أطلق نشطاء عراقيون، على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة واسعة، طالبت بطرد السفير الإيراني لدى بغداد، إيرج مسجدي، بسبب عدم الاستجابة للمطالب السياسية والشعبية، بشأن إمدادات الغاز، ومياه الأنهار العراقية، وهو ما انعكس سلباً على حياة المواطنين، في ظل الارتفاع الهائل لدرجات الحرارة.
وكانت بغداد أعلنت، الأحد، أن إيران “قطعت المياه بشكل تام عن العراق”، ملوحة باللجوء إلى المجتمع الدولي في حال استمر الوضع.
وقال وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني إن “الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفرا”، فيما أشار إلى “اتخاذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى” شرقي العراق.
واعتبرت خطوة إيران الأخيرة تجاوزا واضحا لكل القوانين والأعراف التي تُنظم حقوق الدول في الأنهار العابرة للحدود.
يأتي ذلك بالتزامن مع انخفاض إمدادات الغاز الإيراني إلى نصف معدلاته، بسبب عدم قدرة العراق على تسديد المستحقات المالية، إثر العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وهو ما انعكس سلباً على واقع الطاقة في البلاد، وصولاً إلى الانهيار التام مطلع الشهر الجاري، عندما توقفت محطات البلاد بشكل تام عن العمل في وقت واحد.
غضب شعبي
وأثارت تلك السياسية، ردود فعل شعبية وسياسية غاضبة، إذ طالب مدونون عراقيون، بطرد السفير الإيراني، لعدم التعامل مع العراق، وفق السياقات القانونية، والأطر الدولية، خاصة في ملف المياه، بعد توقف تام لها، على رغم أهميتها لعدد من الأنهار والروافد العراقية، في عدة محافظات.
وأرسلت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة.
وتفاعل آلاف العراقيين مع هاشتاغ #طرد_السفير_الإيراني، حيث نشروا صوراً للمناطق المتضررة من انعدام المياه، ومقاطع مرئية لنفوق الحيوانات في بعض مدن البلاد، فضلاً عن هلاك آلاف الدونمات من المزروعات وتأثرها سريعاً بانقطاع المياه.
وكتب الناشط العراقي، عباس الطائي، تدوينة قال فيها: إن “غلق السفارة وطرد السفير الإيراني أقل شيء تفعله الحكومة تجاه التجاوزات الإيرانية.”
فيما علّق المدون علي حسنين قائلاً: “الجمهورية الإسلامية هي ليست إسلامية؛ بل هي جمهورية إرهابية انتقامية تعيش من خلال سرقة وتدمير البلدان التي دخلت فيها العراق واليمن وسوريا ولبنان.. بلدان دمرت بسبب جرثومة اسمها إيران”.
بينما كتب المهندس كرار الأسدي على “تويتر” قائلاً: ” طرد السفير الايراني أصبح ضرورة ملحة لكثرة مشاكلها وغلق جميع سفاراتها وقنصلياتها ووقف التعامل معها”.
وتحول الهاشتاغ، المخصص لوضع المياه والطاقة في العراق، إلى مناسبة للتذكير بما يصفه نشطاء بـ”جرائم” إيران، مثل إنشاء ميليشيات مسلحة موازية، وفتح عمليات التهريب إلى العراق، وتعزيز بيئة الفساد، عبر وكلائها، ومنع الانفتاح مع المحيط العربي والدولي، وفرض الهيمنة بالقوة والمجموعات التابعة لها.
النائب في البرلمان العراقي، يونادم كنا، قال إن “ما يحصل من قبل إيران وتركيا، يمثل خروجاً عن القوانين الدولية، والأطر القانونية، التي قررت المشاركة في الأنهار، فضلا عن أن الجفاف بصورة عامة يضرب الكرة الأرضية”.
ويضيف النائب العراقي في حديث مع “سكاي نيوز عربية” أن “التوجه العراقي صار إلى مفاتحة المجتمع الدولي، بحقّنا في المياه، وحل تلك المسألة وفق القوانين الدولية”، مشيراً إلى أن “ما يحصل يمثل أيضاً دليلاً على فشل الأداء السياسي، إذ دخلنا في أزمة حقيقة بشأن الماء والكهرباء”.
ولفت إلى أن “تلك الدول إذا أرادت بناء نفسها، وإنشاء سدود أو أية مشروعات، لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب الوضع العراقي الداخلي، وإنما يجب الأخذ بنظر الاعتبار، الاشتراك في تلك الانهار، لكن للأسف ذلك لم يحصل”.
ويواجه العراق خطر جفاف هو الأول من نوعه منذ عقود بسبب تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات إثر مشاريع السدود التركية الأخيرة، وقطع إيران عدة روافد وأنهار كانت ترفد نهر دجلة والأهوار العراقية بالمياه.
وفي الإجمال، تضرّر سبعة ملايين عراقي من نحو 40 مليوناً، من “الجفاف والنزوح الاضطراري”، وفق ما ذكره الرئيس العراقي برهم صالح، في تقرير أصدره عن التغيّر المناخي.
وتقول لجنة الطاقة في البرلمان العراقي، إن ما يصل من الغاز الإيراني الآن هو نصف المتعاقد عليه، وهذا يعود إلى عدم القدرة على تسديد الديون المترتبة على العراق، بسبب العقوبات، وكذلك حاجة إيران إلى الطاقة.
ويعتمد العراق على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في جنوب البلاد وفي حال توقف إيران عن إمداد العراق بالغاز فإن العجز في الكهرباء في البلاد قد تتجاوز نسبة الثلث.
ويصل الغاز الإيراني إلى العراق عبر خطي أنابيب يصلان إلى 4 محطات لتوليد الكهرباء في البصرة والسماوة والناصرية وديالى وقد تراجع إنتاج هذه المحطات بشدة مما يشير لتوقف إمدادات الغاز الإيراني.
وحسب مركز إدارة معلومات الطاقة الأميركي فإن 23 بالمئة من الكهرباء التي أنتجها العراق كان بإمدادات الغاز القادمة من إيران خلال عام 2019 بينما استورد نحو 5 في المئة من حاجته من الكهرباء من إيران في ذلك العام.
وخلال جلسة مجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، بدا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، “غاضباً” وتساءل عن سبب إنشاء محطات غازية خلال السنوات الماضية، على رغم عدم امتلاك العراق، لهذا الوقود، في وقت كان يمكن إنشاء محطات تعمل بوقود آخر يتوفر في العراق.
الشرق الاوسط/ سكاي نيوز