غباء القيادة الإيرانية نعمة

غباء القيادة الإيرانية نعمة

 

ابراهيم الزبيدي كاتب عراقي

أميركا تعلم بأن قيادة القاعدة، وقيادات جماعاتٍ إرهابية إسلامية، أخرى تجد لها ملاذا آمناً في إيران، وبأن النظام الإيراني يقدم لها الدعم المالي والتسليحي، ولكنها، رغم ذلك، تلاحق ذيول الأفاعي وتترك رؤوسها الكبيرة الفاعلة تعيش بأمان.
قالت الولايات المتحدة إن القيادي المصري البارز في القاعدة الموجود في اليمن إبراهيم البنا المعروف بأبي أيمن يتلقى الأوامر من قيادة التنظيم في إيران.

وفي تغريدة على حساب “مكافآت من أجل العدالة” على تويتر أعلنت مكافأة بخمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد على اعتقاله أو قتله.

وهذا يعني أن أميركا تعلم بأن قيادة القاعدة في إيران، وبأن قيادات جماعاتٍ إرهابية إسلامية، سنية وشيعية، أخرى تجد لها ملاذا آمناً في إيران، وبأن النظام الإيراني يقدم لها الدعم المالي والتسليحي والتخطيطي لتقوم بعمليات إرهابية حول العالم، ولكنها، رغم ذلك، تلاحق ذيول الأفاعي وتترك رؤوسها الكبيرة الفاعلة تعيش بأمان في إيران.

والمثير للاستغراب أن النظام الإيراني، منذ قيامه في 1979 برعاية الحكومة الفرنسية ومباركة أميركية داعمة، لم يتوقف ولو يوما واحدا عن القيام باعتداء، أو التخطيط لاعتداء، أو التهديد باعتداء ضد دول الجوار، حكوماتٍ وشعوبا، وضد دول العالم الأخرى، ومنها أميركا ذاتها، ولا يعاقب.

ومنذ قيامه والعالم منشغلٌ بأخباره المؤذية المقلقة المرعبة، وبتحليل أفكاره العدائية، وبتعداد جرائمه المختلفة.

وفي التعامل مع هذا النظام المعتدي الإرهابي الذي لا يتستر على عدوانيته وإرهابه ولا ينكر جرائمه المدمرة، بل يباهي بها ويعد بالمزيد منها، هناك نوعان من الحكومات،

الأول، دول كبرى تدعمه وتناصره، وتتاجر معه، وتزوّده بالأسلحة، وتتعاون معه على تطوير أسلحة، بدوافع انتهازية اقتصادية أو سياسية خاصة، كروسيا والصين وكوريا الشمالية.

الله حرم المرشد الأعلى من الذكاء، وجعله مولعا بالقتل والحرق والتفجير والتهجير والتدمير، والتفنن في اختراع أساليب القمع والقهر والظلم، ونهب خيرات الإيرانيين والمستعمَرين المستغفَلين العرب الآخرين

والثاني، حكومات أخرى، ومنها أميركا الدولة الأكبر في العالم في العصر الحديث، تتجنب الصدام معه، من جهة، وتحاول، من جهة أخرى، ترضيته من أجل احتوائه وحمله على التوبة والعودة إلى العقلانية والتعايش السلمي مع دول الجوار ومع العالم، ولكن دون جدوى.

وهكذا استمر الحال، بكل شروره ومآسيه ومجازره وحرائقه، اثنين وأربعين عاما.

في حين أن أميركا وحليفاتها الأوروبية لم تحتمل نظام صدام حسين طويلا، وخططت لغزوه وإسقاطه بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وعلاقته بالقاعدة. ثم تبين أن التُهمتين باطلتان، باعترافٍ علني أميركي وأوروبي رسمي وشعبي وإعلامي، ولكن بعد خراب مالطة.

وهنا تأتي النقطة الحساسة في هذا المقال. فإذا كانت لأميركا وأوروبا ودول كبرى أخرى كروسيا والصين مصالح ورؤى معينة جعلتها تُطيل عمر هذا النظام الأحمق المتهور الشرير اثنين وأربعين عاما، وتخيّب آمال الشعوب المتضررة من جرائمه، وتصيبها باليأس والإحباط، وتُفقدها أملها في صحوة ضميرٍ محتملة عند هذه الدول الكبرى تدفعها إلى القيام بعمل جاد وحازم وحاسم لوضع نهاية لهذا المسلسل المأساوي المرير، فإن أملا آخر في الخلاص يتولد لدى هذه الشعوب من غباء هذا النظام نفسه الذي زاد عن حدّه المحتمل، والذي لا بد أن يُسقطه، ذات يوم. فالظلم إذا دام دمّر.

