للأوامر مرة بسبب طرحه كورقة في مفاوضات الغرب مع إيران أو مفاوضات إيران مع السعودية، ومرة بفعل ضغط حكومة الكاظمي على إيران من أجل إخضاع الفصائل المسلحة لقانون الحشد الشعبي.
وكان وزير الدفاع العراقي قد اعتبر أن ما حصل من تداعيات على خلفية اعتقال مصلح خرق أمني كبير وتعدّ على الدولة من جهات للأسف محسوبة على القوات المسلحة.
وقال “الأسلحة التي يمتلكها الحشد الشعبي لا تشكل أي تهديد لقوات الجيش”، مؤكدا أن “الجيش قادر على قتال دولة تعتدي على العراق وليس قوات تمتلك أسلحة بسيطة”.
وأضاف “من يحاول استخدام لي الأذرع والتلويح بالقوة يجب أن يعرف حجمه”، مؤكدا على أن رئيس الوزراء أبلغه بأنه لا يريد إراقة الدماء.
وعقب اعتقال مصلح حاصرت قوات من الحشد، لبعض الوقت الأربعاء، منزل رئيس الوزراء الكاظمي ومواقع أخرى في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.
وبشأن قوة الحشد الشعبي في المعارك ضد تنظيم داعش قال الوزير العراقي “من يعتقد أن قوات الجيش من دون الحشد الشعبي كانت غير قادرة على محاربة داعش وطرده فهو خاطئ”.
واستدرك “نعم الحشد الشعبي سرّع عمليات التحرير، ولو كان الجيش وحده لحقق النصر على داعش لكن خلال خمس أو ست سنوات”.
والحشد الشعبي تجميع لميليشيات أغلبها تدين بالولاء لإيران وتدار من قبل أحزاب شيعية، على الرغم من أنه مؤسسة تتبع القوات المسلحة العراقية وترتبط مباشرة برئيس الوزراء.
وزاد نفوذ الحشد على نطاق واسع وبات أقوى من مؤسسات الدولة الأخرى ولا يخضع لأوامر الحكومة بل لقادته المقربين من إيران.
صحيفة العرب