هل فشلنا في ضمان “عدم حصول إيران على سلاح نووي”؟

هل فشلنا في ضمان “عدم حصول إيران على سلاح نووي”؟

في الثالث والعشرين من حزيران (يونيو)، اجتمع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، مع رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال أفيف كوخافي، وأكد التزام الرئيس الأميركي بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي. إلا أن الأسلحة النووية قد انتشرت ببطء مفاجئ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم تُستخدم أبداً في حالة غضب. لكن هذا النموذج قد يتغير وسط غموض غير مستدام حول مستقبل برنامج إيران النووي.

* *
ما السلاح النووي؟ الإجابة تقنية وسياسية على حد سواء -خاصة وأن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، اجتمع في الثالث والعشرين من حزيران (يونيو) في واشنطن مع رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال أفيف كوخافي، و”أكد التزام الرئيس الأميركي بضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي”.
عادة ما يُستخدم مصطلح “السلاح النووي” لوصف القنابل الذرية والقنابل الهيدروجينية الأكثر قوة. وبالمعنى الدقيق للكلمة، لم يكن من الممكن إلقاء القنبلة الذرية الأميركية الأولى والقنبلة الهيدروجينية الأولى على هدف محدد، لذلك غالباً ما يتم تصنيفهما على أنهما “أجهزة”. وإذن، هل هناك تعريف متفق عليه لـ”السلاح النووي” بين الولايات المتحدة وإسرائيل، أم أن سوليفان كان غامضاً في تصريحه؟ هل سيُسمح لإيران بامتلاك هذه القدرة أو حتى جهاز أو جهازين؟
حتى أكون دقيقاً، يُعد البرنامج الإيراني للأسلحة النووية الأبطأ في تاريخ العالم. وهناك قلة ممن يحكمون بجدية على أن طهران ليس لديها مثل هذا البرنامج. ويعود تاريخ نقل تكنولوجيا التخصيب بالطرد المركزي من باكستان إلى إيران إلى منتصف التسعينيات على الأقل، أي قبل أكثر من 25 عاماً. وعلى النقيض من ذلك، بدأت باكستان سعيها للحصول على اليورانيوم المخصب اللازم لصنع قنبلة ذرية في العام 1976، وربما حققت تصميماً عملياً لقنبلة بحلول العام 1983، بعد أن تلقت مخططات ويورانيوم عالي التخصيب لصنع قنبلتين من الصين قبل عامين من ذلك التاريخ في أكثر أعمال الانتشار فظاعة حتى الآن. لكن باكستان لم تنفذ تفجيراً تجريبياً فعلياً حتى العام 1998 -وهي فترة زمنية امتدت لنحو 22 عاماً. وفي رأيي، فإن المُغيّر لقواعد اللعبة هو إجراء تفجير تجريبي نووي بدائي -وناجح أيضاً- في منطقة نائية من الصحراء الإيرانية.
يرجع جزء من التأخير في ذلك إلى الجهود المفترضة لوكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد”، التي يُنسب إليها قيامها العام الماضي بتفجير مصنع لتجميع أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناتانز الرئيسية في إيران، وإلى تسببها في وقت سابق من هذا الصيف، على ما يبدو، في حدوث انقطاع للتيار الكهربائي في المنشأة نفسها، ما أدى إلى تأثير كارثي على مئات من أجهزة الطرد المركزي الدوارة. وتُنسب في الأسابيع الأخيرة في مصنع مُفترض لتجميع أجزاء أجهزة الطرد المركزي خارج طهران إلى إسرائيل أيضاً.
ولكن، كان هناك أيضاً أكثر من ستار دخان عرضي من قبل إيران. فقد أكّد التقرير المثير للجدل الذي أعدّته “المخابرات الوطنية الأميركية” في العام 2007 حول النوايا والقدرات النووية الإيرانية أنّ طهران أوقفت برنامج أسلحتها النووية في العام 2003، ولم تعد إلى استئنافه حتى منتصف العام 2007. ولكن في تقرير الضمانات الخاص بإيران الذي صدر في تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية: “هناك أيضاً مؤشرات على أن بعض الأنشطة ذات الصلة بتطوير جهاز متفجر نووي استمرت بعد العام 2003، وربما ما يزال بعضها مستمراً”.
وفي غضون ذلك، أدّى انسحاب إدارة ترامب من “خطة العمل الشاملة المشتركة”، وهي اتفاقية كانت بمثابة مناورة تعطيلية وليس حلاً دبلوماسياً، إلى دفع إيران إلى التخلي عن التزاماتها وتشغيل أجهزة طرد مركزي أكثر كفاءة، وبناء مخزوناتها من اليورانيوم شبه المخصب. وكان إعلان طهران الأخير عن أنها بدأت بتخصيب نظير اليورانيوم -235 بنسبة 60 %، وهي المادة المتفجرة الفعلية، خطوة مُفزعة. وفي تلك المرحلة يكون قد تم إنجاز معظم العمل الشاق للتخصيب اللازم لتحقيق الرقم السحري البالغ 90 في المائة.
لذلك، ربما ينبغي النظر في احتمالية -أو حتى أرجحية- فشل الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمنع إيران من أن تصبح قوة شبه نووية. وقد يبدو أن تفسير إسرائيل لهذا الوضع هو قدرة طهران على التخصيب بنسبة تصل إلى 90 %. وفي المقابل، قد ترى الولايات المتحدة أن إيران تمتلك قوة هجوم صاروخي ذات رؤوس نووية. وقد تظهر وجهة نظر وسطية محتملة بالنسبة للبعض، وهي امتلاك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب للقيام بتفجير تجريبي واحد على الأقل، وهو مصطلح يعني “كمية كبيرة”.
ومن المحتمل أنه لم يعد لدينا ما يكفي من الوقت لكي نواصل هذا الغموض. وهناك القليل من الدلائل على أن رئيس وزراء إسرائيل الجديد، نفتالي بينيت، سوف يتخذ موقفاً مختلفاً كثيراً بشأن هذه القضية عن سلفه بنيامين نتنياهو. كما أن انتخاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لا يبعث على الكثير من الارتياح. أما إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة التي يتم التفاوض بشأنها في اجتماعات فيينا، فقد شرعت في أن تبدو غير كافية بشكل متزايد لمواجهة التحدي، حتى لو كان من الممكن التوصل إلى اتفاق من نوع ما.
في الوقت الحالي لدينا غموض كبير أكثر من وجود شيء ملموس. وقد انتشرت الأسلحة النووية ببطء مفاجئ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ولم تُستخدم أبداً في حالة غضب. ولكن يبدو أن هذا النموذج آخذ في التغيّر.

سايمون هندرسون