تتداخل القضايا والتصريحات والتغريدات في بلاد الرافدين، ويطغى عليها تغريدة السيد مقتدى الصدر الذي يمزج بين النزعة الوطنية العراقية والتوجهات الدينية، وهو ما جعله محبوباً لدى الكثير من فقراء والبسطاء الشيعة في العراق.
فالتغريدة كانت عبارة عن رسالة موجهة إلى الداخل والخارج العراقي، فقد أشار الى :” إن للعراق صفة تختلف عن باقي الدول قاطبة، ففي العراق تجتمع صفتان غالبتان: (العروبة) و (التشيع) وهذا لا يعني عدم وجود السنة والكرد بل هما جهتان نكن لهما فائق المحبة والاحترام. ومن ثم فإن العراق وقع في محيط يضم كلا الجهتين الآنفتين الذكر: (العروبة) من الغرب والجنوب و(التشيع) من الشرق، ونؤجل الكلام بخصوص الجارة الشمالية العزيزة لوقت آخر.”
وتابع ” لذا فإن العراق صار ضمن الصراع (العربي) الذي يغلب عليه الطابع (السني) وبين الجانب الشرقي الذي يغلب عليه الطابع الشيعي. ونحن إذ نعتز بكلا الجانبين، فنحن العراقيين لنا جذور عربية واضحة وجلية، كما وإننا نعتز بمذهبنا الإمامي الشيعي الإثني عشري. ومن هنا كنا وما زلنا نريد أن نحافظ على علاقة جيدة مع الطرفين وأن نراعي معهما (حسن الجوار).. وأن لا نميل لطرف على حساب طرف آخر ما دام الطرفان يجمعهما وإيانا: (حسن الجوار.وأول أسس (حسن الجوار) عدم التدخل بشؤون البلد الداخلية والتعاون على تذليل الصعاب المشتركة وعدم زج الجار بمشاكل هو في غنى عنها وان يكون التعاون على مستوى واحد بلا تعال ولا تبعية.”
وطالب السيد مقتدى الصدر في تغريدته، من البيشمركة والحشد الشعبي أن تكون توجهاتهم “وطنية”. قائلاً: ” “علينا نحن العراقيون بكل انتماءاتنا وبشتى افكارنا وتوجهاتنا وأخص منهم الأخوة في البيشمركة والحشد الشعبي أن تكون توجهاتهم وطنية، فهم حالياً من ضمن التشكيلات الامنية العراقية، بمعنى أنهم ملزمون بكل ما قلناه آنفاً، وبالأخص احترام سيادة العراق ووحدته وهيبة دولته”.
وحول موقع العراق السياسي، قال : ” إننا اليوم نرى العراق قادرا على أن يكون حلقة الوصل بين الطرفين بكامل استقلاليته وسيادته، وخصوصا ان التقارب بين الطرفين سيفيء على عراقنا بالأثر الإيجابي لا محالة.”، معلقًا على فوز ابراهيم رئيسي بانتخابات الرئاسة الايرانية بالقول إن “وصول السيد ابراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في الجمهورية الايرانية يجب ان لا يفيء على المنطقة بالتشدد وتصاعد الصراعات، فنحن نأمل منه أن يحكم العقل والشرع والحوار لانهاء الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة”.
ودعا الصدر السعودية وايران الى حل مشاكلهما ، وقال “هذه دعوة مني للجارتين العزيزتين (المملكة العربية السعودية) بالخصوص و (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) الى حل مشاكلهما من جهة ولإخراج العراق من هذا الصراع من جهة أخرى وعدم التدخل بشؤونه ، خصوصا وإن العراق مقبل على انتخابات برلمانية وهي شأن داخلي. مع إننا نؤكد على استمرار حسن الجوار وتطوير العلاقات التجارية والثقافية والدبلوماسية المتساوية بما يخدم كلا الطرفين”.
واضاف ” تشمل هذه الدعوة باقي دول الجوار العربية (جمهورية سوريا) و (المملكة الأردنية الهاشمية) لا لكونهما في صراع مع إيران أو مع أي طرف آخر بل لكون وجودهما يفيء على الحوار بالسلام والطمأنينة من جهة ولجلب الاستقرار في سوريا والعراق وسحب بعض العناصر العراقية وغيرها منها وخصوصا بعد الانتخابات الأخيرة فيها من جهة أخرى.. فلا نريد أن نزج العراق والعراقيين في أتون الحرب والقتل على الرغم من أننا نؤازر جميع دول الجوار في محنتهم بما لا يضر العراق وشعبه.
وتابع ” فالعراق وإن كان مهد العروبة والتشيع فإنه الحاضنة الأم للسنة والكرد ولا نريد إلا العيش بسلام في عراق آمن ذي سيادة واستقلالية بلا تدخلات من هنا وهناك”.
وحول الوجود الامريكي في العراق قال الصدر ” لا ينبغي أن ننسى التواجد الأمريكي في العراق فهو ما زال مستمرا على الرغم من إن أمريكا تنوي الخروج.. فإن عليها في هذه الفترة: (فترة انسحابها) أن لا تتدخل بالشأن الداخلي للعراق ولا سيما الانتخابات المقبلة. الانتخابات العراقية شأن داخلي و العراق دولة ذات سيادة وعلينا ، نحن العراقيين ، بكل انتماءاتنا وبشتى أفكارنا وتوجهاتنا وأخص الإخوة في البيشمركة والحشد الشعبي أن تكون توجهاتهم وطنية فهم حاليا من ضمن التشكيلات الأمنية العراقية، بمعنى أنهم ملزمون بكل ما قلناه آنفا وبالأخص احترام سيادة العراق ووحدته وهيبة دولته.
يمكن القول أن تغريدة السيد مقتدى الصدر أشبه ببرنامج عمل وطني للحفاظ على الهوية العراقية ومكانته العربية والإقليمية، وهو يعد إمتداد لوالده المرجعُ الديني آية الله العظمى السيد مُحمّد بن مُحمّد صادق الصدر ” رحمه الله، الذي سعى بكل قوة للحفاظ على عروبة المرجعية الدينية، وتمسكه بعروبة العراق، وتمسكه بالبقاء والموت فيه، فتغريدة السيد مقتدى الصدر تأتي في سياق الأسرة الصدرية العربية العلمية الدينية العريقة.
وحدة الدراسات العراقية