القدس – أوصلت التصريحات الإسرائيلية الخاصة بالدعم القطري المالي لحماس المفارقة السياسية والدعائية من قبل جميع الأطراف إلى ذروتها، ولامت إسرائيل الدوحة على دعمها المالي الذي تولت إسرائيل نفسها إيصاله.
وقال رئيس الموساد السابق يوسي كوهين إن “إسرائيل أخطأت باعتمادها على أن المنحة المالية القطرية ستؤدي إلى تهدئة في قطاع غزة”، وهو الأمر الذي يتناغم مع صورة قطر التي تدعم المقاومة والتي تحرص الدوحة على تقديمها عن نفسها.
وأضاف كوهين أنه “حتى منتصف عملية حارس الأسوار العسكرية كنا نأمل أن يقودنا ضلوع القطريين والمال القطري إلى تهدئة مع حماس، لكن هذا الأمر خرج قليلا عن السيطرة”.
ويقول مراقبون إن نقد كوهين لفشل الدوحة في احتواء حماس وجرها إلى مربع التهدئة مع إسرائيل يخدم الصورة التي تريد قطر أن تروجها عن نفسها كداعم رئيسي لحماس وصاحب فضل في صمود “المقاومة” خلال أحد عشر يوما و”النصر” الذي حققته في نهاية المطاف من خلال وقف الحرب.
وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد أصدر تعليمات تقضي بتخصيص منحة مالية قدرها 360 مليون دولار لدعم غزة، يتم صرفها على مدار عام 2021. تُضاف إلى ذلك هبات وتبرعات مختلفة تدخل إلى غزة تحت عنوان إعادة الإعمار أو مِنَح لخلاص رواتب موظفي حماس أو مساعدات لشراء أدوية ومؤن.
وقالت الوكالة الرسمية القطرية في فبراير الماضي إن المنحة تأتي في “إطار مواصلة دعم قطر للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة”، وأنه “سيتم توزيعها لتشمل رواتب موظفين، وتقديم مساعدات مالية للأسر الفقيرة، وتشغيل محطات الكهرباء”.
ويشير المراقبون إلى أن قطر كانت تلعب على واجهتين؛ الأولى إقناع إسرائيل بقدرتها على جلب حماس إلى طاولة التفاوض والتحكم فيها من خلال الدعم المالي وكذلك استقبال قيادات بارزة من الحركة في الدوحة، ومن بينهم رئيس المكتب السياسي الحالي للحركة إسماعيل هنية وكذلك الرئيس السابق خالد مشعل.
أما الواجهة الثانية فتتمثل في الترويج لكونها داعما رئيسيا للمقاومة وكسب تعاطف الشارع العربي الداعم لحماس، ما يقوي موقفها كوسيط مؤثر في نظر الإسرائيليين والأميركيين. وضمن هذا الدور المزدوج تتحرك قناة الجزيرة سواء من خلال تغطية الأحداث في غزة، مع إظهار انحيازها الواضح إلى حماس، أو من خلال تسريبات خاصة تحصل عليها مثل التسريب الأخير المنسوب إلى جندي إسرائيلي محتجز لدى حماس.
ولئن بدا أن الهدف من التسريب هو التمهيد لصفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، إلا أن نتائجه كانت أقوى في خدمة حماس وإظهارها في صورة الجهة القوية القادرة على فرض شروطها على إسرائيل وتحصيل مكاسب لا تقدر السلطة الفلسطينية عليها بالرغم من كل التنازلات التي قدمتها خلال تاريخها.
ويعبر مراقبون عن اعتقادهم بأن حسابات إسرائيل في استثمار الدور القطري لاحتواء حماس عبر الإغراءات لم تحقق أي نتائج، وربما ساهم المال القطري في تقوية حماس بشكل لم يسبق له مثيل، حيث أعانها على تخفيف الغضب الشعبي في القطاع، وقد يكون ساعدها على إنتاج أعداد من الصواريخ التي أطلقت طيلة أحد عشر يوما على مدن وبلدات ومواقع إسرائيلية.
كما نجح المال القطري في تقوية حماس على حساب الحركات الفلسطينية الأخرى، وخاصة حركة فتح والقيادة الفلسطينية، وأوحى لإسرائيل والولايات المتحدة بأنهما يمكن أن تتخليا عن الرئيس محمود عباس وتهمشا دوره مقابل التركيز على فرضية احتواء حماس وتهيئة الظروف التي تساعدها على خلافة فتح.
العرب