يسعى الجنرال جون الن المبعوث الخاص للرئيس الامريكي اوباما الى التحالف الدولي للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية الى المضي بقناعاته للاستقالة من المهمة المكلف بها من قبل الادارة الامريكية ، بعدما تأزمت علاقته الميدانية مع (لويد اوستن) قائد المنطقة الوسطى العسكرية والمسؤول عن ادامة زخم المعارك الموجهة ضد قواعد وتواجد وانتشار مقاتلي الدولة الاسلامية ، هذه الخلافات التي انعكست على الاجراءات والمقترحات التي كان يقدمها جون الن ولا تلقي اي اهتمام أو تنفيذ من قبل الجهات الاستخبارية والعسكرية المكلفة بالملف الخاص بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسورية .
اضافة الى ان جون الن بدأ يشعر أن لا سبب ولا وجود لهمة أو استعداد ميداني من قبل الولايات المتحدة الامريكية لأنهاء ملف الاوضاع العسكرية المتعلق بتنظيم الدولة ويعود هذا للأسباب الاتية:
1.صدور قرار من البيت الابيض بتخفيض الميزانية المخصصة لتدريب مقاتلي المعارضة السورية وهذا يعني أن هناك توجها أمريكيا بإبقاء الحال في سورية على ما هو الان، وايقاف اعداد المقاتلين السوريين ميدانيا لمواجهة مقاتلي الدولة الاسلامية وانتشارهم في الاراضي السورية وهذا اتفاق كان قد وعدت به ادارة اوباما الجنرال جون الن لاستمرار باستراتيجيته في مواجهة تنظيم الدولة في سورية .
2.سعي جون الن في رؤيته السياسية للأوضاع في سورية الى ضرورة تنحي بشار الاسد عن الرئاسة وان لا يكون له اي دور مستقبلي او اي فعل سياسي في أي عملية سياسية انتقالية تحدث في دمشق ، ولكنه تفاجئ بأن الموقف الامريكي أصبح مترددا في هذه النقطة بالذات حيث تسعى الادارة الامريكية الى ان يكون موقفها معتدلا في رؤيتها للأوضاع السياسية في سورية وارتضت أن يكون للأسد دورا محوريا انتقاليا في اي سلطة أو تغيير سياسي قادم لحل المشاكل في سورية ، وهذا ما اكده وزير خارجية امريكا (جون كيري) .
3.ضعف الاجراءات الميدانية العسكرية للتحالف الدولي وعدم موافقة الادارة الامريكية على المقترح الخاص والمقدم من جون الين ب(ايجاد المراقبة الجوية التكتيكية) على الاراضي السورية لمواجهة ومتابعة تقدم وتنقلات تنظيم الدولة الاسلامية وهذا ما يضعف حقيقة التوجه الاستراتيجي في القضاء على هذا التنظيم وبالتالي افشال الخطط العسكرية والميدانية الكفيلة بانهاء دوره في العراق وسورية .
4.شعر(جون الن) ان الفريق الذي يعمل معه والمدعوم من ادارة اوباما في مواجهة ومكافحة تنظيم الدولة الاسلامية ليس لديه الامكانية في معالجة تمدد وحركة مقاتلي التنظيم وضعفهم في المواجهة وايجاد الخطط البديلة مما دعاه الى ضرورة ترك العمل معهم لأنه شعر بعدم رغبتهم في الاستمرار بالمشاورات معه وان هناك ضعفا ميدانيا ورؤية ضبابية في التعامل مع المهمة المكلف بهافي انهاء تنظيم الدولة .
5.ان موقف (جون ألن)المعلن من عدم موافقته على العلاقة مع ايران أو اللقاء بمسؤولي النظام السياسي فيها والاتفاق معهم على رؤية استراتيجية مشتركة لمعالجة الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط كانت سببا جوهريا في خلافه مع ادارة اوباما التي سعت من جانبها الى ابعاد او عدم الاستماع الى كل من يخالفها في علاقتها مع ايران بعد الاتفاق النووي الاخير .
6.سعى (جون الن) الى تبني المشروع والمقترح التركي بأنشاء منطقة امنة لحماية المدنيين في سورية ، وجاء هذا المشروع بعد اقناعه للأتراك بضرورة استخدام قاعدة إنجرليك التركية لتوجيه ضربات عسكرية وميدانية لتواجد وانتشار مقاتلي الدولة الاسلامية في سورية ولكن المشروع التركي جوبه بالرفض من قبل الامريكان وعدم التفاعل معه بسبب مصالح الولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسط وايجاد حالات التوازن في العلاقات الدولية ما بين روسيا وامريكا والاتحاد الاوربي .
7.عدم جدية الادارة الامريكية بإقرار قانون الحرس الوطني في العراق والضغط على الحكومة العراقية لإقراره مما يساعد جون الن بالمضي بسياسته في مواجهة تنظيم الدولة خاصة وانه عقد سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع بعض رؤوساء العشائر العربية التي يسيطر مقاتلي التنظيم على اراضيهم داخل العراق ووعدهم بإقرار قانون الحرس الوطني.
ان ما اشرنا اليه من وقائع في حقيقة طلب الاستقالة التي قدمها جون الن وسعيه الى اثبات دوافع رؤيته الاستراتيجية في التعامل مع الاحداث ومتابعته لأنتشار وتمكن مقاتلي الدولة الاسلامية بعد خبرته العسكرية التي خاضها وعايشها في العراق للفترة من عام2006 ولغاية 2008 في محافظة الانبار وعام 2011 في افغانستان تؤكد ان الاوضاع التي ستشهدها مناطق النزاع والصراع العسكري ستنعكس نتائجها على مستقبل حياة اجيال وشعوب منطقة الشرق الاوسط.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية