حسابات إيران تجمع بين نصرالله وهنية في بيروت

حسابات إيران تجمع بين نصرالله وهنية في بيروت

بيروت – توّج إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس زيارته إلى لبنان بلقاء مع حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله في لبنان الذي قال سياسيون لبنانيون إنه كان وراء الزيارة في مسعى لربط حماس وقيادتها بأجندة إيران في المنطقة والتقليل من الدور الذي لعبته مصر في التوصل إلى تهدئة بين الحركة وإسرائيل ما أعطى القاهرة نفوذا متزايدا في المنطقة وهو ما لا ترضاه طهران.

وقالت مصادر لبنانية مطلعة إن إيران تعمل ما في وسعها للتغطية على الدور المصري وإظهار أنها صاحبة النفوذ على حركة حماس، وهي التي تقف وراء تمويلها وتسليحها، وإنها أولى بالتفاوض باسمها واستثمار العائد السياسي من وراء ذلك في الحوار مع الدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة بدلا من مصر.

وذكر بيان للعلاقات الإعلامية لحزب الله أوردته قناة “المنار” الثلاثاء أنه جرى خلال اللقاء استعراض تفصيلي لـ”معركة سيف القدس وأسبابها ومجرياتها ونتائجها فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ودوليا”.

وأضاف البيان أن ذلك “يمكّن المقاومة في فلسطين ومعها محور المقاومة في المنطقة من البناء على هذا النصر الكبير”، مشددا على “عمق العلاقة القائمة بين حزب الله وحركة حماس وموقعها الأساسي في هذا المحور”.

وتساءلت أوساط سياسية لبنانية في تعليق لها على زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس “ما الذي جاء هنيّة يفعله في لبنان، البلد الذي يحكمه عمليا ويتحكّم به حزب الله؟ هل جاء ليؤكّد أن لبنان تابع لإيران لا أكثر وأنّه عضو فاعل في ‘جبهة الممانعة’ التي تقودها الجمهوريّة الإسلاميّة من طهران؟ ألا تكفي لبنان مصائبه والذلّ الذي يعيش في ظلّه المواطن كي يتحمّل عبء حركة حماس التي لا تعرف ماذا تريد؟”.

وحضر إسماعيل هنيّة إلى بيروت كما حضرت معه الأزمة الداخليّة لحماس، ولعلّ أفضل ما يعبّر عن هذه الأزمة أنّه مع وصوله إلى العاصمة اللبنانيّة استطاعت مصر التوسّط مع إسرائيل بما يسمح بإدخال كميّة من الوقود إلى قطاع غزّة بغية تشغيل مولّدات الكهرباء فيها.

وقال الكاتب اللبناني خيرالله خيرالله “ليس معروفا أيّ جناح في حماس يمثّله هنيّة، لكن الأكيد، ومن خلال تحرّكاته وتصريحاته، أنّه يمثل الجناح الإيراني الذي يؤمن بالشعارات التي لا هدف منها سوى تغطية الفشل وتفادي الاستثمار في أيّ مشروع سياسي مفيد للشعب الفلسطيني في غزّة والضفّة والقدس”.

وأضاف أن “هنيّة، الذي قابل كبار المسؤولين اللبنانيين، يقدّم نفسه من الآن فصاعدا كممثل لفلسطين، أي أنّ حماس صارت بديلا من منظمة التحرير الفلسطينية ومن السلطة الوطنيّة في رام الله، وأنه يفعل ذلك انطلاقا من انتصار تحقّق بعد حرب القدس – غزّة الأخيرة، وهي حرب استمرّت أحد عشر يوما لا تزال نتائجها غامضة، ومرّ شهر ونصف شهر على تلك الحرب من دون ما يشير إلى أيّ تقدّم على الصعيد السياسي”.

ولم تبلور حماس برنامجا سياسيّا محدّدا يسمح لها بمواجهة مرحلة ما بعد الحرب الأخيرة التي أطلقت فيها صواريخها من غزّة في اتجاه القدس وتل أبيب وضواحيهما.

واعتبرت الحركة ذلك انتصارا كبيرا وحاولت الاستفادة منه عبر كلام صدر عن القيادي يحيى السنوار تحدّث فيه عن خيار الدولتين وعن القدس الشرقيّة عاصمة لدولة فلسطين، مستذكرا ياسر عرفات الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني الذي شطبت حماس اسمه من قاموسها السياسي.

في المقابل أثبتت الحركة أنّ همها محصور بالسلطة، وأن كلّ ما تريده هو السلطة، ولم تر من نتائج الحرب الأخيرة، التي تمكّنت فيها من خطف ثورة أهل القدس وحي الشيخ جرّاح تحديدا، سوى حلولها مكان سلطة رام الله المترهّلة وحركة فتح بالذات.

وقال خيرالله في تصريح لـ”العرب”، “لا حاجة إلى إثبات مدى شبق حماس للاستحواذ على السلطة في ضوء الفشل الذريع الذي كانت القاهرة مسرحه. وقع الفشل على الرغم من الجهود المصريّة في سبيل إنجاز أيّ نوع من المصالحة الفلسطينيّة – الفلسطينيّة”.

وأضاف “لا وجود لشيء اسمه المقاومة من أجل المقاومة ولا وجود لحق العودة الذي يعتقد إسماعيل هنيّة أن الكلام عنه في بيروت أكثر من كاف لإقناع اللبنانيين بأنّ اللاجئين الفلسطينيين لن يبقوا في مخيماتهم إلى الأبد”.

وطالب خيرالله رئيس المكتب السياسي لحماس أن يسأل نفسه سؤالا في غاية البساطة. ما موازين القوى التي تسمح بتحقيق “حق العودة”، إلّا إذا كان اتكاله على رئيس الجمهورية ميشال عون في هذا المجال.

وكان هنية دعا خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الاثنين إلى “إقرار الحقوق المدنية والإنسانية للشعب الفلسطيني بهدف تحقيق حياة كريمة لحين عودته”.

ويعيش في لبنان 174 ألفا و422 لاجئا فلسطينيا، في 12 مخيما و156 تجمعا، حسب أحدث إحصاء لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية لعام 2017.

ولا يخفي هنية في تصريحات سابقة له متانة العلاقة مع حزب الله وإيران، ففي زيارة له إلى لبنان في سبتمبر من العام الماضي أكد خلال لقاء مع نصرالله “على ثبات محور المقاومة وصلابته”، كما شدد على متانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس، وهي “علاقة قائمة على أسس الإيمان والأخوّة، والجهاد والمصير الواحد”.

وأضاف “كانت مسافة الصواريخ قبل فترة بضعة كيلومترات خارج حدود غزة، اليوم المقاومة في غزة تمتلك صواريخ ‘دكت’ تل أبيب وما بعد تل أبيب”.

ومنذ أيام يُجري هنية جولة خارجية زار خلالها بالإضافة إلى لبنان كلا من مصر والمغرب وموريتانيا، وتحدثت وسائل إعلام مقربة من حزب الله عن أن رئيس المكتب السياسي لحماس سيزور إيران وأنه من الممكن أن يلتقي المرشد الأعلى علي خامنئي، إضافة إلى الرئيس حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، ومسؤولين في الحرس الثوري.

العرب