فما فعلته قيادة النظام بالشعب الإيراني قبل غيره، ثم بشعوب العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبكل أرضٍ وطأتها أقدام ضباط الحرس الثوري أو جواسيسه، لا يمكن اعتباره إلا غباءً مُركّبا لن يعود على صاحبه سوى بالخيبة والخسران، في النهاية، ومهما طال الانتظار.

فلو كان النظام الإيراني ذكيا وحصيفا ولمّاحا وحاذقا في السياسة وفي ترويض الشعوب، لكان نقمةً ما بعدها نقمة. وبدل أن يزول احتلاله في أعوام سيبقى كاتماً على أنفاس رهائنه الإيرانيين والعراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين والبحرينيين والكويتيين والسوريين والفلسطينيين عشرات السنين، وربما مئاتها، والعياذ بالله.

نعم لو كانت قيادة النظام ذكيةً وذات بصر وبصيرة لأنفقت موارد الدولة الإيرانية الهائلة على المواطن الإيراني، ووفرت له العيش الآمن الكريم، دون قمع وإرهاب وفساد ورشوة، وعاملت القوميات الأخرى غير الفارسية بالحسنى، ولم تستخدم سياسة التفريس ضدها لتجعلها ناقمة وحاقدة، بعضُ مواطنيها مغيب، وبعضهم الآخر مهجر أو مهاجر أو لاجئ في بلاد أخرى ينتظر موعد الانفجار الكبير، لعاش النظام نفسه أطول، ولكن في أمان أكثر بجبهة داخلية مرصوصة تقف وراءه بصلابة ضد أيّ خطر أجنبي محتمل.

أميركا وحليفاتها الأوروبية لم تحتمل نظام صدام حسين طويلا، وخططت لغزوه وإسقاطه بحجة امتلاكه أسلحة دمار شامل، وعلاقته بالقاعدة. ثم تبين أن التُهمتين باطلتان، باعترافٍ علني أميركي وأوروبي رسمي

وفي مستعمرات النظام الإيراني الأربع، العراق وسوريا ولبنان واليمن، لو لم تكن تلك القيادة غبية لاعتمدت سياسة الملاطفة والمهادنة مع أهلها، وانغمست في تنشيط التنمية والعمران، وإقامة المصانع وتطويرها، وإحياء الزراعة، وتحديث الطرق والجسور، والعناية بالتعليم، وتأمين الغذاء والدواء، وتنقية الماء والهواء، ومنعت الفساد وعاقبت على الرشوة، وترَكت الناس، بعد ذلك، أحرارا يقررون بأنفسهم ما يرونه صالحا لهم ولأجيالهم القادمة، لاختاروا استعمارها، ولدافعوا عن جواسيسها، ولارتضوا العيش تحت راية الفكر الخميني، ولكانوا أكثر من الفرس، أنفسهم، حماسةً لإقامة الامبراطورية الفارسية التي أصبحت عظاما بالية وتريد القيادة الإيرانية المتخلفة إحياءها وهي رميم

ولكن الله حرم المرشد الأعلى من الذكاء، وجعله مولعا بالقتل والحرق والتفجير والتهجير والتدمير، والتفنن في اختراع أساليب القمع والقهر والظلم، ونهب خيرات الإيرانيين والمستعمَرين المستغفَلين العرب الآخرين، وإنفاقها على تمويل العصابات والميليشيات، وتصنيع المفخخات والمتفجرات، وزراعة المخدرات وتهريبها إلى دول الجوار وأوروبا، وتدبير المؤامرات والاغتيالات والاعتداءات، والتسبب في إفلاس خزائن الحكومات، واختفاء الدواء، وشحة الماء، وفساد الهواء. فتنامى الحقد عليه، وعلى جواسيسه، وتعدد أعداؤه، وتخلخلت جبهته الداخلية، وأصبحت شعوب الدنيا كلها تترقب ساعة الخلاص.

العرب