قطر تسعى لحماية حصتها في السوق العالمية للغاز

قطر تسعى لحماية حصتها في السوق العالمية للغاز

رأى محللو قطاع الغاز أن قبول شركات الطاقة العالمية الكبرى بالمشاركة في مشروع توسعة حقل الشمال للغاز المسال في قطر رغم انخفاض العوائد مؤشر على مساعي الدوحة إلى حماية حصتها في السوق العالمية، خاصة بعد أن تعرضت خططها لانتكاسة في السنوات الماضية بسبب عدة عوامل مركبة.

لندن – كشفت مصادر بصناعة النفط والغاز الاثنين أن ست شركات غربية كبرى في مجال الطاقة تتنافس على المشاركة في مشروع التوسع الكبير في حقل الشمال لإنتاج الغاز الطبيعي المسال في قطر لمساعدتها في تدعيم وضعها المالي أولا ثم المحافظة على كونها منتجا مهمّا لهذه المادة عالميا ثانيا.

وتعتبر قطر، التي تأثر اقتصادها بواقع سوق الغاز حيث يعتبر الشريان الوحيد لعائداتها المالية، إحدى أبرز الدول في المجال إلى جانب أستراليا والولايات المتحدة وروسيا، وهي تسعى لمواصلة خططها التوسعية بينما تعثرت عدة مشروعات كبرى في مختلف أنحاء العالم مؤخرا.

وقالت المصادر لرويترز إن شركات إكسون موبيل ورويال داتش شل وتوتال إنرجيز وكونوكو فيليبس التي تشارك حاليا بالفعل في إنتاج الغاز في قطر قدمت عروضها وانضمت إليها شركتا شيفرون وإيني الإيطالية يوم 24 مايو الماضي.

وتبين هذه العروض استمرار اهتمام شركات الطاقة العملاقة بالاستثمار في مشروعات النفط والغاز التنافسية رغم الضغوط المتنامية على القطاع من الحكومات والمستثمرين والناشطين لمعالجة الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

ويقول محللون في سوق الغاز إن الاهتمام من جانب الشركات بالتوسعة القطرية رغم العوائد المنخفضة نسبيا قد تكون له أخطار على المدى البعيد، خاصة في ظل الرؤية الضبابية لواقع الطلب العالمي نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي حول العالم.

وعلى النقيض من المشروعات القطرية الأولى في مجال الغاز في التسعينات وخلال العقد الأول من الألفية الثالثة، والتي اعتمدت فيها الدوحة اعتمادا كبيرا على الخبرات التقنية لشركات النفط العالمية وسيولتها النقدية العالية، فقد اتجهت شركة قطر للبترول للمضي وحدها في تطوير مشروع توسعة حقل الشمال الذي تبلغ استثماراته قرابة 30 مليار دولار.

شركات تقدمت للمشاركة في تطوير حقل الشمال رغم العوائد المنخفضة بين 8 و10 في المئة

غير أنها لم تتمكن من تحقيق مبتغاها ولذلك تسعى الآن للشراكة مع شركات النفط الكبرى للمشاركة في المخاطرة المالية والمساعدة في بيع الكميات الإضافية التي ستنتجها من الغاز الطبيعي المسال.

وقال مصدر رفيع في إحدى الشركات المتقدمة لرويترز، لم تكشف عن هويته، “لا أعتقد أن قطر للبترول تحتاج خبرة شركات النفط العالمية في قطاع المنبع أو إنشاءات المشروع في المرحلة الوسطى، لكن سيسعدها أن ترى من يأخذ بعض الكميات من الغاز الطبيعي المسال منها”.

وعرضت قطر للبترول على الشركات الدولية المتقدمة عوائد تتراوح بين ثمانية وعشرة في المئة على استثمارها انخفاضا من عوائد تتراوح بين 15 و20 في المئة تحصل عليها إكسون وتوتال وشل وكونوكو من المنشآت الأولى للغاز الطبيعي المسال، وذلك وفقا لما ذكرته مصادر من ثلاث شركات مشاركة.

