يتوقّع اليوم الخميس أن يصادق البرلمان الأوروبي على مسودة قرار حول دخول عدد كبير من المغاربة إلى مدينة سبتة، يعتبر المدينة المحتلة «مدينة أوروبية يتولى الاتحاد حمايتها وأمنها» وهي حادثة جديدة تستخدم فيها إحدى دول الاتحاد الأوروبي مظلة هذه المنظومة السياسية والاقتصادية لليّ ذراع دولة مجاورة في قضية متنازع عليها.
ساهمت في التعبئة ضد المغرب عدة أحزاب إسبانية وركّزت فيها على قضايا الهجرة، وهي مسألة تشغل بلدان الاتحاد الأوروبي، واعتبرت دخول قاصرين مغاربة إلى سبتة استخداما لهم في الضغط السياسي ضد دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، غير أن عامل الخطورة في القرار هي في اعتبار مدينة مغربية محتلة «حدودا خارجية للاتحاد الأوروبي» مما يحمّل الاتحاد مسؤولية هذا الاحتلال، من جهة، ويقوم بتشريعه بقرار أوروبي، من جهة ثانية.
يتطرّق القرار أيضا إلى السبب الذي أشعل الأزمة بين الرباط ومدريد، ويتعلق باستضافة إسبانيا لإبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو مؤخرا، وهي منظمة مدعومة من الجزائر وتطالب باستقلال الصحراء الغربية، وكانت وزيرة الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسبانية، أرانشا غونزاليس لايا، قد أكدت أمس الأربعاء، أمام البرلمان أن «موقف إسبانيا من نزاع الصحراء لم يتغير مع هذه الحكومة الائتلافية ولن يتغير في المستقبل».
تقوم اليونان، من الجهة الأخرى للاتحاد الأوروبي، بتطبيق هذا التكتيك أيضا ضد تركيا، سواء عبر تحشيد الاتحاد الأوروبي لدعم مواقفها من قضايا النزاع على الحدود مع أنقرة، أو عبر محاولتها تشريع مجالها البحري المتنازع عليه، سواء خلال التحالف مع إسرائيل والإمارات وبعض الدول العربية، أو عبر المشروع الأوروبي البحري لمراقبة الساحل الليبي، وهو المشروع الذي اتهم بمحاباة الجنرال خليفة حفتر وحلفائه الإقليميين.
استقواء مدريد بالاتحاد الأوروبي، وتوريطه كمنظومة في نزاعات سياسية وعسكرية مع دول الجوار تكتيك يفيد الدولة الأوروبية المعنيّة على المدى القصير، لكنّه، على المدى الاستراتيجي، يساهم في جو الاستقطابات السياسية الكبيرة في العالم، ويؤطر الاتحاد الأوروبي مجددا في صورة القارّة الاستعماريّة ذات الماضي الدمويّ البائس، التي استباحت العالم وقامت بخلق أزمات كبرى مزمنة خلّفت ملايين الضحايا.
يجري هذا في الوقت الذي تعترف فيه فرنسا بدورها الدموي في رواندا، كما تعترف فيه ألمانيا بدورها في الإبادة الجماعية في ناميبيا، ويعتذر وزير خارجيتها، أمس، من ضحايا النازية في الاتحاد السوفييتي السابق، وهي اعترافات تبدو متناقضة كثيرا مع الأدوار التي تجرّ دول مثل إسبانيا واليونان الاتحاد الأوروبي إليها.
القدس العربي