باريس – قرّرت فرنسا تعليق مساعداتها المالية وتعاونها العسكري مع جمهورية أفريقيا الوسطى، التي تواجه حكومتها اتهامات بـ”التواطؤ” في حملة معلومات مضلّلة مدعومة من روسيا لمناهضة باريس، على ما أفاد به مصدر في وزارة الدفاع الاثنين.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته “في مناسبات عدّة قطعت سلطات أفريقيا الوسطى تعهّدات لم تحترمها، في المجال السياسي تجاه المعارضة بقدر سلوكها تجاه فرنسا، التي باتت هدفا لحملة تضليل ضخمة”.
وأضاف “في وقت نعتبر فيه الروس مسؤولين (عن ذلك) فإن المسؤولين في أفريقيا الوسطى هم في أفضل حال متواطئون في هذه الحملة”.
وعاد خمسة عسكريين فرنسيين يقدّمون استشارات عسكرية لوزارة الدفاع في أفريقيا الوسطى إلى فرنسا في أبريل، فيما تم تعليق التمرينات العسكرية، على ما أوضح المصدر الذي أكّد تفاصيل كشفها لأول مرة تقرير لموقع ميديابارت ومقرّه باريس.
وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنّ المساعدات المالية الفرنسية البالغة عشرة ملايين يورو “علّقت إلى أجل غير مسمّى”.
ويبرز قرار باريس تعليق المساعدات حجم التنافس بين فرنسا وروسيا في أفريقيا الوسطى، المستعمرة الفرنسية السابقة الفقيرة للغاية، بالإضافة إلى مخاوف باريس حيال حملات التأثير الإلكترونية التي تستهدف تواجدها في أفريقيا.
وتحاول كل من فرنسا وروسيا التأكيد على نفوذهما في أفريقيا، وتتمتع باريس بعلاقات مع العديد من البلدان الأفريقية الناطقة بالفرنسية وبينها مستعمراتها السابقة، بينما تتنافس موسكو على مكانة في سوق مربحة.
وكانت روسيا التي تدعم الحكومة منذ 2018، قد استضافت في سوتشي قمة روسيا – أفريقيا في أكتوبر 2019، التي شهدت توقيع أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة بلغت 800 مليار روبل (نحو 12.5 مليار دولار).
وتحاول موسكو أن تفرض نفسها وسيطا بين الجماعات المسلحة والحكومة المعترف بها في بانغي، حيث تولى الاتحاد الأفريقي منذ يوليو 2017 المفاوضات بين هذه الأطراف بشكل رسمي.
ويقول مراقبون إن موسكو لم تعد تراهن فقط على القوة الناعمة من خلال تعزيز الاستثمارات مع القارة السمراء، بل باتت أيضا توظف الصراعات التي تشهدها أعداد من دولها لتعزيز حضورها العسكري.
وفي ديسمبر الماضي أزال موقع فيسبوك شبكتين من الحسابات المزيفة مقرّهما روسيا وواحدة مرتبطة بالجيش الفرنسي، قال إنها تستخدم في حملات التدخّل في أفريقيا، بما في ذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى.
وقالت شركة التواصل الاجتماعي “أزلنا الحملات الخادعة من كل القارة تقريبا، وشاركنا المعلومات حول النتائج التي توصلنا إليها مع أجهزة إنفاذ القانون وصانعي السياسات وشركاء الصناعة”.
وأضافت “الحملات الخادعة مثل هذه تثير تحديا معقدا من خلال طمس الخط الفاصل بين النقاش العام الصحي والتلاعب”، وقد تم الكشف عن ثلاث من الشبكات استخدمتها الجماعات الفرنسية والروسية المتنافسة، لنشر الروايات المتنافسة في جمهورية أفريقيا الوسطى قبل الانتخابات البرلمانية في البلاد.
ويأتي القرار الفرنسي بتعليق المساعدات العسكرية في أعقاب قرار مماثل بحق مالي، نصّ على تعليق العمليات العسكرية الفرنسية مع الجيش المالي، بعد ثاني انقلاب عسكري في هذا البلد في غضون تسعة أشهر.
وتدخّلت القوات الفرنسية في أفريقيا الوسطى بين عامي 2013 و2016، في محاولة لإعادة الهدوء بعد الإطاحة بالرئيس السابق فرانسوا بوزيزيه في 2013.
العرب