الباحثة شذى خليل*
بمبادرة من وزير الخارجية الأمريكية الأسبق، هنري كيسنجر، تأسست وكالة الطاقة الدولية في عام 1974، وهي منظمة دولية مستقلة تسعى لتأمين إمدادات مصادر الطاقة بأسعار تكون في المتناول لفائدة الدول الأعضاء، وتركز عملها على أربعة مجالات رئيسة هي: أمن الطاقة، والتنمية الاقتصادية، والتوعية البيئية، والعلاقات مع الدول غير الأعضاء (خاصة المنتجين والمستهلكين الكبار للطاقة)
ومن أهدافها 1- صون نظم التعامل مع الاضطرابات التي تعرفها الإمدادات النفطية وتجويدها.
2- تعزيز سياسات الطاقة الرشيدة في سياق عالمي، من خلال العلاقات التعاونية مع الدول غير الأعضاء، والمؤسسات الصناعية والمنظمات الدولية.
3- تفعيل نظام معلوماتي دائم حول سوق النفط الدولية، وتحسين إمدادات الطاقة في العالم وبِنْيَة الطلب، عبر تطوير مصادر بديلة للطاقة وزيادة كفاءة استخدام الطاقة.
4- تعزيز التعاون الدولي في مجال تكنولوجيا الطاقة، والمساعدة في تحقيق التكامل بين السياسات البيئية والطاقة.
وتقوم وكالة الطاقة الدولية بإصدار مجموعة من التقارير والنشرات الدورية والسنوية، ومن توقعاتها في آخر تقرير لها أن يتجاوز الطلب على النفط في العام 2022 مستويات ما قبل وباء كوفيد-19، لتحقيق توازن بين العرض والطلب، إذ تخيم على التوقعات عوامل منها وتيرة توزيع اللقاحات والاستجابة لها، ويضيف بعض المختصون توقعات واستثمار إمدادات الطاقة “يصارع المنتجون ضبابية هائلة بشأن ماذا يتعين فعله فيما بعد.
“ليس هذا فقط من حيث التعافي الاقتصادي، لكن مؤشرات ربما لم نكن نعتاد النظر إليها بالضرورة مثل مستويات الثقة في الدول المختلفة بشأن اللقاحات”.
اتفقت أوبك ودول متحالفة معها مثل روسيا على خفض إنتاج الخام في مسعى للتقريب بين الإمدادات التي تشهد وفرة والطلب الذي تراجع في ظل تزايد حالات الإصابة بالفيروس في حين برامج التطعيم جارية.
وأضافت الوكالة ستكون هناك زيادة واضحة على النفط وأن منتجي النفط في “أوبك+” سيحتاجون إلى زيادة إنتاجهم بهدف تلبية الطلب الذي يتجه للتعافي إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول نهاية 2022.
أي يجب على الدولة ان تضاعف انتاجها من اجل تلبية الأسواق العالمية تتلقى إمدادات كافية”، مضيفة أن الطلب الآخذ في الارتفاع والسياسات قصيرة الأمد للدول تقع على النقيض من دعوة الوكالة لإنهاء التمويل الجديد للنفط والغاز والفحم في تقرير صارم بشأن المناخ.
في إشارة الى ان ثمة مجال لأعضاء مجموعة أوبك+ البالغ عددهم 24، بقيادة السعودية وروسيا، لزيادة إمدادات الخام 1.4 مليون برميل يوميا فوق هدفهم للفترة بين يوليو 2021 ومارس 2022″.
اكدت الوكالة أن مخزونات النفط بالدول المتقدمة انخفضت في أبريل 61.3 مليون برميل دون متوسط 2016-2020 إلى 2.926 مليار برميل، لكنها أشارت إلى أن إجمالي إمدادات نفط “أوبك+” يتجه للزيادة 800 ألف برميل يوميا في 2021، إذا تمسكت المجموعة بسياستها الحالية.
وأضافت الوكالة أن مجموعة “أوبك+” بحاجة لضخ المزيد من النفط كي تظل أسواق الخام العالمية تتلقى إمدادات كافية ومتوازنة .
وان الطلب على النفط يتجه للارتفاع بواقع 5.4 مليون برميل يوميا في 2021، و3.1 مليون برميل يوميا إضافية في 2022.
