كشف مسؤولون عراقيون محليون في إقليم كردستان شماليّ البلاد، اليوم الجمعة، عن إنشاء مسلحي حزب العمال الكردستاني، المصنف على لائحة الإرهاب، مزيداً من التحصينات في منطقة جبل سنجار، الواقعة 110 كم غرب الموصل، تحسباً من ضربات جوية تركية تستهدف المنطقة، في ظل استمرار تعذّر الحكومة العراقية تطبيق بنود اتفاقية تطبيع الأوضاع في المدينة وإخراج الجماعات المسلحة منها.
ويأتي ذلك بالتزامن مع اتهامات جديدة وجهها قائممقام سنجار، محما خليل، إلى مسلحي حزب العمال، بشأن تورطهم بعمليات خطف أطفال لغرض تجنيدهم.
وبحسب خليل، في تصريح لمحطة تلفزيون محلية عراقية كردية، فإن عناصر حزب العمال تورطوا بالفترة الأخيرة في تجنيد مئات الأطفال الأيزيديين في مناطق سنجار، قسم كبير منهم خُطف ونُقل إلى معسكرات الجماعة المسلحة داخل العراق وخارجه، في إشارة إلى منطقة قنديل على الحدود العراقية التركية الإيرانية التي تعتبر معقل الحزب الرئيس منذ نحو ثلاثة عقود.
واليوم الجمعة، قال مسؤول في اللواء الـ 80 ضمن قوات البيشمركة، التي تنشط على مناطق حدودية بين إقليم كردستان ومحافظة نينوى، لـ”العربي الجديد”، إن “مسلحي حزب العمال استقدموا، في الأسابيع الماضية، عمال حفر من الجانب السوري بطريقة التهريب عبر الحدود وبالتنسيق مع عناصر (قسد)، التي تنشط في الجانب السوري من محافظة الحسكة الحدودية مع العراق، ومن خلال نقطة مجمع خانصور الحدودي، وذلك بغية إنشاء مخابئ جديدة لحزب العمال في منطقة جبل سنجار”.
واتهم المسؤول ذاته مسلحي الحزب بأنهم يسعون إلى جعل منطقة سنجار “نسخة أخرى من جبال قنديل كمعقل للحزب وأنشطته داخل العراق”، مضيفاً أن “إجراءات مسلحي الحزب تأتي تحسباً من غارات للطيران التركي تستهدف مواقعهم”.
ولفت إلى أن “ثلاثة مواقع جديدة لحزب العمال حفرت بالسفح الجنوبي لجبل سنجار خلال أقل من شهر”، معتبراً وجود القوات العراقية أنه “مقتصر على مناطق محددة من سنجار، ليس من بينها منطقة جبل سنجار ومناطق أخرى محيطة بالجبل تصل مساحتها إلى أكثر من 45 كيلومتراً مربعاً تتبع حدود قضاء سنجار”.
وفي الثاني من الشهر الحالي، كشفت وسائل إعلام عراقية عن استهداف طائرات، يُرجَّح أنها تركية، القيادي في حزب العمال الكردستاني سرحد شنكالي، في منطقة جبل سنجار، خلال تنقله بسيارة مع ثلاثة من مرافقيه، وسط ترجيحات بأنه لقي مصرعه في الهجوم مع مرافقيه.
من جهته، قال عضو المجلس المحلي السابق لمدينة سنجار، قاسم خالد شنكالي، لـ”العربي الجديد”، إن “مسلحي حزب العمال يتشاركون النفوذ في المدينة مع فصائل مسلحة ضمن “الحشد الشعبي””.
ووفقاً لشنكالي، فإن “عدة مليشيات حليفة لإيران بدت كأنها تقاسمت، عبر تفاهمات معينة، أحياء ومناطق الانتشار المسلح لها في سنجار مع مسلحي حزب العمال، وهذا هو السبب الرئيس في عدم تطبيق اتفاقية تطبيع الأوضاع بالمدينة”، معتبراً أن “مسلحي حزب العمال وجدوا في الحشد الشعبي حليفاً لهم ضد توجهات حكومتي بغداد وأربيل”.في السياق ذاته، أكد مسؤول محلي في مدينة دهوك الحدودية مع تركيا مصرع ما لا يقل عن 5 من عناصر حزب العمال بغارة تركية استهدفت معقلاً لهم في جبل متين ضمن حدود مدينة العمادية شمالي دهوك.
واستهدفت الغارات ما يبدو أنه مخزن للأسلحة ومقر لمسلحي الحزب، إذ أدت الغارة إلى وقوع انفجارات ثانوية داخل المقر استمرت نحو ساعة كاملة، بحسب المسؤول ذاته في اتصال هاتفي مع “العربي الجديد”.
وتنفذ القوات التركية، منذ الثالث والعشرين من شهر إبريل/ نيسان الماضي، عمليات برية وجوية جديدة هي الثانية من نوعها منذ منتصف العام الماضي، ضد مسلحي حزب العمال المتحصنين في بلدات حدودية عراقية ضمن إقليم كردستان.
وأطلقت أنقرة على تلك العمليات اسم “مخلب البرق” و”الصاعقة”، وتستهدف مناطق عدة، أبرزها العمادية وزاخو وجبل متين، وأفاشين وباسيان وجبل كيسته، والزاب، شمال دهوك وشرق أربيل، حيث ينشط مسلحو حزب العمال في تلك المناطق ويستخدمونها منطلقاً لتنفيذ اعتداءات إرهابية متكررة على الأراضي التركية المجاورة.
وحذر محافظ نينوى السابق والقيادي في “جبهة الإنقاذ”، أثيل النجيفي، الأسبوع الماضي، من التوجه أخيراً إلى تدويل قضية سنجار، بعد ما وصفه بـ”هروب عراقي من حقيقة الأزمة في المدينة”، وتعذر تطبيق اتفاقية الأوضاع في المدينة التي وقعت بين بغداد وأربيل قبل أكثر من ثمانية أشهر، والتي تقضي بإخراج جميع المليشيات والجماعات المسلحة منها وفرض سلطة القانون وإعادة النازحين إليها، معتبراً في تصريحات صحافية أن إيران هي المستفيد الأول من الأوضاع الحالية في مدينة سنجار، على اعتبار أنها ممر إلى سورية، مشدداً على أن “أهالي المدينة من كرد وعرب وأيزيديين هم من يدفعون ثمن غياب الحل العراقي في سنجار”.
محمد علي
العربي الجديد