ولم يسبق الكشف عن عوائد المشروع القطري. وبينما امتنعت قطر للبترول والشركات الست عن التعليق، قال مصدر مطلع على الأمر إنه “من الواضح أن قطر أصبحت أكثر تنافسية، لكنها تظل مخاطرة منخفضة للغاية من منظور الموارد”.

وقال مصدران إنه ليس من المتوقع أن تعلن نتائج المناقصة قبل سبتمبر المقبل، خاصة وأن الدوحة تجري محادثات متقدمة كانت قد بدأتها في مايو الماضي تهدف لإشراك شركات صينية في المشروع.

وفي مارس الماضي، قالت قطر للبترول إنها ستصبح المالك الوحيد لمشروع قطر غاز 1 للغاز عندما ينتهي العام المقبل أجل عقد مدته 25 عاما مع مستثمرين دوليين من بينهم إكسون وتوتال إنرجيز.

وما يدل على عدم توفر السيولة النقدية اللازمة، تعاقدت قطر للبترول الشهر الماضي مع بنوك دولية على إصدار سندات بالمليارات من الدولارات بنهاية هذا الشهر للمساعدة في تطوير جزء من مشروع حقل الشمال.

وتعتزم الدوحة زيادة إنتاجها من الغاز المسال بنسبة 40 في المئة إلى 110 ملايين طن سنويا بحلول 2026 بما يعزز مركزها باعتبارها أكبر مصدر لهذا الوقود في العالم.

وأكد متحدث باسم إيني أن الشركة تشارك في عملية تقديم العروض. وامتنعت شركات قطر للبترول وشل وشيفرون وتوتال إنرجي وكونوكو عن التعليق.

وقالت إكسون إنها لا تعلق على الشائعات التي تتردد في السوق لكنها أضافت “نحن نتطلع لنجاح متواصل في مشروعات مستقبلية مع شريكينا قطر للبترول ودولة قطر.

وتعمل شركات تابعة لإكسون موبيل الأميركية مع شركة قطر للبترول في تحديد فرص المشروعات المشتركة على المستوى العالمي التي تعزز وضع الطرفين”.

وترى شركات رائدة في مجال الطاقة في الغاز الطبيعي وقودا رئيسيا في إطار مساعي العالم لخفض الانبعاثات الكربونية ليحل محل الفحم الأكثر تلويثا للبيئة.

ويأتي ذلك رغم أن وكالة الطاقة الدولية قالت في تقرير الشهر الماضي إنه يجب أن تتوقف الاستثمارات في مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة على الفور من أجل الوفاء بالأهداف التي تدعمها الأمم المتحدة للحد من ارتفاع درجات الحرارة عالميا.

ويقول ناشطون إن التوسع في الغاز الطبيعي يعمل على تأخير الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة اللازمة لتحقيق الأهداف التي تدعمها الأمم المتحدة لمكافحة التغير المناخي. ويشهد الاتحاد الأوروبي نقاشا حول الدور الذي ينبغي أن يلعبه الغاز في نقلة الطاقة.

وقد زادت التوقعات بقلة المعروض العالمي من الغاز الطبيعي المسال بشدة في الأشهر الأخيرة بعد أن أوقفت شركة توتال مشروع الغاز المسال في موزمبيق الذي تبلغ استثماراته 20 مليار دولار بسبب ازدياد العنف.

وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من التأجيلات لمشروعات الغاز الطبيعي المسال في أميركا الشمالية إذ عرقلت جائحة كوفيد – 19 الطلب في العام الماضي.

ومنذ 2012 زاد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال كل عام وبلغ مستويات قياسية مرتفعة كل عام منذ العام 2015 لأسباب أهمها الطلب سريع الزيادة في آسيا.

وتوقع محللون أن ينمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال بين ثلاثة وخمسة في المئة سنويا بين 2021 و2025.

العرب