وأحدثت الوكالة صدمة لقطاع الطاقة بتقريرها المعنون بـ«صافي الانبعاثات صفر بحلول 2050» الصادر في 18 مايو الماضي، وذكرت أنه لا يجب على المستثمرين تمويل مشاريع وقود أحفوري جديدة إذا رغب العالم في الوصول إلى أهدافه لكبح الانبعاثات المسببة لارتفاع درجات الحرارة بحلول منتصف القرن. وقالت وكالة الطاقة الجمعة: «تشير خارطة الطريق إلى أن معظم تعهدات الدول لم تتلقَّ الدعم بعد من السياسات والتدابير قصيرة الأمد». وأضافت: «يبدو أن الطلب على النفط سيواصل الارتفاع، ما يبرز الجهد الهائل المطلوب للمضي في الطريق السليم للوصول إلى الطموحات المعلنة».
وأشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن التعافي سيكون متفاوتا ليس فقط بين المناطق، ولكن في أنحاء القطاعات والمنتجات، وقالت إن الطلب على وقود الطائرات والكيروسين سيشهد أكبر زيادة ويليه الطلب على البنزين وزيت الغاز والديزل.
مما يعني ان التوقعات ان يتعافى الطلب بوتيرة أسرع في الدول الغنية التي تمكنت من تطعيم سكانها قبل غيرها، بينما لا تزال بعض القطاعات كالطيران ترزح تحت وطأة الوباء جراء استمرار القيود على السفر، بينما يعمل عدد متزايد من الناس من منازلهم مقارنة بما كان الوضع عليه قبل «كوفيد». وقالت الوكالة: «تبدو عودة قطاع الطيران العالمي بشكل واسع إلى إمكاناته المعتادة مستبعدة إلى حين وصول معظم الدول إلى تحقيق مناعة مجتمعية، وهو أمر قد لا يتم قبل أواخر 2022».
اما بالنسبة الى الأسواق، توقع بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس أن يصل سعر خام برنت إلى 80 دولاراً للبرميل هذا الصيف، وراهن على أن الارتفاعات التي شهدتها سوق النفط في الآونة الأخيرة ستستمر في الوقت الذي يعزز فيه توزيع اللقاحات المضادة لـ«كوفيد – 19»، الأنشطة الاقتصادية حول العالم والطلب على الخام، حيث وصلت أسعار برنت إلى 72.95 دولار للبرميل هذا الأسبوع، وبذلك تكون قد بلغت أعلى مستوياتها منذ ما يزيد على عامين مدفوعة بتوقعات لطلب أقوى.
وجرى تداول العقود الآجلة لبرنت عند 72.65 دولار للبرميل، الجمعة، بينما حام سعر خام غرب تكساس الوسيط الأميركي حول 70.43 دولار للبرميل في الساعة 1230 بتوقيت غرينتش. وقال البنك، في مذكرة نُشرت مساء الخميس، إن «ارتفاع معدلات التحصين يؤدي إلى زيادة التنقل في الولايات المتحدة وأوروبا، فيما تشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي سيرتفع 1.5 مليون برميل يومياً في الشهر الماضي، ليصل إلى 96.5 مليون برميل يومياً».
وتوقع «غولدمان» استمرار تعافي الطلب على النفط، وأن يصل الطلب العالمي إلى 99 مليون برميل يومياً في أغسطس (آب). وقال البنك أيضاً إن بطء إحراز تقدم في المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني قد يضغط على إمدادات النفط بما يدعم الأسعار.
ختاما و حسب الوكالة “تبدو العوامل الأساسية أقوى بالتأكيد والسحب جار من الفائض الكبير في مخزونات النفط العالمية التي تزايدت خلال صدمة الطلب الناجمة عن كوفيد-19 العام الماضي، وتتسارع وتيرة حملات التطعيم ويبدو الاقتصاد العالمي في وضع أفضل.
وقد رفعت منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” توقعاتها للنمو في الطلب العالمي على النفط هذا العام بدعم آمال في انحسار الجائحة.
وتوقعت منظمة “أوبك” زيادة الطلب العالمي في 2021 على النفط 5.95 مليون برميل يوميا، بينما كانت التوقعات السابقة 5.89 مليون برميل يوميا.
النمو والتعافي في الاقتصاد سيعيد طلب النفط عاجلا أم آجلا إلى مستويات 2019. عشرينيات هذا القرن.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية