منذ فترة طويلة، توجّهت الشركات الصينية الساعية للحصول على الرساميل إلى سوق الأسهم الأميركية، للاستفادة من المستثمرين الأثرياء، حيث جمعت أكثر من 100 مليار دولار عبر مبيعات الأسهم للمرة الأولى على مدار العقدين الماضيين، في تدفق مالي كان مربحا للغاية بالنسبة لجميع المعنيين، وهم، تحديدا، المؤسّسون والمصرفيون والمستثمرون الأوائل كما المساهمون الجدد.
لكن يبدو أن كل هذا الاتجاه بات الآن جاهزا للتغيّر، بعدما تعهدت السلطات الصينية بكتابة قواعد جديدة للشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام خارج البرّ الرئيسي وتكثيف الرقابة على الشركات التي تتداول بالفعل خارج البلاد، فيما ليس من الواضح ما إذا كان الطرح العام الأولي المثير للجدل والخاص بشركة “ديدي غلوبال” Didi Global Inc في يونيو/حزيران الماضي هو الحافز وراء التدابير الجديدة، إذ تتخذ الولايات المتحدة خطوات لإجبار بعض الشركات الصينية على فتح دفاترها للتدقيق أو مواجهة الشطب من لوائح البورصات.
وفي كلتا الحالتين، يُعد ذلك بمثابة تغيير كبير بالنسبة للشركات الصينية التي تمثل نحو 4% من سوق الأسهم الأميركية البالغة رسملتها السوقية 50 تريليون دولار، وكذلك الأمر بالنسبة لداعمي الأسهم الخاصة في بورصة “وول ستريت”.
وتبدو الأمور سائرة باتجاه مواجهة بين بكين وواشنطن، خاصة بعدما اقترحت “إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين”، الجهة المنظمة للإنترنت، قواعد جديدة صارمة بشأن الإدراج في قوائم البورصات الخارجية، حسبما أوردت “بلومبيرغ”، بحيث سيُطلب من الشركات التي لديها بيانات عن مليون شخص على الأقل، الخضوع لمراجعة الأمن السيبراني قبل أن تتمكن من إجراء الاكتتاب العام الأولي خارج بالبلاد، للنظر في مخاطر الأمن القومي المحتملة من هذه الاكتتابات العامة.
ويُقال أيضا، إن المنظمين يفكرون في مطالبة الشركات التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام باستخدام “هيكل كيان المصلحة المتغيرة” للحصول على الموافقة على عروض أسهم إضافية في الخارج، علما أن المقصود بهذا الهيكل (VIE) شركة أجنبية وهمية أُسّست في أماكن مثل جزر كايمان أو جزر فيرجن البريطانية ظاهريا خارج نطاق اختصاص الهيئات التنظيمية الصينية، وهذا من شأنه أن يؤثر على شركات مثل “علي بابا” القابضة Alibaba Group Holding Ltd.من جانبها، الولايات المتحدة، وبموجب قانون صدر في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، في ديسمبر/كانون الأول 2020، قد تواجه الشركات الصينية الشطب إذا رفضت تسليم بياناتها المالية إلى الجهات المنظمة الأميركية.
وقد بدأت “لجنة الأوراق المالية والبورصات” في مارس/آذار 2021 في تطبيق القواعد الجديدة التي تتطلب فحص الولايات المتحدة المعلومات المحاسبية المنجزة للشركات الصينية.
لكن لطالما رفضت الصين السماح لـ”مجلس الرقابة على المحاسبة العامة” في الولايات المتحدة بفحص عمليات تدقيق شركاتها، بحجة الأمن القومي.
ويرد المشرّعون الأميركيون على أن هذا الرفض يُعرض المستثمرين لمخاطر، مثل عمليات الاحتيال، وأنه ليس من المنطقي السماح للشركات الصينية بجمع الأموال في الولايات المتحدة من دون الامتثال لقواعد الأوراق المالية الوطنية.
صحيفة العربي الجديد