تعيش محافظات جنوب العراق منذ الأسبوع الماضي على وقع احتجاجات متنامية، للمطالبة بإيجاد حلول سريعة لمشكلات لم يعد المواطن العراقي قادرا على تحملها، وفي مقدمتها البطالة وأزمة الكهرباء والفساد.
وأغلق المئات من المتظاهرين جنوبي العراق الأحد مقرا للحكومة المحلية، احتجاجا على عدم توافر وظائف وفرص عمل.
ووفق شهود عيان “اندلعت مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين، قبل أن يتمكن المحتجون من إغلاق مقر الحكومة المحلية، وسط مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار (جنوب)”.
وأضاف شهود العيان أن الاحتجاج اندلع لمطالبة السلطات بتوفير فرص عمل، لاسيما في شركة نفط ذي قار المملوكة للدولة.
وقال هاني العلي، أحد المتظاهرين، “هناك فساد في ملف التعيينات الحكومية بمحافظة ذي قار (جنوب)”.
وأضاف “المئات من خريجي المعاهد العليا والجامعات يبحثون عن فرص عمل في القطاع العام منذ سنوات، ولكن دون جدوى”.
وتعد محافظة ذي قار إحدى البؤر النشطة للاحتجاجات الشعبية، حيث يقطنها أكثر من مليوني شخص، ويحتج قطاع واسع من سكانها على سوء الإدارة وتردي الخدمات وندرة فرص العمل.
وتبلغ نسبة البطالة في العراق، الغني بالنفط، 27 في المئة فيما تبلغ نسبة الفقر 31.7 في المئة، وفق أحدث إحصاء لوزارة التخطيط العراقية.
ويشهد العراق احتجاجات مستمرة على نحو متقطع منذ أكتوبر 2019، بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، واستمرار الفساد المالي والسياسي.
ويومي الجمعة والسبت، تظاهر المئات من العراقيين في محافظات جنوب البلاد احتجاجا على شحّ التيار الكهربائي، في وقت تسجّل فيه البلاد درجات حرارة تفوق الخمسين درجة مئوية.
وتعد البنية التحتية المتهالكة جراء الحروب وتفشي الفساد من أسباب أزمة الكهرباء، عدا عن فلول تنظيم داعش الذين حولوا أهدافهم نحو أبراج الطاقة في محاولة لإضعاف العراق، وذلك في ظلّ توقف خط الإمداد مع إيران منذ نهاية يونيو.
وتقول السلطات العراقية إنّها تواجه صعوبات في جباية عائدات فواتير التيار الكهربائي، إضافة إلى ارتفاع حالات التزوّد به بأساليب غير مشروعة.
ووفق إحصاءات رسمية، كلف الفساد الدولة العراقية 450 مليار دولار منذ 2003، نقل ثلثها إلى خارج البلاد، وتساوي نصف العائدات النفطية ومرتين إجمالي الناتج الداخلي للبلاد.
ويعتبر فساد المسؤولين من مختلف الدرجات وكذلك قادة الأحزاب أمرا اعتياديا في العراق، ولذلك تحوّلت محاربة الفساد إلى مطلب شعبي مرفوع بشكل رئيسي في الاحتجاجات والمظاهرات التي لا تكاد تنقطع في البلد، خصوصا منذ خريف سنة 2019 الذي كان منطلق انتفاضة شعبية عارمة.
ويخطط العراق لبناء 8 مفاعلات طاقة نووية بحلول العام 2030 لإنتاج 8 آلاف ميغاواط شهريا من الكهرباء، أي ما يعادل 25 في المئة من مجمل احتياجاته، ما قد يقلل اعتماده على الخارج، وفق ما أكد الثلاثاء مسؤول عراقي.
ويرفع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي شعار مكافحة الفساد، لكنّ مراقبين يشككّون في قدرته على المضي بعيدا في اجتثاث الظاهرة، نظرا لكون قوى نافذة متورّطة فيها وأثبتت في أكثر من مناسبة قدرتها على حماية نفسها من المحاسبة.
وفي أغسطس الماضي شكل الكاظمي لجنة خاصة للتحقيق في ملفات الفساد الكبرى، وأوكل مهام تنفيذ أوامر الاعتقالات إلى قوة خاصة برئاسة الوزراء.
صحيفة العرب