جوهانسبرغ – ينفض ماليما عن وجهه التراب جراء الحفريات التي قام بها خلال اليومين الماضيين بحثا عن أحجار كريمة قد تغيّر حياته وتعطيه ثروة ليحسن من معيشته في قريته الفقيرة في جنوب أفريقيا، وينضم ماليما للآلاف غيره الذين تدافعوا من كل أنحاء البلاد إلى هذا المكان أملا في العثور على الألماس الموعود.
ولم تكد الشمس تشرق حتى كان المئات قد بدؤوا في الحفر والتنقيب عن الألماس على جانب التل في قرية كواهلاتي الصغيرة الفقيرة الواقعة في محافظة كوازولو ناتال، على بعد 5 ساعات بالسيارة من مدينة جوهانسبرغ.
وتستطيع ملاحظة الكد والتعب على ملامح المنقبين بعد ساعات من الحفر بالمجارف أو الفؤوس أو العصي، إلا أن العزيمة في ثروة مأمولة تدفعهم للاستمرار في الحفر، حيث تراهم يفتتون بأيديهم العارية كتل الأرض الرطبة، على أمل أن يجدوا فيها ضالتهم من الألماس المأمول، وقد أدت رؤية الناس للصور ومقاطع الفيديو على موقع تويتر (Twitter)، ومن ثم بعض وسائل الإعلام المحلية في نهاية الأسبوع الماضي، إلى تأجيج الإقبال على القرية الصغيرة.
ثروة مأمولة
ويقول إكسيلانت، وهو صاحب نزل صغير بجانب موقع الحفر الشهير، إنه لا يصدق ما حدث خلال الأسبوع الماضي من توافد الناس من كل مناطق الدولة للقرية على أمل العثور على الثروة، مؤكدا أنه ذهب بنفسه مع موظفيه في النزل وشرعوا بالحفر وعثروا على كمية جيدة قد تغير حياتهم، إذ تبين أنها ذات قيمة عالية.
وأكد إكسيلانت للجزيرة نت أن نزله الخاص لم يصل إلى 30% من سعته منذ افتتاحه قبل 6 أشهر، إلا أنه منذ الحادثة في الأسبوع الماضي فقد تجاوزت السعة 150%، إذ إن البعض يدفعون ثمن اصطفاف سياراتهم والنوم فيها داخل مواقف النزل فقط من أجل البقاء بالقرب من موقع الحفر.
ويمكن للمرء في جنوب أفريقيا أن يحلم بالثروة في البلد الذي اكتشفت فيه أكبر ألماسة على الإطلاق “كولينان”، التي تزن 3106 قراريط عام 1905، واستخرجت الألماسة بسكين جيب على عمق بضعة أمتار تحت سطح الأرض، وصُنعت من الحجر 9 ماسات استخدِمَت لتزيين التاج البريطاني.
وبفضل ما تختزنه الأرض، صنع أبرز تجار الألماس في العالم ثرواتهم، ويرى سكان تلك القرية أنهم أكثر من يحتاج إلى أحلام وطموحات في ثروة من هذا النوع، حيث تبلغ نسبه البطالة في تلك القرية 57%، وهو رقم قياسي جديد تطور بسبب جائحة كورونا.
تغيير اقتصادي
وكان الآلاف قد اندفعوا حاملين الفؤوس إلى القرية بعد أن اكتشف أحد الرعاة جوهرة غامضة، وتوافد أكثر من 50 ألف شخص من جميع أنحاء جنوب أفريقيا إلى منطقة “كواهاتي” في مقاطعة “كوازولو ناتال” بحثا عن أحجار جديدة يُعتقد أنها ألماس.
وينقب الباحثون عن الثروة منذ الأسبوع الماضي بوتيرة لم تقل بعد انتشار أنباء عن أن راعٍيين عثرا على قطعة تشبه الجواهر في حقل مفتوح، لكن البعض يعتقد أنها بلورات كوارتز (نوع من الأحجار الكريمة بعيدا عن الماس).
وعرض أحد الموجودين في القرية على الجزيرة نت بعض الأحجار المجهولة بسعر يتراوح بين 100 و300 راند (7 و21 دولارا)، مؤكدا أنه جاء سريعا حين علم بالقصة من مدينة كيب تاون للبحث عن سبل لتغيير حياته، في ظل وضع اقتصادي صعب وعدم توفر وظائف.
وبحسب بيانات مركز الرصد والإحصاءات الجنوب أفريقي، فإن الملايين في جنوب أفريقيا يعانون من الفقر والبطالة، وحوالي 32.6% من السكان عاطلون عن العمل، وفقا لبيانات الربع الأول من عام 2021.
من هذا المنطلق، يسعى طالب من مدينه بريتوريا -رفض ذكر اسمه- للتنقيب بفأس أحضره معه إلى تحقيق حلمه في الثروة، حيث أكد للجزيرة نت أنه قد عثر على أكثر من 20 حجرا حتى الآن سيستطيع من خلالها إكمال دراسته وشراء المنزل الذي يريده وتسديد ديون عائلته.
ويحفر الطالب مع رفقائه الآتين من أحد التجمعات العشوائية المنتشرة في البلد، والتي تعتبر من أفقر المناطق في مدينة بريتوريا، مؤكدا أنه لن يعود إلى بيته “خالي الوفاض دون ثروة كافية”.
الدولة الرائدة
وتُعتبر جنوب أفريقيا دولة رائدة عالميا في الإنتاج الصناعي وفي استخراج الذهب والألماس والمعادن النفيسة، وتشكل صناعة التعدين -وإن كانت تشهد تراجعا حاليا- إحدى رئات الاقتصاد، حيث تمثل أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيها حوالي نصف مليون شخص.
ويتناقل المنقّبون عند التل شائعة مفادها أن التل الذي عثر فيه على “الأحجار الكريمة” تحرسه الأفاعي منذ زمن طويل ولا تسمح لأحد بالاقتراب منه، إلا أن الحالة المؤخرة تظهر شفقة هذه الكائنات على حال المواطنين في القرية، بحسب الشائعات.
ولم يؤكد الخبراء بعد إن كانت الأحجار ماسا أصليا أم لا، حيث تم أخد عينات لفحصها في المختبرات، في وقت يميل فيه البعض إلى الاعتقاد بأن هذا الاحتمال بعيد، وأرسلت وزارة الطاقة والمناجم فريقا من الخبراء والمختصين من الجيولوجيين وخبراء التعدين إلى الموقع، في حين لم يصدر بيان رسمي حتى اللحظة.
ودعا مسؤولون في حكومة المقاطعة إلى إخلاء المنطقة للسماح للسلطات بإجراء تفتيش عميق، إلا أن المواطنين لا يثقون في دعوات الحكومة، مشيرين إلا أنها محاولات للسيطرة على الألماس المزعوم في أرضهم.
المصدر : الجزيرة